اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > المشكلات الاقتصادية وراء ارتفاع إحصائيات محاولات الانتحار!

المشكلات الاقتصادية وراء ارتفاع إحصائيات محاولات الانتحار!

نشر في: 15 يوليو, 2024: 12:11 ص

المدى – تبارك المجيد
في الشارع، يمكن سماع قصص كثيرة من الشباب العراقي، الذين كانوا يوماً ما يمتلئون بالحيوية والطموح، تحولت حياتهم إلى كفاح مستمر من أجل البقاء.
يقولون إن الحكومة العراقية تخلت عنهم، وإن الأوضاع الاقتصادية والسياسية لا تزداد إلا سوءاً. في قلب هذه الأزمة، أصبح التفكير في الانتحار خياراً ليس بغريب على الكثيرين.
إضافة إلى الفقر، تساهم المخدرات في تفاقم المشكلة، حيث يعبر العديد من العراقيين بمختلف أعمارهم عن تمنياتهم بالموت، لما يسببه الوضع العام من الإحباط والعجز عن تحقيق متطلبات الحياة الأساسية.
وفقاً لوزارة الداخلية، فبلغت معدلات الانتحار للسنوات 2016، 2017 2018، 2019، 2020، 2021، 2022، على التوالي 343 ،449، 519، 588، 644، 863، 1073 حالة انتحار.
كما سجل العراق خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2023، أكثر من 700 محاولة انتحار، منها 400 محاولة انتحار للفتيات، بحسب إحصائية في تشرين الأول 2023.
يقول حقي كريم هادي، رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية، إن أسباب الانتحار في العراق تختلف بشكل كبير بين المناطق. فعلى سبيل المثال، في بغداد تكون الدوافع مختلفة عنها في الناصرية أو البصرة. يضيف هادي أنه من خلال متابعة المؤتمرات والتقارير الجنائية، وخاصة التي أجرتها قيادة شرطة ذي قار، تبين أن العديد من حالات الانتحار في الناصرية هي في الواقع جرائم قتل بدواعي غسل العار تم تسجيلها كحالات انتحار.
ويشرح هادي لـ(المدى) أن ارتفاع عدد حالات الانتحار يعود إلى عدة أسباب، منها انتشار المخدرات بين الشباب والضغوط الاقتصادية والاجتماعية. كما أشار إلى أن الابتزاز الإلكتروني والحرمان من التعليم هما من العوامل التي تدفع الفتيات للانتحار.
وفيما يخص العنف ضد المرأة، يوضح هادي أن هذا العنف متجذر في المجتمع العراقي ويتزايد بفعل ضغوط العائلة، سواء من الزوج، الأخ، الأب، أو الابن. هذا العنف المستمر يمكن أن يؤدي إلى الانتحار بين النساء. كما يذكر أن هناك قضايا أخرى مثل "النهوة العشائرية" أو "الفصلية" التي كانت تؤدي إلى الانتحار، لكنها أصبحت أقل شيوعاً بفضل تأثيرات العولمة والتوعية الدينية.
ويؤكد هادي على وجود العديد من العوامل التي تساهم في حالات الانتحار في المجتمع العراقي، ويشير إلى ضرورة تكثيف الجهود لمعالجة هذه الظاهرة والحد منها.
أفادت الباحثة النفسية إيناس هادي في حديثها مع "المدى" أن زيادة حالات الانتحار بين الموظفين والطبقة المثقفة قد تكون ناجمة عن عدة أسباب ودوافع. ومن أبرز العوامل المؤثرة في ذلك ضغوط العمل والمسؤوليات الكبيرة، حيث يتعرض هؤلاء لضغط نفسي كبير ومواعيد نهائية قصيرة، مما يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق وفكرة الانتحار.
أكدت هادي أن التوتر الاقتصادي يلعب دوراً مهماً في زيادة حالات الانتحار، إذ يواجه الموظفون والطبقة المثقفة تحديات اقتصادية مثل فقدان الوظيفة، الديون المالية، وعدم القدرة على تحقيق التوقعات المالية، مما يؤدي إلى الإحباط واليأس.
كما أشارت إلى أن العوامل الاجتماعية والعلاقات الشخصية الصعبة أو الانعزال الاجتماعي يمكن أن تكون عوامل مؤثرة في زيادة حالات الانتحار، خاصة إذا لم يكن هناك دعم اجتماعي كافٍ. وأضافت أن المشاكل الصحية النفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق واضطرابات الشخصية الأخرى تزيد من احتمالية التفكير في الانتحار.
أوضحت هادي أن نقص الوعي بمشاكل الصحة النفسية ونقص التوجيه النفسي والمساعدة المتاحة للأفراد الذين يعانون من مشاكل نفسية يعد عاملاً آخر يسهم في زيادة حالات الانتحار. وللتصدي لهذه الظاهرة، قدمت هادي عدة توصيات تشمل توفير خدمات الرعاية النفسية والاجتماعية وسهولة الوصول إليها، تشجيع الوعي بمشاكل الصحة النفسية والمساعدة المتاحة، توفير برامج الدعم النفسي في أماكن العمل، تعزيز ثقافة العناية بالصحة النفسية وتخفيف الضغوطات في بيئة العمل، تقديم الدعم والمساعدة للأفراد الذين يعانون من مشاكل اقتصادية أو شخصية، وتعزيز التواصل والدعم الاجتماعي بين الأفراد.
