اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > عقدان من الموازنات الضخمة والخدمات تراوح مكانها: مؤسسات خدمية "عاجزة"

عقدان من الموازنات الضخمة والخدمات تراوح مكانها: مؤسسات خدمية "عاجزة"

نشر في: 4 يوليو, 2024: 12:38 ص

المدى – تبارك المجيد

على الرغم من الموازنات الضخمة التي شهدها العراق خلال العقدين الماضيين، إلا أن مشكلة الخدمات في العراق ما زالت متلكئة، ولم تصل لمستوى طموح المواطن، الذي لا يزال يطالب بتوفير الكهرباء.


يرى مراقبون أن الخدمات في العراق تعتمد إلى حد بعيد على العائد المالي والمنفعة التي تحققها للمسؤولين، حيث إن الخدمة التي لا تدر على أصحاب السلطة مالاً وفيراً تبقى مهملة.
قالت لجنة الخدمات النيابية في تصريح لها أن "هناك عجزا واضح في تقديم الخدمات للمواطنين من قبل الكثير من المؤسسات الحكومية الخدمية المختلفة، رغم وجود كل التخصيصات المالية والقضايا الأخرى، التي ممكن أن تسهل عمل تلك المؤسسات في خدمة المواطن".
تعليقاً على تصريح اللجنة، قال عضو لجنة الخدمات في محافظة الديوانية، إياد الميالي لـ "المدى" إنه يؤيد ما ذكرته اللجنة بشأن عجز المؤسسات الحكومية الخدمية عن تقديم الخدمات بجودة عالية. وأوضح أن هذا يعود إلى طريقة إيصال الخدمة عبر القطاع الحكومي أو الموظف الحكومي، وهي طريقة خاطئة للغاية، وفقاً للميالي. وأضاف أن "أغلب دول العالم تعتمد على القطاع الخاص في تقديم الخدمات في مجالات مثل الماء والكهرباء والتنظيفات ورفع النفايات، وحتى في قطاع الرعاية الصحية وغيرها".
أكد الميالي على أهمية مكافحة العجز في الدوائر الخدمية من خلال تحويلها إلى إشراف وتخطيط ومتابعة وتقييم لشركات القطاع الخاص التي تُسند إليها مهام تقديم الخدمات. ويرى أنه "لا يمكن للموظفين الحكوميين بمفردهم إدارة وتنفيذ كافة الخدمات، لضمان تقديم خدمات ذات جودة عالية للمواطنين".
من جانبه، قال المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، لـ "المدى" إن "الموازنات التشغيلية خلال 21 عاماً بلغت تريليون ونصف دينار، حيث أُنفق ربع الموازنة على مشاريع التنمية، أي ما يعادل 300 مليار دولار، بينما كانت باقي الموازنة تشغيلية".
وأضاف صالح أن "الإنفاق على قطاع الكهرباء يُقدر بـ 85 مليار دولار"، مشيرًا إلى أن "الموازنات منذ عام 2008 تضمنت نحو 7 آلاف مشروع استثماري بتكلفة 200 مليار دولار، لم يُنفذ منها سوى بضع عشرات من المشاريع".
ووفقاً لتصريحات حكومية، فإن حجم الإنفاق على قطاع التعليم بلغ 22 مليار دولار، حيث تخصص الحكومة 1.9 مليار دولار سنويًا فقط لهذا القطاع.
من جانبه، ذكر عضو لجنة الخدمات النيابية السابق، جعفر الموسوي لـ "المدى" وجود كثير من الأسباب التي تؤدي إلى عدم تقديم الخدمات بالمستوى المطلوب. ورجع الموسوي أحد هذه الأسباب إلى "عدم وجود رؤية حقيقية وتخطيطية لموضوع الخدمات، مما يؤدي إلى ضعف في تقديمها".
وأشار الموسوي، إلى أن "المحاصصة تعد أحد العوامل الرئيسة التي تحول دون اختيار الشخصيات ذات المؤهلات المطلوبة لإدارة المؤسسات". وأكد أن الفساد وغياب المتابعة الحقيقية يؤديان إلى تداخل الصلاحيات، حيث ينشغل أغلب أعضاء المجالس بالتنفيذ بدلًا من الرقابة، مما يسهم في الترهل الوظيفي وقلة الاختصاص.
وأضاف، أن "غياب المشاريع الاستراتيجية والتنسيق مع المحافظات في اختيار الشركات المنفذة للأعمال يزيد من تدهور الوضع"، مشيرًا إلى أن بعض القطاعات تحتاج إلى تعاون من قبل القطاع الخاص. ونوه إلى أن شحة المياه في الأنهار الفرعية تؤدي إلى توقف كثير من مشاريع المياه عن العمل، خصوصًا في فصل الصيف.
وأكد على نقص التشريعات التي يمكن أن تدعم قطاع الخدمات، وغياب معامل لتدوير النفايات والطمر الصحي، وشحة مواد تعقيم المياه، وتعطل العديد من محطات المعالجة. وأشار إلى أن "عدم وجود مشاريع مجاري يؤدي إلى رمي المخلفات في الأنهار، مما يسهم في تلوث المياه".
وشدد الموسوي على غياب دور المؤسسات الرقابية على نحو ملحوظ، حيث لا توجد أي مؤسسة رقابية تطالب الحكومة المحلية أو الدوائر الخدمية بخططها السنوية، وتبقى الخطط مجرد أوراق منضدة. وانتقد التدخل السياسي في الدوائر الخدمية، وعدم تشغيل العديد من معامل الأسفلت التي تمتلكها البلديات لتصليح الطرق.
وأشار إلى غياب دور دوائر التخطيط العمراني في متابعة التصاميم الأساسية للمدن، والاعتماد على حلول ترقيعية لا ترتقي لمستوى طموح المواطن. كما انتقد عدم محاسبة المتجاوزين على الأرصفة والطرق والأراضي، ومنع العديد من المشاريع، وعدم وجود استجابة سريعة لشكاوى المواطنين.
وأكد الموسوي، أن "العديد من المسؤولين ليسوا أصحاب اختصاص، ومع ذلك يتم منحهم إدارة أقسام ودوائر دون أي محاسبة تذكر بخصوص الفساد". وشدد على ضرورة إعادة النظر في كافة التفاصيل الخدمية من خلال مجلس الوزراء ووزارة التخطيط وبقية الوزارات ومجالس المحافظات، لافتاً إلى أهمية وجود عوامل تحفيز للعاملين في هذه القطاعات والاهتمام بسلامتهم.
الباحث في الشأن الاقتصادي، عبد السلام حسن حسين، قال إن "ملف الخدمات في العراق لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا، بالرغم من التأكيد المستمر على ضرورة الاهتمام بتقديم الخدمات للمواطن العراقي خلال كافة الحكومات".
وأشار حسين، في حديثه لـ "المدى"، إلى أن "بناء الجسور في زمن الحصار تم من دون تدخل شركات أجنبية، مثل الجسر المعلق. اليوم، يتم افتتاح الجسور الجديدة بسرعة وستغلق سريعًا، مثل جسر قرطبة، لكنها ليست كافية لحل المشكلات كلّياً، حيث تحل فقط ما بين 40% إلى 50% من الزخم المروري".
وأكد حسين أن الحلول في العراق يجب أن تكون فنية وليست علمية بحتة. وأضاف: "الدولة العراقية هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تهتم بمواطنيها على نحو كافٍ، حيث نتأخر دائمًا بدلًا من التقدم".
واختتم حسين تصريحه قائلًا: "إذا كانت الحكومة جادة في احترام المواطن، يجب أن تتولى المولدات، وتحدد تسعيرة الأمبيرات ضمن بطاقة خصخصة حكومية، وليس خصخصة أهلية. الاعتماد على التمويل الذاتي سيؤدي إلى تدمير الوطن والشعب. الحكومة يجب أن تشرف على هذه العملية عبر موظفيها وبنظام دوامين ليلي وصباحي لضمان تزويد المواطنين بالخدمات اللازمة".
قال الخبير الاقتصادي هشام الشماع لـ "المدى"، إنه "بالرغم من مرور أكثر من 20 عامًا من الموازنات الضخمة في تاريخ العراق، التي بلغت أكثر من ترليون ونصف، إلا أن المؤسسات الخدمية لم تقم بدورها الكامل". وأوضح أن المؤسسات "تفككت، حيث لا يوجد تعاون حقيقي بين الوزارات، ووزارة الكهرباء والنفط تلقي كل منهما اللوم على الأخرى في مشكلة الكهرباء".
وعبر الشماع عن أسفه لضياع دور المؤسسات الخدمية نتيجة لجعل كل وزارة مملوكة لوزيرها ممن يمثلون أحزابًا وقوى سياسية، قائلاً: "العراق يُحكم من خلال هذه الوزارات وفقًا لحاجات الكتلة والحزب الذي ينتمي إليه الوزير".
وأكد الشماع أن "الخدمات لا تُقدم إذا لم يكن عائدها المالي كبيرًا ويُلبّي حاجات الكتلة السياسية التابعة للوزارة". وتسائل: "ما معنى أن تطلق الحكومة على نفسها (حكومة خدمات)؟"، مضيفًا أن "كل حكومة يجب عليها أن تقدم الخدمات للشعب، سواء كانت أمنية، صحية، أو قانونية".
وأضاف أن "الوزارات هي أجهزة خدمية بجانبيها التشغيلي والاستثماري لتطوير القدرات الإنتاجية، لكن الجانب الاستثماري أُهمل لصالح الجانب التشغيلي، الذي يركز على تقديم خدمات كاذبة ولا توجد خدمات حقيقية".
وأشار الشماع إلى تصريحات وزارة الكهرباء التي تحاول تبرير المشاكل بإلقاء اللوم على قطاع النقل والتوزيع، مؤكدًا أن الحكومة تعلن حاجة لعشر سنوات أخرى لحل المشكلة. وقال: "الشعب لا يمكن أن ينتظر أكثر، وهل يقبل الشعب اليوم سوء الكهرباء مقابل الاحتفال بعيد الغدير؟". وأوضح أن هذه المناسبات تُستغل لتُلهي الشعب عن مشكلاته.
وختم الشماع بقوله: "التظاهرات الآن تمثل مجموعة من الشباب الواعي المنتفض، على الرغم من وجود الغالبية العظمى من الشعب المخدرة بالكلام المعسول والمقولات الروحانية التي تشد الفراغ الفكري الذي حُرموا منه لفترة طويلة في السابق".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

حكومتي ديالى وكركوك ورئيس البرلمان في سلة واحدة!

عقدان من الموازنات الضخمة والخدمات تراوح مكانها: مؤسسات خدمية "عاجزة"

صورة اليوم

العراق يستعد للإعلان عن خلوه من التلوث الإشعاعي

الخدمات النيابية تكشفعن "الحل الأمثل" للسيطرة على أسعار العقارات

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

حكومتي ديالى وكركوك ورئيس البرلمان في سلة واحدة!
سياسية

حكومتي ديالى وكركوك ورئيس البرلمان في سلة واحدة!

بغداد/ تميم الحسنتنتظر 3 مناصب رفيعة معطلة منذ اشهر اتمام صفقة سياسية قد تعقد قريبا في بغداد، او ستكون الخيارات البديلة غير مريحة لبعض الأحزاب.وتوضع مناصب؛ رئيس البرلمان، محافظ كركوك، ومحافظ ديالى، والتي تعثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram