علي حسين
ظل السؤال الذي يشغل الفلاسفة عبر العصور هو :" كيف يمكننا أن نزيد حظوظنا من السعادة ؟". وكان سقراط يصر إن السؤال يجلب لنا الحقيقة وهذه الحقيقة هي التي ستدلنا على السعادة ، في الوقت الذي كان فيه افلاطون يرى ان السعادة تقوم على نوع معين من التناغم والانسجام بين الرغبات والأهداف ، فيما أصر أرسطو أن يخبرنا إن الاحساس بالسعادة سيقودنا إلى السلوك الحسن..وجاء فيلسوفنا الفارابي ليعلن أنّ "السعادة هي أعظم الخيرات". واعظم الخيرات هو ان ينام المواطن مطمئنا على مستقبله ، ساعيا الى المشاركة الجادة في بناء بلاده .
أعرف جيداً أن الكثير من القرّاء الأعزاء يجدون في حديثي عن السعادة في هذا الوقت الذي تحاصرنا فيه الحروب واعتني بها ال نوعاً من الترف، لكنك ياعزيزي القارئ عندما تعرف أن بلدانا عملت من اجل ان تبقى على قائمة السعادة ولسنوات متواصلة مثل الامارات وفلندا ، ستدرك جيدا لماذا تفرح بلاد مثل العراق لانها حصلت مؤخرا على المركز الخامس عربيا والمركز الـ " 98 " عالميا ، فيما كان مؤملاً لبلاد الرافدين ان تكون بلداً مثل اليابان أو ألمانيا لوفرة أمواله وعقول أبنائه ، وبدلاً من أن يهتم قادتنا الأشاوس بالبناء والعمران انشغلوا بالحروب ، في العام نفسه واعني به عام 1971 قرر الراحل الشيخ زايد تأسيس الإمارات العربية، وبعد خمسة عقود تحولت الإمارات إلى واحة من الجمال وورشة للعمل والسعادة، فيما لا يزال العراق يعتبر تبليط شارع إنجازاً ثورياً لا بد من أن يتصدر الصحف ووكالات الأنباء .
نعم ياعزيزي، يستحق الأمر منا أن نلتفت لتجارب السعادة عند الحكومات التي تحترم شعوبها ، لأننا سوف نعرف مدى الفرق بين بناء ناطحات سحاب، وبين دولة تعجز عن توفير الكهرباء ، صرفنا مئات المليارات من أجل أن نثبت للعالم أننا نعشق "السيادة"، لكننا في الوقت نفسه حرمنا المواطن البسيط من أن يتمتع ولو بشيء بسيط من الرفاهية الاجتماعية . نتحدث عن تجارب الحكومات التي أشاعت نظام الكفاية لكل المواطنين.. مع شعار الحق في الرفاهية والسكن والصحة والتعليم.
اليوم تقاس رفاهية البلدان بما تقدمة لمواطنيها ، وحين تتربع الامارات على عرش السعادة في البلدان العربية بينما العراق ينافس ليبيا في سلم القائمة ، فهذا يعني ان عليك عزيزي القارئ ان تعيد النظر في مفاهيم الحكم ، فلم تعد الدول تتباهى بالصواريخ العابرة للقارات ولا بالشعارات الثورية ، فقد انتصرت في النهاية بلدان مثل فنلندا والامارات لانها منذ سنوات تتربع على عرش البلدان الاكثر سعادة ورفاهية .