TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

نشر في: 18 يوليو, 2024: 12:40 ص

 علي حسين

في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين الباحث الوسيم والعبقري المتميز، وتضيف: أنهما بعد أن أصبحا صديقين خلال العامين 1943- 1944 ذابت الفوارق بينهما تماماً.
ظلّ كامو يؤمن بأن متعة الحياة هي في تحدي الصعاب، فيما أصرَّ سارتر على أن حرية سيزيف مثل صخرته صماء "لست حراً أبداً إلا في المواقف التي أتخذها".
فأين هي المشكلة.. كان كامو يرى أن الإنسان يشبه سيزيف بطل الأسطورة الإغريقية التي تقول: إن سيزيف محكوم عليه بأن يحمل صخرة كبيرة إلى أعلى قمة جبل حتى إذا كاد يُدرك القمة ، تتغلب الصخرة عليه فتخور قواه لتعود الصخرة من جديد إلى السفح، عندها يبدأ سيزيف – الإنسان – رحلة الصعود ثانية وثالثة ورابعة وإلى ما لا نهاية.. إن قيمة الحياة عند كامو هي في رفع الصخرة.
فسيزيف يعلم أنه محكوم عليه، وأن هذا الحكم لا رجعة فيه، ولكنه مع ذلك يرفع الحجر ويلاحقه إذا هوى، إنه يقاوم المستحيل، ويعلم انه يقاوم بلا أمل، ومع ذلك يستمر في مواجهة المستحيل، فيما رؤية سارتر تبدو أكثر ميلاً لمبدأ الاختيار: أنت حــر وإذن فلتختر." سارتر يفتش عن السعادة وكامو مهموم بالعدالة ، وكان مأخذ كامو على سارتر أنه يرفض الواقع عبر معادلة "لا ضحايا ولا جلادون".
يكتب سارتر في رده على تمرُّد كامو، هل تعرف ما هو أقسى أنواع الظلم؟ أن تعدو لكي تبقى مكانك.. فعندما تخسر ما أنت فيه تكون قد تخلـَّفت إلى الوراء، والوراء لا حدود له.
ويردّ كامو: "لقد ترعرعنا على قرع طبول الحرب وتابعنا منذ ذلك الحين حكاية القتل والجور والعنف إلا أن التشاؤم الحقيقي كالذي نراه اليوم يكمن في استغلال هذه الوحشية والخزي في قهر الآخرين، لم أكن أنشد غير سبيل واحد لتجاوز العنف بكل أشكاله".
في مدن اللاعدالة والقهر نعيش مع ساسة يحوّلون الحق إلى ضلالة والحياة إلى مهزلة لا تنتهي فصولها حيث تغيب العدالة وتصبح الديمقراطية مجرد واجهة لسرقة أحلام الناس ومستقبلهم، لتتحول إلى شعارات وخطب .. نستعيد ما جاء في بطون الكتب فنرى كيف تتقدم الأمم ونحن قعود، وإذا قمنا فلكي نقاتل بعضنا البعض، دائماً محمّلين بأطنان من الأكاذيب وأكوام الخطب ولا شيء سوى السبات في الجهل والتخلّف والطائفية!
في الصفحة الأخيرة من رواية القدر البشري يكتب اندريه مالرو على لسان بطلها جيسور:"لا بد من تسعة أشهر لصنع إنسان ويكفي يوم واحد لقتله" .ويسأله أندريه جيد لماذا لا يوجد أغبياء في كتبك؟ فيجيب مالرو مبتسماً: " إنني لا أكتب لكي أُثير الملل في النفوس، أما عن البلهاء فهناك الكثيرون منهم في الحياة " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram