TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عن نفاذ القانون

عن نفاذ القانون

نشر في: 22 يوليو, 2024: 12:20 ص

عبد الكريم البليخ

يتساءل كثير منّا حينما يسافرون خارج البلاد، ويشاهدون النظافة والنظام ونفاذ القانون واستقرار الحياة، بغض النظر عن غنى هذه الدولة أو فقرها… عن واقع الاختلاف في واقع الخدمات، وبين كثير من الدول العربية التي كثيراً ما يعيش أهلها على الفتات، وهناك كثير من الدول التي تتوافر فيها أبسط مقوّمات الخدمات العامة وسبل الحياة الكريمة، هي أفقر من سوريا بكثير، فلماذا لم نستطع أن نصل إلى مستوى حياة كريمة، تُخدّم الناس وتقلع بهم إلى مصاف الخدمات التي تقدّم في تلك الدول التي سبق أن زرناها، فضلاً عن أن تكون تلك الحياة مرفّهة كحال دول الخليج، ومتقدمة تكنولوجياً وعمرانياً وثقافياً وحضارياً كدول أوروبا؟.
لمـــــاذا لا نزال تحت وطـــأة مشاهد الزبـــالة فــي الـــشـــوارع وحفريات الــطــرقــات؟ ومــا زلنا نكتوي بنار انقطاع التيار الكهربائي، برغم الأمـــوال الكثيرة الــتــي أُنــفــقــت وما زالت تنفق عليها؟ ولماذا تغيب المياه وانقطاعها المستمر؟ ومشكلة الرغيف والحد من انتشار المخابز، على الرغم من حاجة الملحّة لها في كل مدينة وقرية وتجمّع سكاني؟
كل الملفات المتعلقة بحياتنا لا تزال، وللأسف، تأخذ مساراً عكسياً. إنها تتراجع بدلاً من أن تتقدم خطوات، وتمضي في طريق الانفتاح!
كل ما تقدم سببه عدم الإخــــلاص فــي العمل، وبعيداً عن تأدية الأمانة الوظيفية، ســـواء لجهة مــوظــف كبير أو صــغــيــر. حــتــى أنَّ الفساد الإداري والمالي الذي كان وما زال في كل مآسينا أيضاً سببه الرئيس هو خيانة الأمانة من القائمين عليها في أي موقع وظيفي كانوا!
إنَّ توافرت الإرادة لا شك عُرف الطريق، ولا شك ستتوفر كـــل مــقــوّمــات تقديم الخدمة الجيدة للمواطن، ســـواء أكانت تلك الخدمة بلدية، اقتصادية، أمنية، تعليمية، صحية، وكل أنواع الخدمات. ما يعني في حال توافرت معها الخطط والأفكار والأموال والخبرات والدافع، وبالتالي توافرت المشاريع، وتوفر الإرادة، الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل إلى جهة تقديم كل ما تقدم، ولن تتحقق هذه الإرادة ما لم يتحقق الوفاء والإخلاص والصدق في العمل.

نحن العرب نتكلم لغة واحدة، ودول السوق الأوروبية المشتركة تتكلم سبع لغات. وتراثنا واحد، فلو سألت فرداً عربياً في أي مكان عن شاعره المفضّل مثلاً فسيقول لك المتنبي، أو أبو العلاء المعري، أو أحمد شوقي. بصرف النظر عن كون هذا الفرد مغربياً يطلُّ على المحيط، أو كويتياً يطلُّ على الخليج. في حين أنك لو سألت الأوروبي لاختلف الأمر قطعاً..
فالإنجليزي سيقول لك أنَّ شاعره هو شكسبير، والألماني سيقول لك "جوته"، والفرنسي سيقول لك "فيكتور هيجو"، وهكذا..
وإلى جانب وحدة اللغة والتراث توجد عشرات من وشائج الوحدة المعروفة التي لا تتوافر في مكان آخر. وبوجه عام فالوحدة في أوربا "فكرة" عملية طارئة، في حين أنَّ الوحدة العربية حقيقة عاشت قروناً ولربما تقطّعت أوصالها سياسياً في مراحل لاحقة، ولكن ظلّت الحقيقة على مستوى الشعوب قائمة وجذورها عميقة.
الأوروبيون بدأوا مسيرتهم سنة 1960، وقطعوا فيها أشواطاً طويلة.. والجامعة العربية قامت سنة 1945، ولم تقطع بعد معشار الشوط الذي قطعه الأوروبيون دون ضجّة ولا مضاربات.
ربما لأن الأوروبيين يتناولون أمورهم بأسلوب عقلاني مطلق ليس للعاطفة فيه مكان. وهذا ليس نفياً لقيمة العاطفة، فالعاطفة عنصر حافز ودافع قوي بالتأكيد. ولكن الاعتماد عليه وحده دون درجة كافية من العقلانية، يبدو أنه لا يوصل إلى شيء.. لأن العاطفة بطبيعتها متقلّبة، سريعة التأثَّر، يتراوح عليها المد والجزر، والحساب العقلي ليس كذلك.. أو ربما لأن الأوربيين لهم علينا ميزة أن المستوى الحضاري بين دولهم مستوى متقارب، ونظمهم السياسية والاقتصادية متماثلة أو شديدة التشابه، وقيمهم الاجتماعية، وأنماط سلوكهم واحدة.
هذه أمور تسهّل التكامل والتوحيد كثيراً. وهي أمور يجب أن نعترف أنّها ليست متوافرة لدينا… ولكننا في نفس الوقت نعرف من تجارب كثيرة أن عدم توافر هذه الظروف ليس بالعقبة الكأداء التي لا يمكن تجاوزها.
المشكلة أنَّ كل مشروعاتنا في مجال الاقتصاد، وتسهيل الاتصال والانتقال وتنسيق الخطط وتكامل المشروعات، نحطّمها دائماً على صخرة الخلافات السياسية، وبين نظم الحكم لا بين الشعوب، فلا تمضي هذه المشروعات إلاّ وتتوقف. ولا تتصل هذه الشرايين في الجسد الواحد إلاّ وتتقطّع.
ولو فصلنا بين الخلاف السياسي، وبين المجالات الأخرى، التي تزيد في تلاحم جسد الأمّة العربية لتغيّرت أمور كثيرة.
ماذا أقول؟؟..
إننا نعيش ما هو أسوأ!. نعيش في مرحلة حروب أهلية عربية!.
فهل ما نزال في المرحلة التي مرت فيها أوروبا بهذه الحروب؟
أي أننا ما زلنا نعيش القرون الوسطى؟!

