اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سينما > ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية

نشر في: 18 يوليو, 2024: 12:31 ص

المدى
ياسر كريم مخرج شاب يعيش ويعمل حاليا في بغداد، حصل على بكالوريوس علوم الكيمياء من الجامعة المستنصرية. ثم استهوته السينما وحصل علي شهادة الماجستير في الاخراج السينمائي من Kino-eyes, The European movie master من دول (البرتغال، اسكتلندا واستونيا). نال فيلمه القصير الاول (مملكة النفايات) تنويه خاص من في مهرجان ترابيكا السينمائي، وأفضل فيلم قصير في مهرجان مالمو. اخرج عدد من الافلام القصيرة خارج العراق.
(عين حرا) هو مشروع لفيلم روائي قيد التطوير اشترك فيه هذا عام 2023 في مهرجان Golden Apricot- Arminia film festival وكذلك في مهرجان مونبلييه السينمائي الدولي في فرنسا بالاشتراك مع مؤسسة افلامنا- سينميد (لبنان- فرنسا). وهو ما زال في مرحلة المونتاج (الصوت واللون غير نهائي).
التقته المدى في هذا الحوار.
نرى في اغلب أفلامك اهتمام في الموروث الشعبي العراقي ما السبب؟

  • بالنسبة لي، الموروث الشعبي العراقي، يحمل بداخله بذرة إعادة تشكيل، او بعث الهوية او الهويات العراقية، نحن بحاجة اليه الان أكثر من أي وقت مضى ليس فقط باستعادة "عاطفية" او استذكار عابر، وانما عبر استرجاع محتوى الموروث والفولكلور وطقوسه بوصفه مخيال الأرض التي ولدنا فيها. بمستطاع الفولكلور في أي مكان توحيد الناس مع ضمان تعدد الوانهم واشكالهم وخلفياتهم، فالقصص الشعبية العراقية مثلا تتشابه من جنوب العراق الى شماله تقريبا وهو ما يسري على العديد من اشكال الموروث والفولكلور وبالتالي فهو نقطة تلاقي ممكن استثمارها في ظل الاختلاف الذي تقدمه السرديات الأخرى للناس وتدفعهم للتناحر والانفصال، انها "رواية الأرض" التي تدفعنا للنظر الى المتشابه فينا بصورة اكبر، أحيانا اشعر ان الفولكلور والموروث هما "الرواية الانثوية" التي تتسم بالحميمية وجمع الناس بينما تفرقهم "الرواية الذكورية".
    حدثنا عن فيلمك (عين حرا) الي درت فيه لأكثر من مهرجان، حتى أنك أجلت الكثير من التزاماتك السينمائية بسببه؟
  • مشروع فيلمي الروائي الأول، والذي اعكف على العمل عليه منذ سنوات، رؤية مستقبلية أريد فيها لفت النظر الى وحش التصحر والجفاف الذي ينسل يوميا بيننا بدون درايتنا، التصحر والجفاف أيضا يرمزان لعالم تسود فيه رؤى الذكورية. قصة الفيلم تتحدث عن خمسة نساء تم قتلهن بوحشية وتم دفنهن في الصحراء العراقية، لكن أحدهم يكتشف ان مكان الدفن تحول الى حفرة كبيرة بشكل عين، وان النساء الخمسة تحولن الى كائنات مرعبة اسمهن (سعالي عين حرا) وقد وضعن لعنة الجفاف والعواصف الترابية الدائمة على العراق، وهن يبحثن عن آخر معاقل المياه فيه، جزيرة سحرية تختفي وتظهر في جنوب العراق تدعى (جزيرة حفيظ السحرية) لن يتمكنّ أحد من ايجادها، ما لم يجد أولا فتاة موعودة برؤية الجزيرة ومكانها. فئة المشروع دراما ممزوجة بعناصر من الرعب/ فولكلور، وهو نظرة قادمة أيضا من نظرة العراقي القديم الذي كان يحسب العاصفة الترابية آلهة شيطانية قادمة من العالم السفلي هدفها عقاب البشر وافنائه، وهو ما اراه صحيحا جدا. فمهما كانت النظرة بدائية الا انها مليئة بالمعاني، وارى اننا يجب ان نتعامل معها ليس من كونها صحيحة او خاطئة، وانما لماذا بالأساس كان العراقي القديم يفكر بهكذا طريقة وما الذي دفعه لذلك؟ لربما سنجد جوابا ينقذنا، ولو وجدانيا من مشكلة لن نقف امامها صامدين للعشرين سنة المقبلة، سيعم الجفاف معظم الأراضي العراقية وسيموت الانسان والحيوان والنبات وستحل فينا الكارثة، خصوصا وسط اهمال وفشل مشاريع الدولة في هذا المجال وسكوتنا نحن عنه.