اختتمت هادي بالتأكيد على أهمية استجابة المؤسسات الحكومية والمجتمعية لمشاكل الصحة النفسية وتوفير الدعم اللازم للأفراد لتحسين الصحة النفسية والحد من حالات الانتحار.
د. علي البياتي، المتخصص في الجملة العصبية وعضو سابق في مفوضية حقوق الإنسان، يوضح أن جائحة كورونا دفعتهم لإطلاق حملة صحية افتراضية عبر الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم النصائح والخدمات الصحية. تلا ذلك مشروع "صحتك أهم" الذي يهدف إلى تقديم المشورة والدعم والعلاج النفسي عبر الإنترنت، وما زال مستمراً بشكل تطوعي حتى الآن.
عن أسباب زيادة حالات الانتحار، يوضح البياتي لـ(المدى) أن الأزمات السياسية والأمنية المتكررة والكوارث التي مر بها المجتمع العراقي، والتي أدت إلى حروب وهجرة ونزوح وفقدان ضحايا، أسفرت عن مشاكل نفسية كبيرة. ويشير إلى أن الدراسات تظهر أن أي مجتمع يتعرض لأزمة يترك ما لا يقل عن 35 في المائة من أفراده يعانون من مشاكل نفسية. بالإضافة إلى ذلك، يعاني العراق من نسب فقر تصل إلى 50 في المائة في بعض المحافظات الجنوبية، والبطالة التي تؤدي إلى مشاكل اجتماعية ونفسية وفراغ كبير، مما يزيد من احتياجات الفرد العراقي، خاصة الشباب.
ويشير البياتي إلى غياب التوجيه الحقيقي لهذه الفئة سواء من المؤسسات الحكومية أو العائلة أو حتى المؤسسات الدينية، إذ لا يزال المجتمع متمسكاً بالتقاليد الدينية، مؤكداً وجود مشاكل نفسية عميقة داخل المجتمع والفرد العراقي. هذا يؤدي إلى مشاكل اجتماعية وفوضى فكرية وعدم القدرة على مواجهة التحديات المتزايدة يومياً.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية الصحية، يوضح البياتي أن العراق يعاني من تهالك شديد في الخدمات الصحية والبنية التحتية بشكل عام. ويرجع السبب الرئيسي إلى غياب التنظيم، وغياب دور القطاع الخاص، وغياب الأولويات لدى الدولة في دعم القطاع الصحي وتوفير كوادر بشرية مؤهلة.
لحل هذه المشاكل، يرى البياتي أن العراق بحاجة إلى استجابة مؤسساتية حكومية ومجتمعية. ورغم إطلاق عدة مبادرات من قبل وزارة الصحة والمؤسسات الأخرى والمنظمات الدولية، إلا أن التنفيذ الفعلي لا يزال غائباً. ويرجع ذلك إلى غياب الأولويات، وغياب الكوادر والميزانيات، وعدم استثمار العالم الافتراضي الذي يحقق نتائج كبيرة في مجال الصحة النفسية دولياً.
وفقا لإحصائيات وزارة الصحة فأن أكثر الطرق المستخدمة في حالات السلوك الانتحاري هي الشنق والحرق واستخدام الأعيرة النارية إضافة إلى طرق أخرى، كما ان الأسباب المؤدية للانتحار تعود لعوامل نفسية بنسبة 45-50 بالمئة، إضافة إلى أسباب اجتماعية وأسرية واقتصادية، هذا إلى جانب الأسباب المتعلقة بتعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المختلفة.
كما أشرت الإحصائية الرسمية الصادرة من قبل وزارة الصحة العراقية باعتبارها الجهة المسؤولة عن إصدار البيانات الخاصة بمحاولات الانتحار التي لم تفضِ إلى وفاة، إلى وجود 1028 محاولة انتحار في العام 2022 أغلبيتها من الإناث.
وبحسب الأمم المتحدة، عانت العديد من العائلات العراقية مشكلات في الصحة العقلية، سببتها النزاعات السابقة والأوضاع الاقتصادية، كما أن هناك عوامل أخرى من بينها القيود التي تحول دون الوصول إلى خدمات الصحة العقلية والاكتئاب والأرق بين السكان وبعض المتخصصين في الرعاية الصحية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

320 شهيداً ومصاباً "حرقاً" خلال 48 ساعة بأسلحة "محرمة دولياً" في غزة

الانبار.. قوات الحدود تطيح بمتهم بحوزته عشرة آلاف حبة مخدرة

التنسيقي يعلق على تعيين عُماني كمبعوث جديد لـ"يونامي" في العراق

الديوانية تعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

برشلونة يتلقى ضربة قوية ويفقد نجمه 4 أشهر

ملحق ذاكرة عراقية

مقالات ذات صلة

سقوط ضباط برتب رفيعة.. الداخلية والقيادة العسكريةتشرفان على اشتباكات
سياسية

سقوط ضباط برتب رفيعة.. الداخلية والقيادة العسكريةتشرفان على اشتباكات "بساتين ديالى"

بغداد/ تميم الحسنارتفع عدد ضحايا الاشتباكات بين القوات الامنية ومسلحين في جنوبي ديالى الى 6 قتلى من العسكريين، فيما عادت عمليات التمشيط المستمرة منذ يومين، في البساتين الكثيفة.ويعتقد ان قيادات مهمة قد تكون مختبئة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram