عرض علاء المفرجي

في روايتها (المنحط) الصادرة حديثا عن المدى بترجمة بسام البزاز، تقدم أريانا هارويكز قصة قوية عن عملية قانونية يُنظر إليها من وجهة نظر المدعى عليه: "كل الحب جريمة، ولكن كيف يمكنني العيش بدونه. عاد الضباب. كنت الوحيد الذي أراد أن يكبر في السن إلى جانبها وأن تكون معجبة بي".
يتكشف من خلال مونولوج متاهة وخانق، مليء بالتفكير المشوه والذكريات المجزأة والتأملات المزعجة. ونتابع فيه كيف وصلت شخصية الراوي، وهو رجل مسن متهم بارتكاب جريمة بشعة عشية عيد الميلاد، إلى تلك اللحظة.
يقرر الرجل القتال حتى النهاية ضد كل شيء وكل شخص، ففي نهاية المطاف، من يستطيع التأكد من أنه ارتكب خطأ؟ من يستطيع أن يلوم نفسه؟ تحت السماء المرصعة بالنجوم، في ليلة شديدة البرودة، كيف يمكنك التمييز بين المواطن الصادق والمجرم؟
ففي رواية عصبية ومثيرة للاهتمام، يتناول هارويكز موضوعًا يصعب هضمه بنص يتمتع بالشعر والقوة الساحقة. دون التخلي عن النقد الاجتماعي والقضايا العائلية، فهو مرة أخرى يزعج عقل القارئ بكل كلمة وكل جملة، من خلال الكشف عن أفكار وانطباعات رجل، في مواجهة مجتمع يطلب منا أن نكون شخصًا ما، يعود إلينا بأسوأ ما في الأمر. ما هي قادرة عليه.
"تمتلك هارويكزعالمًا متينًا خاصًا بها، وهذا ما يحفزها للبحث عما لا يُقال، وما لا يُرى. كتبه على الحواف، في الهوامش. تتحرك شخصياته على الهامش بين القانوني وغير القانوني، ولكن بطريقة يمكن لأي منهم أن يرتكب فعلًا قاسيًا ويعبر إلى الجانب الآخر. كتاباته تدفع وتدًا إلى المناطق المظلمة في الإنسان حتى تظهر الظلال في النور. – استمرارية الكتب "يقترح هارويكز دخول الجحيم ويظهر أن الأمر أفظع بكثير مما يعتقده المرء، لأنه أكثر شيوعًا."
المنحط عمل متطرف وساحق، قطعة نثرية متفجرة، صادقة وحيوية تتميز بالعنف والاثارة الجنسية والسخرية. رواية تغوص في قلب رجل متحرش بجرأة لا مثيل لها نازعة عنه صورة النمطية والمبتذلة حيث تسحبنا هارويكز الى الاعماق الاكثر تطرفاً داخل عقله، بانية علاقة شبه وحشية بينه وبين ضحاياه، انها واحدة من اهم اعمال الكاتبة المتميزة بالفكاهة الساخرة والخفة الكئيبة والمأساة المسلية، حيث سنعيش مع شخصياتها الكريهة الرائحة، الخشنة، العنيفة، والمدفوعة بالشهوة، وهذا ما يجعل من هذه الرواية فعلا اقوى من اي تحليل لهياكل السلطة السائدة، او نقد النظام الابوي، او فضح التمييز الجنسي او العلاقات الغير متكافئة بين الذكور والاناث.
تعد هارويكز أكثر كتاب الادب المعاصر تطرفاً في اختيار الموضوعات الاكثر إشكالية: العنف الاثارة الجنسية، التحرش، الاغتصاب، تفكك الاسر الحديثة. وثمة مقارنات نقدية عديدة بين اعمالها واعمال ناتالي ساروت وفيرجينيا وولف وسيلفيا بلاث. ربما يرجع ذلك الى اسلوبها غير التقليدي وانتقادها للعلاقات الاسرية والرغبات المظلمة التي تدفع الشخصيات الى مصائرها المجهولة.
تتحدث هارويكنز في حوار صحفي كيف دخلت إلى رأس منحرف مثل بطل رواية "المنحط"؟ تقول الكاتبة:

• دعنا نرى. عندما أكتب، لا أفعل شيئًا برمجيًا، فهذا لا يعني أنني سأتجاوز، بل سأحارب ضد أخلاقيات العصر. وهذا ليس في بداهة. لكنني فرضت نفسي شعارًا ألا أكتب مرة أخرى مع امرأة، شخصية أنثوية هي البطلة. حاولت في الروايات السابقة أن أتعمق قدر الإمكان في التعقيد، والعمق، وفي كل الصعود والهبوط العاطفي. وهنا أقول "حسنًا، سأعود إلى النساء،" لكنني كنت مهتمًا جدًا بالدخول إلى ذهن أكثر ما يمكن عكسه لي، وأبعد شخص آخر وهو الرجل وبهذه الدرجة من الإجرام والانحراف.