صار البعض ممن يدّعون الثقافة، والمتميزين في دراستهم، وسبق أن نالوا علامات متفرّدة في الثانوية العامة، ونجحوا بامتياز، ودخلوا الجامعة من أوسع أبوابها، وقبلوا في كليات لها مستقبلها المشرق يتطاولون بالكلام غير المألوف على منشورات زملائهم الأكثر منهم تفوقاً وتميزاً بمناسبة وبلا مناسبة، ويعلّقون على منشوراتهم بكلام معسول وجارح!.
وهنا أقول، أنّ الكلام صفة المتكلم، ومن اللائق الابتعاد عن هذه الخلطة غير السوية التي لا تمت للتربية، ولا للأخلاق، ولا للعلم وتراتبيته بصلة!
فيسبوك موقع اجتماعي متفرّد وجد للتواصل والتخاطب والتعليق بحدود الأدب على ما يُكتب ويشار هنا وهناك، بذوق وبكل احترام، والأجمل ما فيه هو الابتعاد كلياً عن الكلام البذيء، الماسخ الذي يثير الاشمئزاز. وهذه من أبسط الأشياء التي يجب علينا الالتزام بها.. ومن القُبح بمكان أن نشير في تعليقاتنا إلى ما يخدش الحياء، وعدم الاتزان في الرد، وهذا ما يعني أن صاحب التعليق غير قادر على إيصال فكرته، وضعف اللغة التي سبق أن تعلمها ويغمز بها، وليس لديه القدرة على ترجمة ما يريد، ما يدفعه إلى مهاجمة الآخرين، وبكل شراسة وعنف، وإن كان زميلاً، أو صديقاً، أو حتى قريب له! ويمكن أن نطلق على أمثال هؤلاء بمتطفلي فيسبوك، الذين يحتاجون إلى تقشير، وإعادة روداج وتعليم!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: نظرية "كل من هب ودب"

 علي حسين يريد تحالف "قوى الدولة " أن يبدأ مرحلة جديدة في خدمة الوطن والمواطنين مثلما أخبرنا بيانه الأخير الذي قال فيه إن أعضاء التحالف طالبوا بضرورة تشريع تعديلات قانون الأحوال الشخصية، التي...
علي حسين

قناديل: انت ما تفهم سياسة..!!

 لطفية الدليمي كلُّ من عشق الحضارة الرافدينية بكلّ تلاوينها الرائعة لا بدّ أن يتذكّر كتاباً نشرته (دار الرشيد) العراقية أوائل ثمانينيات القرن الماضي. عنوان الكتاب (الفكر السياسي في العراق القديم)، وهو في الاصل...
لطفية الدليمي

قناطر: كنتُ في بغدادَ ولم أكنِ

طالب عبدالعزيز هل أقول بأنَّ بغداد مدينةٌ طاردةً لزائرها؟ كأني بها كذلك اليوم! فالمدينة التي كنتُ أقصدها عاشقاً، متلهفاً لرؤيتها لم تعد، ولا أتبع الاخيلة والاوهام التي كنتُ أحملها عنها، لكنَّ المنعطفَ الخطير والمتغيرَ...
طالب عبد العزيز

الزواج رابطة عقدية تنشأ من دون وسيط كهنوتي

هادي عزيز علي يقول الدكتور جواد علي في مفصله لتاريخ العرب قبل الاسلام ان الزواج قبل الاسلام قائم على: (الخطبة والمهر وعلى الايجاب والقبول وهو زواج منظم رتب الحياة العائلية وعين واجبات الوالدين والبنوة...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram