متابعة / المدى
في إطار حملة عسكرية تشنها القوات التركية داخل الأراضي العراقية عبر محافظة دهوك منذ نحو أسبوع، تقول أنقرة إنها تهدف للقضاء على أنشطة حزب العمال الكردستاني - (PKK)؛ تؤكد مصادر عدة أن العملية تتضمن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة بالمحافظة.
ومن المفترض أن تضاف القاعدة العسكرية الجديدة التي تسعى تركيا لإنشائها إلى ما يزيد عن 27 قاعدة ومركز تدريب للجنود الأتراك داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان. ودفع ذلك بعضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، محمد المحمدي، للتحذير من أن اللجنة "مستعدة إلى اللجوء لكافة الخيارات والخطوات الدبلوماسية في حال شرعت تركيا فعليا في توسيع تواجدها العسكري". وقال المحمدي، في تصريح صحفي "إننا في لجنة الأمن والدفاع نسعى إلى أن تكون البلاد ذات سيادة، خاضعة لسلطة الحكومة العراقية لا غير".
بالتالي "من الطبيعي رفض أي تدخلات خارجية، مثلما نرفض أي منطلقات للاعتداء على الجوار"، أضاف المحمدي.
لكن ميدانيا، بسطت القوات التركية سيطرتها، خلال الأيام الأخيرة، على عدد من القرى في دهوك وسط قصف مدفعي وجوي مكثف أجبر أهالي القرى إلى ترك منازلهم. إذ تقدمت القوات التركية باتجاه قرى باليتي وكاني مآسي، وقرى جبل متين، وقرى بليجان، كوركا، ديمكا بناحية باطوفا بقضاء زاخو في دهوك، ليُجبر الأهالي على ترك آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية بلا رعاية.
وأقامت القوات التركية عدد من حواجز تفتيش عسكرية على طرق رئيسة في تلك القرى التي أخليت نتيجة القصف أو التهديد بالإزالة -حسب تأكيدات من الأهالي- تعمل على تدقيق هويات المواطنين.
ومع ذلك، رأى المحمدي، أن التحذيرات من إنشاء قواعد عسكرية جديدة "لا يزال غير واقعي، إذ حتى اللحظة لم يتطور الأمر لشيء عملي".
وأكد أن "ذلك يبقى مرفوضا بكل أشكاله، وأن اللجنة تناقش الأمر مع كل تطور يحدث، وتدرس كل الخيارات".
ولفت، إلى "إمكانية اللجوء إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في حال قادت تركيا خطوات عملية ع الواقع تخص أي قواعد عسكرية".
وعبر عن "رفض لجنة الأمن والدفاع النيابية لأي تواجد مسلح داخل العراق، سواء يعادي تركيا أو من قواعد أجنبية داخل البلاد". فـ "العراق ذو سيادة وهو من يفرض سيادته"، جملة اختتم بها عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حديثه لرووداو. من جانبها، دعت الخارجية الأمريكية، تركيا إلى التنسيق مع العراق وإقليم كردستان في العمليات العسكرية التي تشنها ضد العمال الكردستاني، ضمن حدود إقليم كوردستان.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، خلال مؤتمر صحفي، إنهم طالبوا تركيا بالتنسيق مع العراق وإقليم كوردستان العراق بشأن العمليات العسكرية التي تنفذها خارج الحدود، وحماية المدنيين.
وأكد ميلر تفهم بلاده للخطر المستمر الذي يسببه وجود العمال الكردستاني.
وكشف مستشار رئيس الوزراء العراقي، إبراهيم الصميدعي، عن وجود تنسيق بين بغداد وأنقرة بشأن العمليات التركية ضمن حدود إقليم كردستان.
وقال الصميدعي، في لقاء متلفز، لأحد القنوات العراقية: إن "هناك تنسيقاً مع الحكومة العراقية بخصوص العمليات العسكرية للجيش التركي ضمن حدود إقليم كردستان".
وأعلنت وزارة الدفاع التركية الأربعاء الماضي، تدمير 37 ملجأ وكهفا ومستودعات يستخدمها عناصر الحزب في مناطق غارا، وهاكورك، وقنديل، وأسوس.
وأشارت في بيان لها، إلى أنه تم "قصف مواقع أخرى في مناطق سلسلة جبل متين المطلة على قضاء العمادية شمالي دهوك، وواديي رشافا وسركلي في المحافظة".
وتجدر الإشارة إلى أن، العمليات التركية تأتي عقب زيارة كان قد أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق في نيسان الماضي، أعلن الجانبان خلالها توقيع أكثر من 20 مذكرة، بينها مذكرة أمنية. قبل ذلك كان وزير الدفاع التركي، زار العراق رفقة كل من وزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، لعقد اجتماع أمني بين البلدين.
وتمخض الاجتماع، عن إنشاء لجان دائمة مشتركة تعمل في مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل، وعقب ذلك أكد فيدان عزم بلاده القضاء على أنشطة "PKK" بالتعاون مع العراق.
والعملية العسكرية التركية الحالية، جاءت بعد اعتبار العراق ولأول مرة حزب العمال الكردستاني "حزبا محظورا" واعتباره "منظمة إرهابية" في آذار الماضي.
وتنضم هذه العملية، إلى قائمة طويلة من الهجمات التي شنتها تركيا خلال النصف الأول من العام الحالي 2024، حيث نفذت "قرابة 1000 هجوم وقصف"، حسب إحصائية أفادت بها منظمة "فرق صناع السلام" الأمريكية (CPT)، في منتصف حزيران الماضي.
وتزعم تركيا أن لها الحق في إنشاء قواعد عسكرية داخل الأراضي العراقية وفقا لاتفاقية أمنية موقعة بين البلدين عام 1984. في حين أكد وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين، أن المحضر الموقع في هذا الخصوص من قبل وزير الخارجية العراقية آنذاك طارق عزيز، مع نظيره التركي، "يسمح للقوات التركية بدخول الأراضي العراقية لمدة عام واحد فقط بمسافة لا تتجاوز 5 كيلومترات".
بينما عبرت تركيا في وقت سابق عزمها إقامة حزام أمني بعمق يتراوح بين 30 و40 كيلومترا داخل الأراضي العراقية بحلول الصيف، أي خلال الوقت الحالي الذي تنفذ فيه أنقرة علمياتها في دهوك.
وبهذا الصدد، كانت منظمة (CPT)، أشارت إلى أن هناك "هدفا من هذا التحرك العسكري التركي، وهو الوصول إلى جبل (هفت تبق) في منطقة (شلادزى)، واحتلال سلسلة جبال (كارا)، مما يتسبب بفقدان 70-75% من سيادة دهوك".