اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > سؤال وجهناه إلى عدد من الشعراء والنقاد : الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

سؤال وجهناه إلى عدد من الشعراء والنقاد : الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

نشر في: 23 يوليو, 2024: 12:31 ص

علاء المفرجي

  • 2 -
    هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين الناس، وفي كل مناحي الحياة وفي كل أسلوب من أساليب التعبير التي يمكن ان تعطينا شعرا أصيلا. فالشاعر المعاصر غالبا ما يكتب بلغة الناس ولا يتردد في مفاجئتنا او إحداث الصدمة بلغته، وموقفه وتفاصيل حياته اليومية. هنا ينشق الشاعر عن نظرية اليوت في ان الشعر يجب أن يبتعد عن كل ما هو شخصي ويميل إلى توثيق المشاعر الإنسانية.
    فما الذي يقوله شعراؤنا؟
    الناقد فاضل ثامر: الشعر سر الوجود الخالد
    الشعر لا يمكن ان ينفى مع تقادم العصور، فهو صرخة الانسان الاولى في مواجهة الطبيعة والحياة واشكاليات الحياة والموت.. والشعر ارتبط دائما في بداياته بالغناء ولذا لم يكن مصادفة ان يبدأ الشعر غنائيا ولذا فقد سمي بـLyric Poetvy انه تعبير عن حاجة الانسان واحلامه وهواجسه والتواصل هو حجر الاساس في حياة الانسان الاجتماعية عندما يغادر مرحلة الطبيعة الى مرحلة الثقافة او عند الانتقال من النيئ الى المطبوخ حسب تعبير (كلود ليفي ستراوس) ومقولة اليوت تشير الى وجه واحد فقط من تجربة الشعر، وتحديدا مع بواكير حركة الحداثة الشعرية، من خلال التأكيد على الطبيعة الموضوعية للشعر وابتعادها عن التعبير عن المشاعر الذاتية للشاعر، وربما سبق اليوت في هذه النقطة نقاد مدرسة (النقد الجديد) وتحديدا مقولة "المغالطة العاطفية ومقولة "المغالطة القصدية" التي جاء بها الناقدان بيروسيلي ومزات في ثلاثينيات القرن الماضي وربما يقرب ه1ا المفهوم الى حد ما مع مقولة رولاف بارت حول موت المؤلف في التأكيد على الصفة الموضوعية لا الذاتية للتعبير الادبي والفني ومع ذلك فهناك دائما اشكال وضروب متعددة من الشعر منها الموضوعي ومنها الغنائي او الذاتي كما يمكن الحديث عن الشعر الفطري او الشعبي فضلا عن الشعر الدرامي.
    ولذا يظل الشعر في كافة ضروبه حيا ومنتجا ومتفجرا في ازمات الانسان الوجودية والذاتية العاطفية منها والموضوعية على حد سواء.
    وتحضرني هنا قصيدة جبران خليل جبران التي غنتها السيدة (فيروز): "اعطني الناي وغني، فالغنا سر الوجود.
    الشاعر رياض النعماني: الشعر حقل لانهائي الغموض والبناء في ماهيته.
    الشعر هو الضوء الاول الذي رافق بدايات تشكل العالم، ووعي العالم. الله حينما صافح الكون _ في لحظة كان فيها كل شىء محض نشوة، وارتفاع _ لم يكن سوى توهج مسكر، مبهر هو الشعر.. فالشعر كان عمل الله في الوجود.. او انه اي (الشعر) كان يكمل عمل الله….. في ابداع الوجود الذي لم يتوقف لحظة واحدة، الشعر حقل لانهائي الغموض والبناء في ماهيته، فهو الطبيعة الام الحقيقية للطبيعة ولنا.. وهو ينبوع اسرارنا واحلامنا واعماق لا وعينا، انه من قادنا الى اكتشاف حقائق الكون وحقيقتنا واللانهائي الكامن في اعماقنا… الشعر من بعض الوجوه مطلقا، لا يكتمل وعي ذاتنا بذاتنا الا بالتماهي مع ذاته ومعرفتها. لاوعي المبدع يصبح معجزا عندما يتكامل مع لاوعي العالم.. هكذا يولد الانبياء والشعراء الكبار والمصلحون الثوار الفرادى. والشعر يفتح الشاعر على فجر جماليات وحقائق الحياة اللانهائية ويدمجه بها.. من هنا نرى جوهره اللدن الريان، والفكر او الموقف الانثوي العادل من مجريات وحوادث التاريخ.. لذا نلمس موقف الشاعر الفنان الراسخ ضد الظلم والاضطهاد والفساد والكراهية والقبح والشر والحروب ونفي او اقصاء الآخر. الشعر يخلق الانسان الذي يحلم بالتكامل فيه.. الانسان الرومانتيكي.. الانسان العادل الذي يعتقد ان الحب هو دين الانسان ووطنه ومبادئه. انه العلماني بأمتياز وفي النهاية فأن الشعر لا يمكن ان ينتهي. يحلم بتكامل الشخصية
    الشاعر منذر عبد الحر: على الشاعر أن يفهم المزاج العام للمتلقّي
    هذا التساؤل يستدعي الوقوف على طبيعة الشعر ودوره في التعامل مع التطوّرات التي تتسارع في تحديث كلّ شيء يخصّ الحياة والإنسان, وبالتأكيد فأن الشعر لا يستثنى من هذه التطوّرات, ولذلك علينا أن نتأمل مستقبل الشعر ودور القصيدة ومدى قدرتها وإمكانية شاعرها على التعامل مع الظروف الجديدة في العالم المتجدد… هذا الأمر يتعلّق بعاملين, الأوّل هو التقنيات التي يستخدمها الشاعر في قصيدته الجديدة, والثاني طبيعة التلقّي والجمهور المستهدف الذي من خلاله يستطيع الشاعر معرفة أثر قصيدته في الآخر, سواء كانت قصيدته مؤدّاة إلقاءً أم صورة أم كتابة, ولو تحدثت عن التقنيات, التي مازال الوسط الثقافي مشغولاً بالأشكال الأكثر شهرة في الأداء وهي (العمود " الشطران " والتفعيلة " قليلة الاستخدام " والنثر " بكل الجدل الحاصل على شرعيّتها على الرغم من مضي عقود على كتابتها والحديث عنها والمضي في مشروعها, إضافة إلى الأشكال التي بدأت تشغل ثلّة من المشتغلين في الشعر وبالذات قصيدة " الهايكو" ذات الأصول اليابانية)… أنا شخصيّاً أتوقّع للقصيدة التي إذا أراد شاعرها نجاحاً في التلقّي أن يواكب المتغيّرات, وأن يفهم المزاج العام للمتلقّي, الذي لم يعد قابلاً للمكوث طويلاً أمام نمط تتكرر عليه نبراته, ولم يعد صبوراً أمام الأفكار أو المشاهد الطويلة والتفصيلية, لذلك فإن الشعر بعمومه سيكون سلعة معروضة بين سلع عديدة, على خالق أو مبدع هذا الشعر أن يحاول جذب النظر إليه بوسائل وطرق مبتكرة مع جزيل الشكر الشاعر.
    الشاعر أديب كمال الدين: الشعر، بكلمة واحدة، هو الحياة!
    سيبقى الشعر نابضاً بالحياة وممتلئاً بها، راقصاً مع تفاصيلها العجيبة، متأملاً في سرّ ظلامها العظيم ونورها الأعظم، مُلقياً أسئلة الحبّ بمعناه الكبير التي لا نهاية لها، وأسئلة المعنى التي لا تختفي على الإطلاق، وأسئلة الموت التي تومض في ذاكرة البشر ما داموا يتنفسون.
    ولذا فأنا متيقن من بقاء الشعر حيّاً وحاضراً في قابل الأيام والسنين عند جمهوره المُحبّ والمتفاعل بالتأكيد. فالشعر هو الأخ الحقيقي لسؤال الرحلة من الألِف إلى الياء، وهو العرّاب كلما اقتربت البشرية قاب قوسين أو أدنى من الفناء بقرارِ مجنونٍ يفجّر قنبلة نووية أو مهووسٍ يشعل حرباً عالمية لا تُبقي ولا تذر أو بسبب خطأ يرتكبه عالم غريب الأطوار أو سياسي تافه يقدّس كرسيّه حدّ الركوع والسجود.
    سيبقى الشعر حيّاً بنَفْسه وجمهوره أبداً. فمنذ أن كُتبت ملحمة كلكامش الخالدة منذ آلاف السنين في بلاد الرافدين لتطلق أسئلة الوجود الكبرى وحتى آخر يوم في حياة البشرية على كوكبنا العجيب، لن يستغني الإنسان عن الشعر الحقيقي والشعراء الحقيقيين، لكنّ الشكل الشعري سيختلف بالطبع، وستتدخل التكنولوجيا بشكل هائل في إعلانه ونشره وبثّه.
    سيبقى، إذن، حرف الشعر مطلوباً من قبل الجمهور بصور شتّى، وسيقاومُ باسمِ النورِ والأملِ والحبِّ بمعناه العميق الموتَ والحربَ والجوعَ والبؤسَ والمرضَ والتفاهةَ والوحشةَ والغربةَ والنفي والظلمَ والعنصرية، بل سيقاوم هذا الحرفُ العظيم حتى التكنولوجيا إذا أرادت خنقه. نعم، فالشعر، بكلمة واحدة، هو الحياة!
    الشاعر محمد تركي نصار: سيبقى الشعر خالدا خلود الروح
    سيبقى الشعر هو المعبر الأكثر أصالة وحقيقية عن تاريخ الروح كما يذهب إلى ذلك الشاعر الفرنسي سان جون بيرس في عبارته الشهيرة (لا تاريخ الا تاريخ الروح), فهناك تاريخ الوقائع الخارجية التي تصنعها السياسة والاقتصاد والحكم والدول والمؤسسات حيث تكون ارادة الفرد الشاعر فيها محدودة أو معدومة أو محايدة, وهناك تاريخ اخر هو تاريخ الألم والمعاناة والمكابدة والصدمات إذ يتجلى الصراع الفكري والروحي للفرد الموجود في عالم معقد مترام شاسع يجمع بين ماهو أرضي وماهو بعيد عابر للمجرات والأكوان الغامضة حيث الفرد جرم صغير جدا يكاد لايرى في تلاطم مجرات لامتناهية من الكواكب والمجاهيل. يعيش الفرد الواقعي البايولوجي تفاصيل حياته اليومية ويصنع أوقاته الأرضية وعالمه البسيط فيما يكون الفرد الشاعر مشدودا لمناطق التوتر بين ماهو فيزيائي وماهو ميتافيزيقي يواجه القلق ويحلم ويجابه أسئلة الوجود والعدم وهي أسئلة خالدة منذ الاف السنين وستبقى كذلك كما أرى بغض النظر عن الثورات العلمية والفتوحات التكنولوجية والطفرات المتلاحقة المبهرة التي توفر الكثير الكثير من المنافع ووسائل الراحة وتحسين المستويات الذهنية لكنها تظل عاجزة عن استيعاب أسئلة المصير والقلق وما بعد هذه الحياة وكلها مرتبطة بجوانب وجدانية، يبقى الشعر هو الوسيلة الأكثر قدرة على استيعابها والتعبير عنها مهما دارت الأزمان والعصور. لذلك سيبقى الشعر خالدا خلود الروح وقد يتخذ وسائل تتباين في كل مرحلة زمنية من حيث العلاقة باللغة والخيال والمجازات والصور الشعرية لكنه يبقى جوهرا صامدا حافظا وحارسا لكينونة الانسان الروحية
    الشاعر حسام السراي: ما يختلف هو طريقة تلقي الشعر وتداوله
    تبقى الحياة بمفرداتها وانعطافاتها موئلاً للإلهام الشعري، الحياة قبل 100 سنة والآن وما بعد 100 سنة أيضاً، ما يختلف هو طريقة تلقي الشعر وتداوله. فيما قبل كان الزهاوي- مثلاً- وهو شاعر انهمك بتطويع ما يؤمن به إلى أفكار موجّهة في قصائده، وسيلة تواصله مع القارئ، هي النشر والتردّد على المجالس الأدبيّة والمقاهي، ليغدو نتاج الزهاوي الأدبي- قبل قرن تقريباً- وثيقة عن مساجلات أدبيّة وتبنٍ لقضايا اجتماعيّة؛ أبرزها سفور المرأة قِبالة حجابها. شاعر اليوم، لم يعد جمهوره في المقهى الذي توقف عن أن يكون نقطة انطلاق وتفاعل بالنسبة له، فقدَ المقهى تلك الروح التواصليّة التي كانت ولم يعد جاذباً وصاخباً كما هو عند الستينيين من قبلنا؛ بحكم تغيّرات الحياة وإيقاعها المتسارع وعدم واقعيّة الجلوس في مكان واحد لساعات طوال. الجمهور المهتم متوزّع بين وسائل التواصل وفي عُزلات متباعدة لقرّاء ضمن زواياهم وأوقاتهم الخاصّة، وفي أماكن قصيّة ربّما لا يعرف الكاتب إن له فيها قارئ ما. وإذا كانت هموم هولدرلين هي البحث عن "مدينة إنسانيّة"، وقبله المعري بقرون التفت إلى الإنسان المهدور، منطلقاً بذلك من مخاطبة ذاته "ذر الدُنـيـا إذا لم تحظَ منها/ وكُـن فـيـهـا كـثـيراً أو قليلا، وإلى رحلة الفرد المُحتسب لمن مرّ قبله في هذه الحياة بين ساعتي الميلاد والموت، مصوّراً إياها في هذا البيت ذي القيمة الإنسانية العالية: خَفِّفِ الْوَطْءَ مَا أَظُنُّ أَدِيمَ الْـ/أَرْضِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَجْسَادِ". اليوم وبعد 100 سنة، تبقى هذه المعادلة حاضرة، وهي لا نهائيّة المواجهة بين إرادة الشاعر التي تتشكّل من الثقافة الشخصيّة والقناعات الذاتيّة، والحياة بمجرياتها، وهي تصوغ شكلاً متغيّراً من أشكال التضييق والمصادرة له، وفي تعبيراته الإبداعيّة تندغم المشاعر الإنسانيّة بما هو إعلاء لما توقده الأفكار من أجل البشرية والإنسان بالمحصلة، باستمرار الحجب والإزاحة. للشعر جمهوره، بعد قرن وأبعد، التلقي هو الذي سيختلف كما أشير أعلاه، بمناطقه ووسائله وطريقة تلمّس تأثير هذه القصيدة دون تلك على قرّاء يتباعدون أكثر فأكثر، ولا يجمعهم ربّما سوى نقرة سريعة من التفاعل عبر السوشال ميديا. تتعقّد قدرة الثقافة، والشعر منه بخاصّة، على إحداث فرق أو نقلة اجتماعيّة إيجابيّة، بضوء صعود الشعبويات من جديد ومظاهر الفرجة السريعة من التي لا تتعدى بضعَ ثوان من البث، ذاك كلّه في جوّ عربيّ عراقيّ، هو عالم ما بعد كورونا وما بعد انطفاء الثورات والاحتجاجات، ويوميات الاكتفاء بالصداقات المحدودة.
    الشاعرة كولالة نوري: كل تفاصيل الحياة هو تاريخ للقلب البشري.
    كولالة نوري: لا استطيع التنبئ تماما بما يفكره الجمهور بعد مائة عام، لكنني وبحكم الواقع الان استطيع ان اقدّر. (الجمهور) كمعنى غير موجود، هناك قرّاء ويمكن تحديده بعدة الاف فقط، ولا يمكن اعتبار ذلك العدد جمهورا. واعتقد سيبقى كذلك بعد مائة عام فالشعر هو(طريقة واحدة فقط) من طرق التعبير ولا ننسى بان الشعراء (احيانا) يضخمون المشاعر في الفرح او الحزن في الحروب او الرخاء بحكم حساسيتهم، لذلك لا اعتبر الشعر تاريخ للقلب حقا. وبالرجوع الى ما قاله كولنز فاني لا اتفق معه. فكل مواقف الانسان وقصصه حتى حروبه وسلامه، كل تفاصيل الحياة هو تاريخ للقلب البشري. اما ما قاله اليوت عن الابتعاد عن كل شئ شخصي فأيضا لا اتفق معه، الشعر هو رؤية وفلسفة خاصة للشاعر نحو الحياة. فكيف نلغي التجارب والاطلاعات التي كونت رؤيته وفكره ومشاعره. كلما تطور الحياة والعلم والتقنيات اصبح ما يشغل العالم والجماهير اكثر بكثير من الشعر، لان الشعر اضافة الى انه طريقة واحدة للتعبير فانه كان وسيلة لنقل الاحداث عبر الاماكن وبين الشعوب وعبر التاريخ، فهذه لم تعد خاصة بالشعر، فهناك النصوير والفيدو وتقنيات النقل، حتى انك تعرف بأحداث عاطفية وشعرية وانسانية في اقصى قرية في العالم. قد ترجع جماهير الشعر عندما تلغى كل تقنيات التواصل. وهذا احتمال فقط.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في فيينا

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

صورة المثقف في رواية بنات غائب طعمة فرمان

(لعنة فلوريس)، رواية برازيلية تربط الماضي بالحاضر بخيوط الدانتيل

مباغتة

مقالات ذات صلة

سؤال وجهناه إلى عدد من الشعراء والنقاد : الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

سؤال وجهناه إلى عدد من الشعراء والنقاد : الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي 2 -هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram