TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما حدث في الصحن الحسيني الشريف

ما حدث في الصحن الحسيني الشريف

نشر في: 11 يوليو, 2024: 01:06 ص

غالب حسن الشابندر

كلمة قاطعة قاصمة أعلنتها جماهير الحسين عليه السلام ، جوهرها أنْ لا تساهل مع أي محاولة لاستغلال الملحمة الحسينية لأغراض دعائية دنيوية ، لقد كان رد الفعل الحسيني الجماهيري سريعا ، عفويا ، وكان شجاعا بمعنى الكلمة ، فبمجرّد أن نطق (رئيس الوقف الشيعي) بمدح رئيس الحكومة والمسؤولين وأعضاء البرلمان من على (منبر الحسين) أثناء خطابه بمناسبة تبديل الراية حتى علت هتافات الرفض والاستنكار ، ذلك إن الضمير الشيعي الاثنى عشري مشبَّع بحقيقة صارخة، راسخة ، أن الصحن الشريف يجب أن يبقى صحن الحسين وحده ، لا يشاركه فيه أحد ، مهما كانت منزلته الدينية والدنيوية والرسمية ، وليس من شك أن بادرة رئيس الوقف الشيعي كانت سيئة للغاية ، وبناء عليه ، يكون موقف هذه الجماهيرتاريخيا ، بل إنقاذيا ،لان هذ الموقف سيتحول دون تكرار هذه العملية البشعة، وكأن الذين بدر منهم هذا العمل لم يستذكروا التاريخ ، فما من جبّار عنيد حاول استغلال الصحن لمآربه وأهدافه باء بالخسران المبين .
الصحن الشريف يعبق بأنفاس الحسين ، وليس منبر دعاية ولا مدح حتى لو كان الممدوح من أتقى الناس ، ومن أعلمهم ، ومن أزهدهم ، ومن أكثرهم جهادا في سبيل الله والانسانية ، فكيف بنا إذا كان الممدوح سلطة سياسية، رئيس وزراء ، ووزراء وموظفين كبار وأعضاء برلمان …
إنها بادرة يهتز لها العرش ، ويجب أن لا تمر بسلام ، لأنها جريرة بحق القيم والمباديء، بل لأنها يمكن أن تؤسس لبادرة آثمة ظاهراً وباطنا.
يتساءل كثير من الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن موقف المرجعية الدينية من الحدث ، الحدث الجلل، الحدث الذي اخترق ناموس الديانة الاسلامية بروحها الجعفرية … يتساءلون عن الموقف ، وليس بدعا إذا قلنا إن المرجعية الدينية بنكهتها الدينية، وضميرها العلوي لا يمكن أن تنسجم مع هذه الممارسة ، خاصة وإنّها سدت أبوابها بوجه المسؤولين منذ أكثر من ثلاث سنوات .
ليس من حق أحد أن يمنع رئيس الوقف الشيعي أو غيره أن يمتدح أو يذم السلطة ، وقد يكون المدح حقا وقد يكون باطلا ،ولكن نقطة الرفض تكمن في إستغلال الصحن وتجيير المناسبة الدينية للمدح والذم ، فهنا نقطة الخلاف ، وهنا جوهرالرفض ، وإن كان ما حصل في الصحن لا يخلو من دلالة على رفض الراهن الحكومة بشكل وآخر .
كلنا يستذكر موقف المرجعية السيستاني من وضع صورة المرجع على شاشة الفضائية العراقية لحظ إطلاقه حكم الجهاد الكفائي للتصدي إلى داعش ، حيث بعد دقائق من بادرة الفضائية العراقية حتى أصدر مكتب السيد أمره أو طلبه بحذف المشهد ، إزالة الصورة ، مشيرا إلى أن البديل هو خارطة العراق !!
هذا هو الدين ، وهنا تكمن الروحية الحسينية الخلّاقة ، وإنطلاقا من هذا الموقف يمكن أن نحرز موقف المرجع الاعلى مما حصل في الصحن الشريف .
الصحن الشريف هو صحن الحسين ، موضوعا ، وذاتا ، ومدحا ، وأحتفالا ، وطقسا ، لا صحن حزب ولا حكومة ، ولا مرجع ، ولا مذهب ، بل ولاحتى دين ، وإن كان الحسين فداء الدين .
موقف الجماهيركان مشرّفا ،ويثبت أن الحسين ما زال يعيش في ضمائرنا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمود الثامن: من ترامب إلى المالكي

العباءة الزينبية و"بلاغة السوق" في زمن التديّن السلطوي

كلاكيت: سميحة أيوب سينمائيا

متى يصبح العراق أولاً؟

العمود الثامن: لماذا نحن صامتون؟

العمود الثامن: لماذا نحن صامتون؟

 علي حسين نجلس كلّ يوم أمام التلفزيون في انتظار أن نسمع خبراً مفرحاً يُبشرنا "ابو مازن" احمد الجبوري مشكورا بانه سيرشح للانتخابات القادمة، فلا يمكن للديمقراطية العراقية ان تزدهر من دون وجود "ابو...
علي حسين

قناطر: حكومات لا تسقطها الصحافة

طالب عبد العزيز انتهى الزمن الذي كانت الصحافة تسقط فيه الحكومات، لا لأنَّ الحكومات كانت شريفة طبعاً، لكنْ لأنها كانت أكثر خوفاً من جماهيرها، وأقلَّ وضاعةً من حكومات الأزمنة الحديثة، التي تحكم شرقنا العربي...
طالب عبد العزيز

تحالفات الأصدقاء-الأعداء في الانتخابات العراقية

إياد العنبر قبل أيام انتهى موعد تسجيل التحالفات السياسية التي ستشارك في الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وبين انفراط عقد تحالفات قديمة وتشكيل تحالفات جديدة ستدخل حلبة التنافس الانتخابي بقوة، ستكون...
اياد العنبر

في عصر جديد، الطرق مفتوحة أمام المثقف ليؤدي دوره

حيدر نزار السيد سلمان من نافل القول أن الابداع يرتبط بوثاقة مع المناخ الحُر، والمجتمعات غير المغلقة ذات الثقافة التسامحية قادرة على استيعاب الجديد من كل شيء ومنها الافكار، وطبقاً لذلك يتسائل الناس عن...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram