اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

نشر في: 22 يوليو, 2024: 12:33 ص

 علي حسين

كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة في كيس صغير ليسهل عليه توزيع (آناتها) ثمناً لما يشربه الذين يلتفون حوله في المقهى مصفقين له بحرارة كلما ألقى بيتاً من الشعر.
وينقل لنا المؤرخ الراحل خيري العمري أن أحد الساسة العراقيين كان شديد الإعجاب بنفسه محباً للشهرة التي تدفعه أحياناً إلى استئجار أناس يكيلون المديح له في المكان الذي يتواجد فيه نكاية بمعارضيه.
عن التصفيق والمصفقين قرأت قبل سنوات كتاباً لمؤلف مصري غاية في التشويق والمتعة عنوانه "لماذا يصفقون" والكتاب في الحقيقة يتجاوز مسألة التصفيق عند إخواننا المصريين ليتناول تاريخ التصفيق عند جميع الشعوب وكيف تحول المصفقون إلى أصحاب مهنة تدر عليهم أموالاً.
تذكر كتب التاريخ أن الإمبراطور نيرون أسس مدرسة خاصة لتعليم فنون التصفيق وفي زمنه أصبحت مهنة المصفقين المأجورين رائجة، وأنه كان يأمر ما يقرب من خمسة آلاف فارس وجندي من أفراد الجيش بحضور الحفلات الموسيقية التي كان يغني فيها وهو يعزف على القيثارة؛ ليصفقوا له بعد أن ينتهي من الغناء والعزف.
يرى الفيلسوف ويليام جيمس أن التصفيق رمز مختصر للرضا فيما يؤكد عالم النفس فرويد أن التصفيق يكتسب أبعاداً كثيرة‏،‏ ليس من بينها الرضا على الإطلاق فالإنسان يلجأ إلى التصفيق تعبيراً عن الضيق والغضب،‏ فنحن غالباً ما نمارس التصفيق دون وعي مسبق‏,‏ ودون أن تكون لدينا معرفة فاحصة ودقيقة بوظائفه وأنواعه والآثار التي يمكن أن تترتب عليه.
يخبرنا مؤلف كتاب التصفيق بأن هناك أنواعاً عدة من التصفيق "يمكن التمييز بين نوعين منها التصفيق الأول تصفيق حر، يقوم به الشخص من دون ضغوط خارجية، وبمحض إرادته الكاملة، والثاني تصفيق إجباري، يقوم به الشخص مضطراً بسبب وجود ضغوط أو قيود تجبره على التصفيق. فالتصفيق مرآة تنعكس عليها علاقات السلطة بالناس.
ذات يوم، كان العالم آينشتاين يلقي محاضرة في إحدى الجامعات وبرفقته صديقه شارلي شابلن وما أن انتهى من المحاضرة حتى ضجت القاعة بالتصفيق. سأل آينشتاين "لماذا يصفقون إلى هذه الدرجة؟!"، رد شابلن "يصفقون لأنهم لم يفهموا شيئا مما قلته".
جوقة المصفقين لا يعلمون ولايريدون أن يعلموا ماذا يجري في االبلاد ، وأين وصلت أنباء معركة كرسي رئاسة البرلمان وما صحة التقارير التي تنشر عن الفساد والمحسوبية والانتهازية وسرقة المال العام لا يهم فهذه مسألة يمكن أن نتجاوزها الآن، فنحن منشغلون بالتصفيق .. أما لماذا؟ لايهم.. المهم أنهم يصفقون عندما تصلهم الأوامر، غير مبالين إن كانوا يصفقون في الوقت الملائم أم في الوقت الضائع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram