 ذي قار / حسين العامل

اعلنت الحكومة المحلية في قضاء الدواية اعادة نصب تمثال ملك كوديا الى موقعه الذي ازيل منه قبل أكثر من اسبوع، وذلك بعد حملة شعبية مناهضة لإزالة التمثال بحجة انه صنم.
وقوبلت اجراءات رفع تمثال أشهر الملوك السومريين بطريقة مهينة من وسط قضاء الدواية (70 كم شمال مدينة الناصرية) بحملة شعبية ومجتمعية واسعة ادانت ازالته بحجة انه صنم، وهو الامر الذي استدعى التراجع عن تلك الخطوة من قبل مديرية بلدية الدواية واصدار بيان تُوضح فيه ان رفع التمثال جاء لإجراء اعمال الصيانة وتأهيل موقعه ووعدت بإعادته حال الانتهاء من ذلك.
وبالتزامن مع اعادة التمثال الى موقعه السابق ظهر مدير بلدية الدواية فخري هاشم في مقطع فديوي وهو يقف أمام التمثال وبجانب النحات احمد حسن الذي تكفل بصيانته، وادلى هاشم والفنان المذكور بتصريحين تابعتهما المدى اذ قال مدير البلدية الدواية ان " كوديا يعود الى مملكته بعد استكمال اعمال الصيانة واعادة نصبه في موقعه"، مبينا ان "اعمال ترميم وصيانة التمثال واضافة النقوش السومرية تواصلت على مدى 6 ايام على يد النحات احمد حسن".
وأعرب هاشم عن شكره الى الفنان المذكور والى مفتشية اثار ذي قار لدورها في متابعة العمل والتواصل مع مديرية بلدية الدواية.
وبدوره قال النحات احمد حسن انه " تم اعادة التمثال الى وضعه الطبيعي بعد ترميمه وتلوينه"، مؤكدا ان" التمثال عاد الى موقعه السابق في ساحة الملك كوديا وسط قضاء الدواية".
وسبق للنحات احمد حسن ان تكفل بنحت نسختين من تمثال الملك كوديا مجانا قبل بضعة سنوات احداهما اهداها الى متحف الناصرية الحضاري والاخرى الى بلدية قضاء الدواية.
وكانت مفتشية اثار وتراث ذي قار ونقابة الفنانين في المحافظة ومدونين ومثقفين قد اصدروا في (العاشر من تموز الحالي والايام اللاحقة) عدة بيانات تستنكر رفع تمثال الملك السومري والتعامل معه على انه "صنم" وجاء في بيان مفتشية الاثار الذي تابعته المدى ان" مواقع التواصل الاجتماعي نشرت صوراً لإزالة تمثال كوديا المقام بمدينة الدواية شمال محافظة ذي قار إذا تستنكر مفتشية اثار وتراث ذي قار هذه الأفعال وتعبر عن مدى استيائها الشديد لتلك الهجمة"، ووصفت ذلك بـ "هجمة شرسة تستهدف رموز الفكر والفن والثقافة، وفي مقدمتها تمثال كوديا".
واكدت المفتشية رفضها القاطع لهذه الأفعال، داعية المسؤولين في محافظة ذي قار، الى محاسبة مرتكبي تلك الجريمة وحماية الموروث الأثري والثقافي في المحافظة كونها تعتبر معلم من معالم الآثار وتاريخ البلد.
واشارت المفتشية في بيانها الى ان " كوديا يعد من أشهر ملوك السومريين لسلالة لكش السومرية التي كانت تحكم جنوب بلاد وادي الرافدين في تلك الفترة".
بدورها شجبت نقابة الفنانين في محافظة ذي قار رفع نصب الملك كوديا بطريقة وصفتها بغير اللائقة، مبينه في بيان تلقت المدى نسخة منه ان "ازالة النصب بالكوسره طريقة مخجلة وكأنهم حققوا انتصارا كبيرا".
واضافت انه "فعل يسيء للفن والثقافة العراقية "، وأردف "ومن خلالكم ندين هذا الفعل السيئ".
ودعت نقابة الفنانين الى تحشيد الرأي العام للوقوف بوجه من يتجرأ على اهانة رموز الحضارة السومرية.
من جانبهم أطلق مثقفو محافظة ذي قار نداء وبيان استنكار للتجاوزات التي تستهدف الارث الحضاري وجاء فيه " نحن مجموعة من مواطني ومثقفي ذي قار نستنكر الاعتداءات التي تجري على الارث العراقي القديم وآخرها رفع تمثال الملك كوديا في مدينة الدواية".
واضاف "لقد اصبحت الحضارات القديمة ليست فقط إرثا يحمل رمزية اجتماعية ونفسية تخلق لدينا فخرا بالإنجازات الريادية التي قدمها العراقيون القدماء في مجالات الثقافة والمعرفة والعلم فحسب، بل إن آثار تلك الحضارات صارت تقدم صورة مزهرة عن البلد وتدر ارباحا في السياحة يجري من خلالها تشغيل الايدي العاملة وفتح نافذة لتلاقح الثقافات".
واشار البيان الى ان "غوديا (كوديا) يوصف من قبل الباحثين كونه ليس فقط رمزا مهما في الثقافة العراقية بل في ثقافة وتأريخ الشرق الأدنى بمجمله". وطالب البيان الحكومة العراقية ووزارة الثقافة الإيعاز بإعادة تمثال الملك السومري كوديا الى موقعه وأن تمنع اية تصرفات تسيء الى الحضارات العراقية القديمة التي نفخر حقا بها على حد قول البيان".
ويعد الملك كوديا من أشهر ملوك السومريين ضمن سلالة لكش التي كانت تحكم جنوب بلاد وادي الرافدين (ميسوبوتاميا)، وهي إحدى أقدم المدن السومرية، وكوديا هو الملك الثاني عشر لسلالة لكش وحكم من سنة (2144 - 2124 ق.م)وكانت لكش في عهده تعيش عصرا ذهبيا، يتمتع بمستوى عالٍ من الاستقلال، اذ اعتُبرت فترة كوديا جزءاً من النهضة السومرية.