خاص/المدى
منذ عقود يشهد العراق أزمة حادة في قطاع الكهرباء، مما يؤثر إلى حد بعيد على الحياة اليومية للمواطنين، وعلى الاقتصاد الوطني.
ويعود سبب الأزمة إلى عدة عوامل تشمل تدهور البنية التحتية، الفساد المالي والإداري، والهجمات المتكررة على خطوط نقل الكهرباء.
وتعاني كثيراً من المدن والقرى من انقطاعات متكررة وطويلة للتيار الكهربائي، مما يضطر السكان إلى الاعتماد على مولدات الكهرباء الخاصة بكلفة عالية.
وتحاول الحكومة العراقية إيجاد حلول مستدامة من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة وتطوير شبكات التوزيع، إلا أن التحديات الأمنية والاقتصادية تعرقل التقدم في هذا المجال.
ويقول المختص في مجال الطاقة، عامر الزبيدي، خلال حديث لـ (المدى)، إن "مشكلات الكهرباء في العراق متعددة ومعقدة، ولها جذور تعود إلى عقود طويلة"، مشيراً إلى أن "كثير من محطات توليد الكهرباء وشبكات التوزيع قديمة، وتحتاج إلى صيانة أو استبدال، والبنية التحتية المتهالكة تزيد من خسائر الطاقة، وتؤدي إلى انقطاعات متكررة".
ويردف، أن "الحكومة العراقية تعاني من نقص في الموارد المالية اللازمة لاستثمارها في قطاع الكهرباء، وهذا النقص يحد من قدرة الحكومة على بناء محطات جديدة أو تحديث الشبكات القائمة"، موضحاً أن "الفساد الإداري وسوء الإدارة في القطاع يؤثران سلباً في الكفاءة، ويزيدان من الهدر المالي".
ويبين الزبيدي، أن "الطلب على الكهرباء في العراق مرتفع، خاصة خلال فصل الصيف، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما يضع ضغوطاً إضافية على الشبكة"، لافتاً إلى أنه "لا تزال القدرة الإنتاجية للكهرباء في العراق غير كافية لتلبية الطلب، ما يؤدي إلى انقطاعات مستمرة في الخدمة".
ويوضح، أن "الوضع الأمني غير المستقر يؤثر في مشروعات البنية التحتية، حيث تتعرض المحطات والشبكات للهجمات والتخريب".
ولحل هذه المشكلات يشرح المختص في مجال الطاقة عدة خطوات لاتخاذها: "يجب استثمار الموارد في تحديث محطات توليد الكهرباء وشبكات التوزيع، بما في ذلك استخدام تقنيات جديدة لتحسين الكفاءة وتقليل الفاقد"، داعياً إلى "مكافحة الفساد وتحسين الإدارة من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة".
ويكمل، أنه " يجب استثمار مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري"، مشيراً إلى "الاستفادة من المساعدات الدولية والخبرات الأجنبية في تطوير قطاع الكهرباء".
ويوضح، أن "تطوير نظام جباية فعال يضمن جمع إيصالات الدفع على نحو صحيح، ويقلل من الهدر المالي"، مؤكداً على "توعية المواطنين بأهمية ترشيد استهلاك الكهرباء للمساعدة في تخفيف الضغط على الشبكة".
وأواخر الشهر الماضي، شهدت محافظات عراقية عدة تظاهرات تطالب بتوفير الخدمات الأساسية، من بينها الماء والكهرباء، حيث تظاهر المئات في ذي قار وبابل والديوانية وبغداد للمطالبة بتوفير الخدمات، لا سيما الماء والكهرباء.
من جهته، يقول المختص في الشأن الاقتصادي، ضرغام محمد علي، إن "أزمة الكهرباء المستمرة منذ أكثر من عقدين تعود إلى غياب الخطط الإستراتيجية واعتماد الحلول الارتجالية، وآلانيه"، مقترحاً أن "تعد خطة إستراتيجية عشرية أو خمسية وإخضاع قطاعات النقل والتوزيع للتقييم الشامل".
ويضيف، أن "سبب استمرار أزمة الكهرباء خاصة في فصل الصيف يعود إلى ثلاث مشكلات رئيسة، وهي عدم إنهاء التجاوزات على الشبكة الكهربائية ووجود ضائعات كبيرة من الطاقة، وهاتين المشكلتين تتعلقان مباشرة بقطاع النقل والتوزيع".
ويوضح، أن "جميع الحلول التي تضعها الوزارة هي حلول آنية وارتجالية لا تحل جزء من المشكلة، وليس المشكلة كلها، لذلك نقترح على وزارة الكهرباء إعادة تقييم شاملة لقطاع النقل والتوزيع بسرعة، كذلك وضع خطة عشرية أو خمسية على الأقل مع بناء محطات متخصصة لكل محافظة، وتبقى خطوط الشبكة الوطنية بمكانة طوارئ في حال تعرض أي محافظة إلى طارئ".
ويعاني العراق الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف، نتيجة لتردي البنية التحتية لمحطات الكهرباء.
إلى ذلك، يشرح النائب المستقل كاظم الفياض، أن "العراق يعاني من أزمة الكهرباء منذ سنين طويلة ورغم صرف مليارات الدولارات لا تزال الأزمة تتفاقم مع فصل الصيف من كل سنة".
ويردف، أن "أزمة الكهرباء في العراق سياسية، وليست فنية، وهناك أطراف داخلية وخارجية تقف وراء هذه الأزمة، ولهذا لا أمل في معالجة هذه الأزمة في ظل وجود هذه الرغبة السياسية التي فيها منافع مالية كبيرة لتلك الأطراف".
ويرى متخصصون أن "أزمة الكهرباء ببساطة، مرهونة بعدم وجود ضابطة للاستهلاك السنوي المتزايد، فبينما يبلغ إنتاج العراق 25 ألف ميغاواط يبلغ الطلب أكثر من 40 ألف ميغاواط، ما يجعل الوزارة "عاجزة" عن مواكبة الطلب السنوي، الذي لا يتم ضبطه إلا بفرض الجباية على نحو صحيح".
هذا وينتج العراق نحو 26 ألف ميغاواط من الكهرباء، في حين أن حاجة البلاد تصل لقرابة 35 ألف ميغاواط، لتأمين الطاقة الكهربائية على مدار الساعة، وهو ما ينعكس عجزا عن توفير ساعات كهرباء كافية في فصلي الصيف والشتاء، حيث يرتفع الاستهلاك لأغراض التبريد والتدفئة، التي تنخفض لبضع ساعات قليلة ومتقطعة.