حسين علي الحمدانيمثّل غزو الكويت من قبل النظام المباد سابقة خطيرة في العلاقات بين الدول بصورة عامة وعلاقات الدول العربية في ما بينها بصورة خاصة ، وكانت من تداعيات هذا الغزو أن أصدر مجلس الأمن الدولي عددا كبيرا من القرارات الملزمة ومن ضمنها قرارات حظر تصدير الكثير من المعدات والبضائع والمستلزمات التكنولوجية للعراق ، وما عرف في حينه بالحظر الاقتصادي الذي ظل العراق منذ عام 1990 حتى 2003 يعاني من تداعياته على مقومات الحياة في هذا البلد الذي عانى شعبه كثيرا جراء هذا الحظر .
ولم يكن سقوط النظام على يد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كافيا في حينه لإخراج العراق من طائلة الحظر المتعدد والشامل ، وعلى ما يبدو فإن المجتمع الدولي ممثلا بالحكومة الأمريكية وجد بأن الوقت قد حان لتحرير العراق من تبعيات هذا الحظر المتعدد الأشكال والجوانب والمرتبط بقرارات أممية لا يمكن تجاوزها إلا عبر مجلس الأمن الدولي وهو صاحب الشأن في رفعها . لهذا كان صدور القرارين 1957و1958 ، بداية النهاية ، هكذا لخص وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري ، القرارات الأممية الأخيرة التي صدرت يوم الأربعاء 15/12/2010 ، هذه القرارات التي أنهت بشكل كبير جدا مرحلة العقوبات المفروضة على العراق منذ عام 1990 .وإن رفع العقوبات وإنهاء برنامج النفط مقابل الغذاء الذي طبق عام 1996 بناء على القرار الأممي رقم 986 لسنة 1995 ، يمثل حالة كان يطمح إليها الشعب العراقي منذ عام 2003 ، خاصة وإن هذه القرارات جاءت في حينها لغرض معاقبة نظام جر المنطقة والعالم لويلات وحروب ودمار وليس لمعاقبة شعب بشكل مستمر .وبالتأكيد فإن القرارات الكثيرة التي صدرت منذ الثاني من آب عام 1990 وحتى قبيل سقوط النظام المباد كانت جميعا تستهدف النظام ورأس النظام ولا تستهدف الشعب العراقي، وبالتالي فإن مبررات بقائها انتهت بسقوط الطاغية ، ووفق هذا سعت الدبلوماسية العراقية على تهيئة الأجواء المناسبة وبلورة رؤى مشتركة مع المجتمع الدولي وعبر قنوات مجلس الأمن من أجل إخراج العراق من فصل العقوبات، وهذا ما تجلى بوضوح في جلسة مجلس الأمن التي وصفها الأمين العام للأمم المتحدة ( نقطة تحول للعراق ) والتي كانت برئاسة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لكون الولايات المتحدة الأمريكية هي رئيسة مجلس الأمن لهذا الشهر، وبالتالي فإن حضور نائب الرئيس يعطي دعما كبيرا للحكومة العراقية المقبلة خاصة وان الرجل أثنى على الديمقراطية العراقية وأشاد بالتحسن الأمني في البلد، وهذا ما شجع حلفاء أمريكا على المضي قدما في التصويت لصالح القرارين مع تحفظ باريس على برنامج النفط مقابل الغذاء بسبب وجود إشكاليات لدى بعض الشركات الفرنسية ، فيما كانت الصين متحفظة لكون العراق لم يوقع بعد على اتفاقية حظر الانتشار النووي .ومع كل هذا فالمجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن اقتنع بأن العراق يسير بالطريق الصحيح ، وهذه القناعات لم تأت من فراغ أو مجاملة بقدر ما هي واقع ملموس ، أثبتت القيادة العراقية حسن تعاملها مع الكثير من الملفات التي ظلت عالقة لفترة من الزمن وفي مقدمتها بالتأكيد ملف العلاقات الكويتية التي شهدت تطورات إيجابية كبيرة في السنتين الأخيرتين ، ناهيك عن التعهدات العراقية المستمرة بإنهاء ملفات ترسيم الحدود البرية والبحرية مع الكويت، وهذا ما تم بالفعل قبل أشهر قليلة ، إضافة إلى التزام العراق بدفع 5% من عائدات النفط العراقي لتسديد تعويضات الغزو الصدامي لهذا البلد ، وقد قطع العراق شوطا كبيرا في دفع المجتمع الدولي لاتخاذ هذه القرارات التي رفعت الحظر عن استيراد التكنولوجيا بما فيها التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية ، إضافة إلى استيراد الكثير من المواد التي كانت محظورة سابقا بحكم استخدامها المزدوج كالأسمدة الكيماوية للأغراض الزراعية وغيرها .كما إن هذه القرارات بداية الخروج التام للعراق من وصاية الفصل السابع ،هذا الفصل الذي كبل قدراتنا في السنوات الماضية ، وبالتأكيد فإن تحديات كبيرة ومهام كثيرة تستوجب أن تقوم بها الحكومة العراقية القادمة من أجل كسب المزيد من ثقة المجتمع الدولي الذي بات يرى العراق أكثر أمنا من قبل ، خاصة في ما يتعلق بدوره في حفظ الأمن والسلام في المنطقة .والمجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن وجد بأن الأجواء مهيأة تماما لكي يعود العراق كما كان قبل الغزو الصدامي للكويت ، دون أن ينسى المجتمع الدولي في كلمات ممثلي الدول الخمس عشرة في مجلس الأمن أن يشيدوا بتجربة العراق في مقارعة الإرهاب وقبر الفتنة الطائفية البغيضة من جهة وحثهم قادة البلد على بناء دولة حديثة قائمة على حسن الجوار والتعايش السلمي واحترام حقوق الإنسان .ما يمكن أن نقوله هنا بأن الدبلوماسية ولغة الحوار التي سار عليها العراق في السنوات الماضية قد أثبتت صحتها وصوابها عبر هذه القرارات الأممية التي تعكس بالتأكيد اهتمام المجتمع الدولي بقضية العراق بل وتعاطف الكثير من دول العالم مع الشعب العراقي الذي أثبت حضارية كبيرة وهو يمارس الديمقراطية في ظروف قاسية من الناحية الأمنية، وهذا ما يؤكد إصرار الشعب العراقي على اختيار وسلك طرق الديمقراطية في بناء دولته الحرة واستعادة سيادة البلد التي فرط بها العابثون بمقدرات العراق في حقب ماضية و ما زالت آثارها باقية حتى يومنا هذا. وبا
إلغاء الحظر والخروج من الفصل السابع
نشر في: 18 ديسمبر, 2010: 05:43 م