TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تركيب الفيشة

تركيب الفيشة

نشر في: 5 ديسمبر, 2012: 08:00 م

الزميل  الإعلامي علي الياسي عاد إلى العراق مؤخرا  من الولايات المتحدة في زيارة قصيرة ، وخلال وجوده في بغداد قبل التحاقه بعمله  في واشنطن مذيعا في راديو سوا ،  أخبر زملاءه أنه أثناء زيارته  شاهد  العجائب والغرائب ، تصلح لأن تكون   مادة كتاب بعنوان " رحلة الياسي في  بلد المآسي" ،فعند وصوله إلى المطار دخل بمشادة كلامية مع رجال الأمن احتجاجا على   مطالبتهم بتقديم  بطاقة سكنه في العاصمة بغداد ـ لإثبات حقيقة أنه عراقي ولم ينفعه جواز سفره الصادر من مديرية الجوازات  في إثبات عراقيته المتمسك بها  حتى هذه  اللحظة ،   وبتدخل الخيرين  وعبر  اتصالات هاتفية أجراها زملاؤه  مع المسؤولين ، سمح له بالدخول ،  وكان ذلك الحادث الصفحة هو الأولى في ملف خيبة مريرة لازمته طيلة أسبوعين ، عبر عنها بالقول بأنه فشل في  تركيب ووضع الفيشة في مكانها الصحيح ليحقق  تأقلمه الشخصي مع  الوضع العراقي .
  خرج  الياسي بانطباع عام على الرغم من أنه على مساس يومي مع الاحداث العراقية لطبيعة عمله ، ويتلخص انطباعه  بأن فرص التقدم مستحيلة وعلى المستويات كافة ، وخاصة في القطاع الخدمي ، فالأمور في العراق  بحسب وصفه مثل التيار الكهربائي المتذبذب ،  أضراره أكثر من منافعه ، والمصيبة بنظره أن العراقيين فقدوا الأمل في إصلاح الحال ،  وليس أمامهم سوى انتظار رحمة الله للتخلص من معاناتهم.
الحكومة في أكثر من مناسبة دعت العراقيين  المقيمين في الخراج منذ عشرات السنين من أصحاب الكفاءات للعودة إلى بلدهم ، وأكدت أنها على استعداد لتوفير كل سبل توفير فرص العمل للإفادة من قدراتهم ،  والدعوة أيضا شملت المستثمرين ورجال الأعمال ، وواقع الحال  أثبت أن الاستجابة كانت قليلة وربما معدومة ، لأن توفير بطاقة السكن وتقديمها أمام السلطات في المطار يعد أمرا مستحيلا ، وهذا الأسلوب في  التعامل  يشبه السؤال عن زوجة البغل،   عندما يتعرض المتورط بالعودة إلى الوطن لأسئلة تتعلق بالمستمسكات الأربعة:الجنسية وشهادتها ، وبطاقتي السكن ، والتموينية ، والعراقي المغترب هجر من وطنه في عقد السبعينات لعدم  امتلاكه شهادة الجنسية ، كغيره من مئات الألوف وربما  أكثر تعرضوا لهجرة قسرية بفعل سياسة النظام السابق ، واليوم يطلب منهم تقديم بطاقة السكن ، وصحة الصدور للسماح لهم بمغادرة قاعة المطار  والوصول سالما غانما إلى ساحة عباس بن فرناس ثم التوجه إلى  مكان يؤويه لحين ترتيب أوضاع السكن ، والدخول في سلسلة طويلة من مراجعة الدوائر الرسمية   .
 زيارة الزميل الياسي ، جعلته يعيد النظر برؤيته المتفائلة حول إمكانية  استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في بلد المآسي وخرج بنتيجة واحدة،  تتلخص بأن  التذبذب العراقي سببه  الفشل في وضع " الفيشة" في مكانها المناسب"  لكي تزدهر العيشة"   وهذه الفرضية  لا يوجد بصيص أمل لتحقيقها ،  لأن  هناك  من يصر على معرفة" زوجة البغل " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram