غالب حسن الشابندر
منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع مشروع الانتخابات الحرّة النزيهة، سواء على صعيد تشكيل المجلس البرلماني أو أختيار رئيس الجمهورية، أو تاسيس الحكومات المحلية، وقد توّجت الموقف بالاصرار على اختيار الشعب للدستور الذي ينظّم شؤون البلاد والعباد…
أكثر من تصريح وتلميح، وأكثر من بيان وتوضيح، وأكثر من إصرار و إلحاف، أنْ لا علاقة للمرجع بهذه الكتلة النيابية أو تلك، وانها تقف على مسافة واحدة من الجميع، وإنَّ ا لكلمة الاخيرة لصناديق الاقتراع، وخطب الجمعة شاهد حي على ذلك.
ولكن…
طالما نقرأ في مواقع التواصل الاجتماعي، ونسمع من هذه الجهة أو تلك، على لسانها أو لسان من تؤجِّره لذلك، إن المرجعية كانت داعمة بل متبنيَّة هذه الكتلة أو تلك، بل بين الحين والحين تُذكَر أسماءٌ بعينها، كونها اختيار المرجع، ووريثة المرجعية، وبالتالي، ينبغي ان يكون خيارالعراقيين، خاصة الشيعة منهم.
وطالما تتم الاشارة إلى قائمة (555) كمثل ـ مزعوم ـ على هذا الدعم والاسناد، وقد جُنّدت اقلام وألسنة لإشاعة هذه (الفرية)، وكلُّ قلمٍ له (وِجْهةٌ هو مولّيها)، وكلُّ لسان له (وِجْهةٌ هو مولّيها)، وبين هذا وذاك مخدوعون يصدِّقون ما تروّج له هذه الالسن وهذه الاقلام، ومنهم من يستغل ذلك لأغراض دعائية مغرضة، ومنهم من يجد فيها وسيلة للإساءة المقصودة إلى مشروع المرجعية كـ (مرجعية)، أي يضرب بعيدا، حيث أثبتت هذه المرجعية إنّها خيمة العراق!
ليس سرِّا ان بعض رموز وابواق وخبثاء القائمة ذاتها كانت تروّج لهذا الكلام والادعاء، في حين كانت خطب الجمعة تصدح بأن المرجعية مع الجميع وليست مع كتلة دون غيرها، ولا مع حزب دون غيره، ولا مع شخصية دون غيرها، مادامت الكتلة عراقية، وفيما كان الحزب في خدمة العراق، والشخصية السياسية تتمتع بحس وطني مستقل.
الغريب أنْ لا وثيقة تدل على ذلك، ولا تصريح يدل على ذلك، وفيما تسال المروِّجين لهذه (الفرية) عن الدليل يسرد عليك مسموعات بلا سند، وإذا كان هناك سند فهو من المسموعات الرائجة، وإذا تساله عن مصدر هذه المسموعات يحيلك إلى مصادر شفوية، وهكذا تضيع الحقيقة، وهكذا تُنسَج الاكاذيب، والغريب أن يخاطر أحدهم بسمعته السياسية ويدّعي أن المكتب قد عيّن من يجيب عن أي سؤال يتعلّق بالانتخابات، حيث يحبّذ في الاثناء اختيار كتلة بعينها، وفيما تكّذب هذا الحديث، انطلاقا من تجربة شخصية، يتملّص المدّعي، ليشير إلى أن منابر المرجعية دعت إلى ذلك بالاسم والمسمّى، محاولة منه للهروب من إفترائه وكذبه…
والمكتب، مكتب المرجعية ليس بهذه السذاجة، لا من العقل ولا العُقلائية أن يتورَّط مكتب مرجعية عالمية، مرجعية روّضت المحتل، وطوّعت الملايين للدفاع عن الوطن، لا من العقل ولا من العقلائية أن تقدم على مثل هذا الاجراء الصبياني الهش.
وإذا ما صدرت من (منبري) طيّب القلب، إشارة إلى ذلك، فهو اجتهاد شخصي محض، ولم يكن بإذن من جهة مرجعية قريبة أو بعيدة، وقد ابتلى (هذا المنبري) الطيّب بهذا الموقف، ذلك أنه كان على الفطرة والسليقة والعفوية، وإلّا اين هو الصوت المرجعي الجاهر، وأين هي الوثيقة المرجعية المحبّرة، وأين هو المرجعي الشاخص؟
أكثر من جهة تروّج لهذه الفرية…
هناك المنتفعون مباشَرة…
وهناك المغرضون الذين همّهم الاساءة إلى خيمة العراق، العراقي الاصيل، العربي الهاشمي، علي السيستاني.
وهناك اللاهون، الناعقون مع كل ناعق…
وهناك أعداء العراق…
المرجع علي السيستاني لم يدعم ولن يدعم أي كتلة، ومكتب المرجع لم يتورّط بالترويج لاي شخصية سياسية..
وهذا دأب المرجعية الدينية عبر تاريخها فيما أرادت أن تتدخل بالشان السياسي، فهي تتدخل في الوقت الحرج، ومن دون إنحياز سوى الانحياز للاوطان والشعوب.
أقصد مرجعية النجف ليس خاصة بل على وجه الخصوص والحصر.