ترجمة / حامد أحمد
تناول تقرير لمعهد الولايات المتحدة للسلام في واشنطن USIP موروث التبعات الإنسانية التي ما تزال تلاحق عوائل نازحة في العراق وذلك بعد مرور عشر سنوات على هجوم تنظيم داعش على مناطق واسعة من البلد، مشيرا الى استمرار وجود تحديات تعيق سهولة اندماج عوائل عادت لمناطقها بمحيطها المجتمعي خصوصا في منطقة الانبار مع مغادرة أكثر من 1,600 عائلة لمخيم الجدعة (أكثر من 6 آلاف شخص) وعودتهم لمناطق سكناهم الاصلية.
ويشير التقرير الى انه رغم تحقق تقدم كبير مهم من ناحية التعافي والاستقرار بعد الحاق الهزيمة بداعش في كانون الأول عام 2017 وعودة ما يقارب من خمسة ملايين نازح من مجموع ستة ملايين الى مناطقهم وإعادة بناء كثير المناطق المتضررة جراء المعارك، فان العراق ما يزال يتعامل مع تحديات موروث انساني معقد يتعلق بعوائل ما تزال نازحة جاءت من مخيم الهول في سوريا ويتم تأهيلها في مخيم الجدعة بمحافظة نينوى حيث تلاحقهم وصمة ارتباطات مع تنظيم داعش تتطلب متابعة واهتماما أكثر.
وبدعم من المجتمع الدولي، بضمنه معهد الولايات المتحدة للسلام، بدأت الحكومة العراقية ومنذ العام 2021 بإعادة عراقيين من مخيم الهول في سوريا، حيث تقوم وزارة الهجرة والمهجرين ومستشارية الامن الوطني وجهاز الامن الوطني بأدوار ريادية بعملية الإعادة وإعادة التأهيل وتهيئة عودة اندماجهم مرة أخرى بمحيطهم المجتمعي. وتشير أرقام رسمية من الجانب العراقي والتحالف الدولي باستكمال نقل أكثر من 2,400 عائلة (أكثر من 9,500 شخص) الى مركز إعادة التأهيل في الجدعة، مع بقاء ما يقارب من 18 ألف و200 شخص عراقي آخر في مخيم الهول بانتظار عودتهم. ويعتبر مخيم الجدعة مؤسسة انتقالية تقع جنوب الموصل تساعد في إعادة تأهيل العائدين ليتمكنوا من عودة اندماجهم مرة أخرى بمجتمعاتهم في مناطقهم الاصلية. حيث تمت عودة أكثر من 1,600 عائلة (ما يقارب من 6 آلاف شخص) الى مناطقهم الاصلية بعد مغادرتهم مخيم الجدعة.
رغم تحقيق تقدم تدريجي، فان عملية عودة هذه العوائل الى محيطها الاجتماعي واندماجها به من جديد ما تزال تواجه تحديات، خصوصا ما يتعلق بمشاكل وصمة وانكار تلاحق افراد هذه العوائل والتي تشتمل على مشاكل امنية أيضا ومدى قبول المجتمع السكاني. هذه التحديات ملحوظة أكثر في محافظة الانبار، حيث غالبية النزلاء العراقيين في مخيم الهول ينحدرون من هذه المحافظة.
وأظهر بحث أجراه معهد الولايات المتحدة للسلام من خلال حوارات ومقابلات مع جهات حكومية ومجتمعية وعائدين في الانبار، بان هناك وصمة ارتباط أو شبهة ارتباط بتنظيم داعش ما تزال تشكل عائقا مؤسساتيا ومجتمعيا للعودة والاندماج مرة أخرى بمحيطهم السكاني. في العراق هذه الوصمة تشكل موقفا عدائيا تجاههم، ولذلك روابط بالتوترات الطائفية التي عمت البلد بعد العام 2003 وقبيل مجيء داعش. حيث يقوم معهد الولايات المتحدة للسلام وجهود من مؤسسات إنسانية أخرى وذلك منذ العام 2015 بمحاولات ناجحة لكسر هذا الجانب من التحدي المتعلق بهذه الوصمة.
ويشير المعهد الأميركي في تقريره الى ان استنتاجات في بحث أخير تم إنجازه في شباط 2024 اظهر ان في 11 منطقة من مجموع مناطق المحافظة الاثنتي عشرة، كان جانب هذه التحديات واضح جدا فيما يتعلق بوصمة الارتباط بداعش. وبينت الاستطلاعات ان 42% من العوائل التي رجعت الى هذه المناطق تواجه مضايقات كلامية على نحو يومي، و42% منهم أيضا يواجهون رفضا من أقارب لهم، في حين أظهر 40% منهم تعرضهم لمضايقات مراقبة امنية، وبين 40% آخرين منهم صعوبة الحصول على فرص عمل.
وفي مسعى حثيث لإيجاد طرق لإزالة هذه العوائق، فان مسؤولين حكوميين ووجهاء عشائر فضلا عن العوائل النازحة وجدوا حلول ممكنة ضمن الأعراف العشائرية، وهي مسألة التبرئة وإعلان البراءة من تنظيم داعش وفكره المتطرف، ويشتمل ذلك على توثيق هذه التبرئة للعوائل بشكل رسمي من قبل جهة حكومية ليتمكنوا من عودة اندماجهم بالمجتمع. واظهرت استطلاعات لنساء من هذه العوائل النازحة انهم يريدون مساعدة من جهات امنية ورؤساء عشائر للتدخل في تسهيل عودة اندماجهم في المجتمع مرة أخرى وتبيان ذلك للمجتمع المضيف لهم بأنهم أبرياء ولا يشكلون أي خطورة.
ويشير التقرير الى ان الحصول على قبول المجتمع وموافقتهم لعودة عوائل التي لها شبهة ارتباط بداعش تعد من التحديات الرئيسية لمرحلة ما بعد داعش. وقد ساهمت حملات التوعية للجانب المجتمعي بتخفيف هذه الحالة حيث أجاب 58% من سكان مناطق عدة في الانبار انهم لا يبالون بعودة هذه العوائل لمناطقها وهم غالبيتهم من نساء وأطفال أبرياء شرط ان يمروا بعملية تدقيق أمنى وموافقات أصولية لعودتهم الى مناطق سكناهم الاصلية.
وينوه التقرير الى ان اهمال هذه الجوانب والتحديات المتعلقة بآلاف من هذه العوائل قد يساهم بتعريض الوضع الأمني والاستقرار للخطر وبالتالي توفير بيئة لعودة التطرف من جديد وتغذية جماعات متطرفة من داعش ومجاميع مؤذية أخرى بعد تحقيق مكتسبات امنية وتقدم نحو الاستقرار.
- عن معهد الولايات المتحدة للسلام