    وهل مثل هذه الموضوعات، تستهوي المتلقي خاصة في العراق؟
  • اعتقد ان العراقي على وجه التحديد متعطش لأفلام او دراما غير تقليدية، انه يشاهد منتجات المنصات العالمية ويجد تنوعا وفسحة كبيرة تأخذه يوميا أكثر وأكثر، بعيدا عن المنتجات المحلية التي يرى فيها تشنجا واضحا في كل مفاصلها، يجب علينا مواكبة الأجنبي كأي سلعة يستهلكها الفرد العراقي، والا ستكون هذه السلعة قليلة الاستهلاك والوصول للناس، رغم كونها محلية. صناعة السينما والدراما بالعراق بحاجة لإعادة النظر في المحتوى وليس الشكل فقط، مواضيع الساعة، والحدث، والترند لن تبقى في رؤوس الناس فترة أطول من وقت مشاهدتها، نفتقر لسؤال الجدوى وحاجة الجمهور قبل ان نصنع اية دراما او فيلم. المنصات التي تعرض الافلام للناس في العراق تؤشر أن هناك اقبالا على أفلام الرعب والخيال، ونحن لدينا إرثا هائلا في هذا المجال، تراثنا وفولكلورنا وكذلك من حضارات العراق القديم.
    الاحظ خروجك عن السائد في اختيار موضوعات أفلامك عن أفلام جيلك، بماذا تفسر ذلك؟
  • أحاول التركيز على ما هو ذاتي وشخصي أولا عند البطل او الشخصية الرئيسة والذي منه يتم وضع شكل العالم الذي حوله، فكل واحد منا يرى العالم "الواقعي" بنظرته الخاصة وبالتالي فالعالم يختلف عند كل فرد منا، هذا ما حاولت ان امرره في مجمل افلامي القصيرة، لكن ومنذ سنة ٢٠٢٠ عكفت على استحضار روح الموروث وزج عالم الحكايات الشعبية القديمة بثوب جديد لا يستثني المشاكل الحالية بالتأكيد، لكنه يعبر عنها بشكل مختلف، وهو بالتأكيد نابع من دافع شخصي أولا وأخيرا، بمعنى ان الأفلام نابعة من مشاكل شخصية حقيقية او شيء أمارسه في الواقع وهو ما يعطيني الحافز لإكمالها وصناعتها بكل
    ما الصعوبات التي تواجهها في إنجاز فيلمك (عين حرا)؟
  • هذا الفيلم الروائي الطويل الأول بالنسبة لي، والصعوبات تكمن في التمويل داخل العراق، والذي يعتمد عليه التمويل الخارجي الآخذ بالشحة يوما بعد اخر، تمويل الأفلام داخل العراق يمر بمسيرة عاطفية اكثر منها موضوعية وعملية، فالمال يأتي على شكل هبة وليس مال مدروس الجدوى، وبالتالي تستمر عملية الانفاق غير المجدي بالمقارنة مع المعايير العالمية وحتى الإقليمية لدول الجوار مثلا، عدم وضوح المعايير في الصناعة يجعلنا نسرف في تبذير المال مع خسارة لجمهورنا داخل العراق وضياع فرص مواهب حقيقية تبحث عن من يحتضنها بالجانب الاخر. هناك صعوبات تكمن في اقناع المنتجين بفيلم عراقي لا يحمل نمط القص والروي السائد، لطالما شعرت وانا احضر المهرجان تلو الاخر لجعل هذا المشروع ممكنا ان الأفلام التي يريدها "الآخر"؛ منا يجب ان تتحدث عن ماذا جرى لنا هنا، الحرب وداعش والتفجيرات والنزوح، أفلاما تجعلنا نحن الحدث وليس نحن من نروي الحدث! حتى انك تجد ان قصة صانع الفيلم ابلغ من فيلمه بحد ذاته. لا أدعو الى إلغاء الحديث عن هذه المواضيع ولكني لست مع ان تتحول افلامنا لمواضيع "منظمات مجتمع مدني" هدفها تحفيزي او ان تشخص مشكلة وتضع لها حلا، الفيلم ليس "حلال" مشاكل، هو انما يطرح المشكلة ويجعلها تدور في الأفق من زاوية لا ينظر الجمع لها وهو غير معني البتة في طرح أي إجابة. ومع ذلك، عندما قررت تصوير بعض المشاهد للتجربة والبرهان وجدت تعاونا معي من المؤسسات المعنية والعديد من الأصدقاء في الوسط الفني قدر تعلق الامر بهم، وهو ما يجعلني استمر واثمن كل جهد مهما عظم او صغر قدره.
    كيف تجد قضية الإنتاج في صناعة الفيلم العراقي، وهل ترى ان الإنتاج المشترك هو الحل؟
  • انعدام مفهوم شباك التذاكر التقليدي وكذلك الشباك "الالكتروني" مثل المنصات التي يجب الدفع للاشتراك بها يدفعني للقول ان قضية الإنتاج داخل العراق ستبقى عالقة بين المال القادم من الدولة كهبات، او المال القادم من صاحب القناة الفضائية او المؤسسة ذات الاجندات التي تريد صناعة مسلسل درامي بتوجيهات معينة، والاثنان يفتقران للجدوى الاقتصادية التي تدفع عملية الصناعة للاستمرار بالشكل الصحي الطبيعي. الحل هو ان تقنن الدولة بمعايير صارمة طريقة ثابتة لانفاق المال، ليس كهبة وانما طريقة ربحية ومستدامة كالدول الأخرى وتجربتها في هذا المجال. من ناحية أخرى، يجب تثقيف الناس بان الزمن "المشاهدة المجانية" للأفلام والمسلسلات يجب ان ينحصر ويقف لإعطاء الدور لشركات القطاع الخاص للانخراط في تأسيس قاعدة إنتاجية صحيحة، مجموعة شركات تشترك في صناعة منتج فني محلي ذو مواصفات عالمية، وتجربة مصر وإيران والمملكة العربية السعودية حديثة العهد ليست بعيدة عن ما اطرحه هنا.
    كيف ترى المشهد السينمائي العراقي، وما يقوم به بعض شباب السينما؟
  • ما يقوم به الشباب هو تظاهرة أكثر منها فعل حقيقي، أفعال فردية وليست قاعدة لجيل قادم. ما زال المشهد "نظري/عاطفي" اكثر منه عملي موضوعي. المشهد السينمائي برغم عدد من الإيجابيات الا انني ارى سناه يخبو يوما بعد يوم، فكثرة الأفلام القصيرة والمهرجانات المعقودة في المحافظات التي ارتضت لنفسها (عزلة) عن العالم ومعاييره ومواكبته والاتصال به لا تدفع بالتفاؤل بقدر ما تثير الريبة، تشعر ان الأفلام كلها نشرة اخبار متلفزة عن (حالنا السيء)، أفلام تثير حنق المشاهد وتدفعه للتساؤل ورصد الأخطاء اكثر منها ما يجعله ينسجم ويندمج بالمتابعة. نحن بحاجة الى تقليل العدد وتكثيف النوع بشكل حقيقي. اشد على يد الشباب الذين يحاولون صناعة السينما بروح وثابة وعزيمة عالية رغم كل شيء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

الأثر الإبداعي للكتب السينمائية المترجمة ملف "السينمائي" الجديد

مشهد بصري لشاعر يتلهّى ويستأنس بالكلمات والصُّور الشعرية

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية

مقالات ذات صلة

حسن حداد يكتب عن
سينما

حسن حداد يكتب عن "حسين كمال.. ومصطلح الفن الكبير"

د. وليد سيفيستحق المخرج المصري حسين كمال أن تقام حول أعماله الدراسات النقدية، فهو أحد أهم المجددين في السينما المصرية، ضمن ما يمكن تسميته بالجيل الثالث من المخرجين، ذلك الجيل الذي توازى ظهوره مع...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram