بغداد/ تميم الحسن
لتفادي انهيار الهدنة العسكرية بين الفصائل والقوات الامريكية في العراق، بدأت أطراف مقربة من الحكومة تسريب انباء عن قرب اعلان «موعد انسحاب قوات التحالف».
وضربت يوم الخميس الماضي، سلسلة انفجارات قاعدة عسكرية جنوبي بغداد، تضم وحدات من الحشد الشعبي، وسط توقعات عن وجود طائرة مسيرة قرب مكان الحادث.
وجاء الحادث بعد يوم من استهداف قاعدة عين الاسد، غربي الانبار، التي تضم قوات امريكية، بطائرتين مسيرتين لاول مرة منذ 5 أشهر.
وبدأ مؤخرا، الاتفاق الضمني بين الحكومة والفصائل على خفض التصعيد ضد القوات الأمريكية، يتعرض إلى هزات عنيفة بسبب معلومات عن احتمال «تعطل» انسحاب قوات التحالف لوقت طويل.
يأتي ذلك في وقت أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية في العراق عن معلومات مثيرة حول «داعش»، وقالت ان التنظيم يحاول «إعادة نفسه».
ويفترض ان يزور وفد عسكري رفيع واشنطن قريبا لاستئناف النقاش حول مستقبل وجود قوات التحالف بالعراق.
وأعلنت الحكومة مطلع العام، عن تشكيل لجنة ثنائية لجدولة انسحاب قوات التحالف، في أعقاب مقتل قياديين بالحشد الشعبي، بقصف أميركي.
وتشير معلومات وصلت لـ(المدى) الى انباء تتداول بشكل كبير داخل الأوساط السياسية مصدرها الحكومة ومقربين من المطبخ السياسي، عن «وضع اللمسات الاخيرة لاتفاق انسحاب القوات الامريكية»، وسط عودة التوتر بين الفصائل والقوات الامريكية.
ولم تتبين حتى الان تفاصيل الاتفاق، لكن بهاء الاعرجي، نائب رئيس الوزراء الاسبق، يقول في حوار تلفزيوني، بان «الاعلان عن انسحاب القوات سيكون خلال ايام او اسابيع قليلة».
وكانت مصادر سياسية ذكرت في وقت سابق لـ(المدى) ان هناك اعتراضات داخل الإطار التنسيقي بدأت تتصاعد بسبب «ادارة رئيس الحكومة لملف انسحاب القوات الامريكية».
وتشير المصادر داخل «الإطار» الى ان القوى المعترضة باتت شبه متأكدة ان «الولايات المتحدة سوف تطلب 3 سنوات على الأقل للانسحاب»، وهو أمر يعترض عليه بعض الشيعة.
وقبل ايام بدأت الينا رومانوسكي، السفيرة الأمريكية في واشنطن، سلسلة لقاءات مع سياسيين عراقيين حول انسحاب قوات التحالف.
رومانوسكي اجتمعت مع نوري المالكي زعيم دولة القانون، وهو يعتبر من الفريق المعارض للسوداني، وعمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، وهو من صف المؤيدين لرئيس الحكومة.
يقول حسن فدعم، وهو قيادي سابق بالحشد الشعبي لـ(المدى) ان «القوى السياسية والفصائل التي تتبنى المواجهة المباشرة متفقة على انسحاب القوات الامريكية».
وينفي فدعم وهو عضو في تيار الحكمة «وجود اي تسويف، حتى الان، من الجانب الأمريكي حول قضية الانسحاب».
وبحسب التسريبات ان عبد الامير يارالله رئيس اركان الجيش يستعد خلال هذه الايام لزيارة واشنطن، على ان يطلب سحب قوات التحالف خلال «3 أشهر كحد اعلى».
وكان وزير الخارجية فؤاد حسين قال قبل ايام ان «وفدا عسكريا سيزور واشنطن لإجراء مباحثات حول الاتفاقية الأمنية المبرمة بين العراق والولايات المتحدة».
ماذا عن الهدنة؟
خلافا لمسار التهدئة داخل الحكومة، ظهر أكرم الكعبي، زعيم حركة النجباء، التي تصنف نفسها ضمن مايعرف بـ»المقاومة الاسلامية العراقية»، قبل ايام بمقطع فيديو، وهو يطلق طائرة مسيرة في احد المواقع خارج البلاد، بحسب التحليلات.
المقطع الذي نشر على منصات تليغرام، اعتبر بمثابة رسالة عن تواصل الهجمات على القوات الامريكية والاسرائلية لحين وقف الحرب في غزة.
يقول غازي فيصل، وهو دبلوماسي سابق لـ(المدى) ان «شرط الفصائل ايقاف الحرب في غزة لوقف الهجمات ضد القوات الامريكية أمر غير واقعي. الرئيس بايدن قدم مشروعا بهذا الشأن وهناك مفاوضات تشارك فيها حماس».
تزامن ظهور الكعبي الذي تنضوي مجموعته في الحشد الشعبي، مع سلسلة انفجارات داخل معسكر الصقر جنوبي بغداد.
واكد الحشد في بيان يوم الخميس، بعد وقت قصير من الحادث، بانه شكل لجنة تحقيقية للكشف عن ملابسات ماجرى.
المعسكر الواقع في منطقة اليوسفية والذي كان في السابق قاعدة امريكية قبل 2011، يضم عدة ألوية بالحشد، أبرزها فصائل كتائب سيد الشهداء، وعصائب اهل الحق.
وبحسب شهود عيان قريبين عن منطقة الهجوم، ومقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فان هناك طائرة مسيرة كانت قرب مكان الحادث.
وأكثر التحليلات ذهبت الى احتمال انفجار كدس عتاد، خصوصا وان المعسكر حدثت فيه انفجارات مشابهة في تموز 2020، وآب 2019.
وفي كلتا المرتين كانت الأنباء تتضارب حول طبيعة الانفجار؛ هل هو بسبب الخزن السيئ للعتاد؟ ام مسيرة اسرائيلية؟ بحسب كلام أطراف في الحشد.
وقال بيان الحشد الاخير بانه «في الساعة 19:00 بتاريخ 18-7-2024 وقع انفجار في مخازن الدعم اللوجيستي للواء 42 التابع لقيادة عمليات صلاح الدين تحديداً المعسكر الخلفي في منطقة اليوسفية جنوب بغداد».
وأفاد الحشد، ان «الهيئة شكلت لجنة فنية مختصة للوقوف على أسباب الانفجار»، مشيرا الى ان «الحادث لم يخلف خسائر بشرية وفق المعلومات الأولية».
ويرى غازي فيصل وهو يدير المركز العراقي للدراسات الستراتيجية، أن ما يجري من تصعيد الان يعني «انتهاء الهدنة او مرحلة التوافق بين الفصائل والقوات الامريكية».
وليل الثلاثاء الماضي، تعرضت قاعدة عين الأسد العسكرية، غربي الانبار، حيث تنتشر فيها قوات امريكية، لهجوم بطائرتين مسيرتين، من دون أن يؤدي إلى وقوع أضرار أو ضحايا.
وسبق ان هدد السوداني، بحسب مايسرب، في الأشهر التي سبقت الهدنة (بدأت مطلع شباط الماضي)، بالاستقالة من الحكومة إذا لم تمنح له فرصة للتفاوض مع الامريكان.
ومازال هناك تضارب في التصريحات بين بغداد وواشنطن، حول طبيعة المفاوضات التي بدأت منذ مطلع العام الحالي، فيما لو ستنسحب الولايات المتحدة أم تبقى لوقت أطول.
ويعتقد الجانب المتشائم من خروج الامريكان قريبا، داخل التحالف الشيعي، بان هناك محاولات «مماطلة» من واشنطن بشأن الانسحاب يستخدم فيه ملف تنظيم «داعش».
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية «سنتكوم»، يوم الأربعاء الماضي، أن تنظيم داعش ضاعف هجماته في العراق وسوريا منذ بداية العام الحالي، وأكدت أنه يحاول إعادة تشكيل نفسه.
ويقول فيصل ان «حكومة السوداني تعمل بدبلوماسية، ووضعت بالحسبان اهمية بقاء جزء من القوات الامريكية للتدريب والاستشارة لان (داعش) مازال متواجدا بالعراق وينفذ هجمات».
للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية
انفجارات مقر الحشد جنوبي بغداد تجدد مخاوف عودة تصعيد الفصائل
نشر في: 21 يوليو, 2024: 12:20 ص