ذي قار / حسين العامل
في وقت اعلن فيه جهاز الامن الوطني عن اعتقال 31 متهما بالانتماء لحركة القربان المتورطة بدفع اتباعها للانتحار، حذر ناشطون في ذي قار من اتساع نشاط الحركة المذكورة التي تسببت بانتحار 7 اشخاص في ذي قار خلال النصف الاول من العام الحالي، داعين المرجعية والجهات الحكومية الى التدخل لتصحيح افكار الحركات الدينية المتطرفة. وقال احد الناشطين المعنيين بمتابعة نشاط الحركات الدينية المتطرفة للمدى ان" حركة القربان او (العلي اللاهية) تستخدم القرعة لتقديم القربان ومن يقع عليه الاختيار عليه ان يقوم بالانتحار والا يقتل حال تراجعه عن ذلك". وكشف المصدر الذي فضل عدم الافصاح عن اسمه عن طريقة اجراء قرعة الانتحار لتقديم القربان في المناسبات الدينية والتي تتمثل بإشعال شموع بواقع شمعة لكل فرد من الافراد المجتمعين في حلقة واحدة ومن تنطفي شمعته أولا يكون هو القربان في هذه المناسبة.
وتحدث المصدر عن رصد 7 حالات انتحار جرت بتأثير افكار هذه الحركة من بين 45 حالة انتحار شهدتها محافظة ذي قار خلال النصف الاول من عام 2024.
ويجد الناشط المدني ان "معظم افراد الحركة هم من الاميين والمتسربين من المقاعد الدراسية والعاطلين عن العمل والذين يمرون بحالة يأس واحباط في حياتهم"، مبينا " انهم يدعون الشخص اليائس من الحياة للانضمام لهم ومن ثم اقناعه بلا جدوى الحياة وان الخلاص هو الافضل عبر تقديم نفسه كقربان (مقدس) يضمن له الخلود ورفاهية الجنة في الحياة الاخرة". واشار الى ان" التقى بأحد ممن عرضوا عليه تلك الفكرة والانضمام للحركة ولحسن الحظ كان متعلما فرفضها ونجا بنفسه". ويرى المصدر ان "انتشار جماعة القربان يجري عبر استغلال المناسبات الدينية واللقاءات المباشرة خلال مواكب الزيارات الدينية حيث يستهدفون افراد معظمهم من غير البالغين وبأعمار من 14 – 17 عاما ومن الاميين وغير الواعين وذلك عبر استدرار عواطفهم واستغلال اندفاعهم وحبهم لآل البيت ولاسيما الامام علي بن ابي طالب (ع)".
واكد "انتشار واتساع نشاط الحركة في محافظة ذي قار خلال الاعوام الاخيرة بعد ان كان مقتصرا على قضاء سوق الشيوخ ليشمل وحدات ادارية اخرى في المحافظة من بينها كرمة بني سعيد والجبايش والاصلاح والفهود والرفاعي والشطرة وغيرها من المناطق"، لافتا الى " نشاط الحركة في محافظات اخرى كالديوانية وواسط والبصرة والديوانية والنجف والسماوة". ويرى المصدر ان" الحد من نشاط هذه الحركة لا يستدعي تفعيل القانون واجراءات الاعتقال فحسب وانما يتطلب حملات توعوية لتصحيح الانحراف الفكري والديني الذي وقع فيه اتباع تلك الجماعة"، مشددا على اهمية تفعيل دور المرجعية الدينية لتصحيح نهج ومسار قادة وشيوخ هذه الحركة وهم معروفون على حد قول المصدر". وبين ان " مثل هذا الاجراء حتى وان حصلت فهي تمثل خطوة متأخرة بعد ان استشرى خطر هذه الحركة والحركات الاخرى المتطرفة والمتشددة"، منوها الى ان " الامام علي سبق وان حارب نهج (العلي اللاهية) الذي تتبعه حركة القربان". ومن جانبهم يرى ناشطون اخرون ان " اجراءات اعتقال اتباع حركة القريان غير كافية ولا تحد من نشاط الحركة بصورة فاعلة ما لم تقترن بمراجعة ومواجهة فكرية وحملة توعوية لتقويم النهج المتطرف الذي تتبعه الحركات المتشددة والمنحرفة".
وبينوا في حديث للمدى ان "الحركات المتطرفة تلجأ الى اضفاء صبغة دينية لتمرير افكارها ونشاطاتها وهذا الامر يستدعي تدخل المرجعية لكشف توجهات تلك الحركات وتبيان خطل وعدم صواب افكارها". واكدوا اثر الامية والبطالة وضعف الوعي في استدراج الشباب للانضواء في هذه الحركة، داعين الى معالجة مشكلة البطالة ومحاربة الجهل والامية ونشر الوعي والارتقاء بمستوى التعليم المتدني وتوفير مراكز ووسائل ترفيه للشباب لغرض انقاذهم من حالتي الياس والاحباط التي يعانون منها ناهيك عن الحد من ظاهرة تعاطي المخدرات ومعالجة اسباب ودوافع الانتحار. وكان الناطق الرسمي باسم جهاز الأمن الوطني، ارشد الحاكم أعلن مؤخرا عن اعتقال 31 متهما من اتباع حركة القربان واوضح في بيان تابعته المدى انه" نفذ ابطال جهازنا عملية استخباراتية ناجحة تمثلت باختراق احدى الحركات التي تدعو لسلوكيات متطرفة وتروج لأفكار منحرفة، واضاف ان " عملية المتابعة والاختراق جرت بعد ان سجلت اكثر من خمس حالات انتحار في محافظة واسط لشباب تقل اعمارهم عن 22 عاما". واستطرد الحاكم " كما وكثفت مفارزنا من جهودها الاستخبارية لتتمكن من القاء القبض على احد افراد هذه الحركة قبل ان يقدم على الانتحار" ، واضاف " وبعد التعمق بالتحقيق معه اعترف بانه ينتمي الى حركة سلوكية منحرفة تطلق على نفسها اسم القربانيين او (العلي اللاهية) حيث اعترف بان اعضاء هذه الحركة يمارسون سلوكا غريبا عن طريق اجراء قرعة بينهم ومن يقع عليه الاختيار يقوم بالانتحار وشنق نفسه". وتابع المصدر " وبعد التحري ومقاطعة المعلومات جرى القاء القبض على 31 متهما في هذه القضية نشطوا في محافظات واسط والبصرة والناصرية ولا تزال التحقيقات جارية معهم لمعرفة دوافع هذه الحركة ومن يقف خلفها ومصادر تمويلها ".
وتشير تقارير إلى أن “العلاهية”، ويطلق عليها أيضا اسم “القربان”، حركة ظهرت في البصرة وذي قار مطلع عام 2020، أسسها شخص مُقيم في إيران يُدعى المولى، وباتت تعرف اليوم بالعلاهية، ويتوزع أتباعها المقدرة أعدادهم بنحو 2500 شخص في محافظات جنوب العراق، وتوجد مقاطع فيديو تظهر نشاط هذه الحركة أثناء أيام محرم وهم يذكرون بأن “علي هو الله”، ولهم لطمية تتضمن عبارات من قبيل: “منو كايل علي الله.. علي خالق ألف الله”.
واثارت حالات الانتحار التي سجلتها محافظة ذي قار في (اواسط نيسان 2024) والبالغة 5 حالات، القلق بين الاوساط المجتمعية والرسمية، وذلك وسط اتهامات مجتمعية لجماعة دينية متطرفة تدفع بالفتيان للانتحار وتقديم انفسهم كقربان ديني، فيما كشف رئيس لجنة الصحة والبيئة في مجلس المحافظة عن دعوة لاجتماع طارئ للمجلس لبحث اسباب ودوافع الانتحار ووضع المعالجات الممكنة.
وتربط المعلومات المتداولة حول حالات الانتحار المذكورة بين ثلاثة من تلك الحالات المتزامنة وتوجهات دينية متطرفة تتبناها حركة القربان التي تدفع بالفتيان الى الانتحار عبر طقوس غريبة وفق عقيدة متطرفة، اذ تشير الاوساط المجتمعية الى "تكرار حالات الانتحار لأكثر من مرة في قضاء سوق الشيوخ الذي تنشط فيه الجماعة المذكورة.