متابعة / المدى
أثار الإعلان عن مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية وادراجه في جدول اعمال البرلمان اليوم الأربعاء، سخطاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والاجتماعية، حيث وصف بأنه "ملغوم"، وأنه يقسم المجتمع على أساس مذهبي.
النائب الذي قدم طلب ادراج مسودة التعديل في جلسة اليوم الأربعاء لمجلس النواب، رائد المالكي عضو اللجنة القانونية النيابية، تحدث عن ما اعتبره مزايا تعديل قانون الأحوال الشخصية، مشيراً إلى ان التعديل يمثل رغبة المرجعيات الدينية، من دون تحديد أي المرجعيات المقصودة.
وقال المالكي في بيان تلقته (المدى)، إن "مقترح القانون متوافق ومطابق للدستور، تنفيذاً لأحكام المادة 41 من الدستور التي تنص على أن (العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون)". وأوضح أن "المقترح يعطي الحرية للعراقيين في اختيار تطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية النافذ (قانون 188 لسنة 1959) أو اختيار أحكام (المدونة الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية) التي سيتم وضعها والموافقة عليها من مجلس النواب".
وأضاف أن "أحكام المدونة الشرعية ستتضمن بابين: أحدهما للفقه الجعفري، والآخر للفقه السني، وسيتم وضعها من قبل المجلسين العلميين في ديواني الوقفين الشيعي والسني بالتنسيق مع مجلس الدولة ووفقاً للمشهور من أحكام الفقهين الشيعي والسني". وأكد أن "مقترح القانون يحافظ على وحدة السلطة القضائية ولا يخلق ازدواجاً في المحاكم، وسيكون هناك فقط أحكام القانون 188 وأحكام المدونة، وستطبق المحاكم الحالية كليهما حسب اختيار الشخص عند إبرام عقد زواجه".
من جهتها، نشرت عضو مجلس النواب السابقة آلاء طالباني وثيقتين قالت إنهما "ملغومتان شرعياً وقانونياً وإنسانياً واجتماعياً ووطنياً". وأضافت أن "تلك هي تعديلات قانون الأحوال الشخصية المعروضة أمام مجلس النواب، وهذا التعديل سيقسم العراق أكثر، وسيولد انفلاتاً كبيراً في القانون وستتحول قضايا الأحوال الشخصية إلى خارج المحاكم الرسمية".
إلى ذلك، استنكرت رئيس كتلة الجيل الجديد النيابية، سروة عبدالواحد، تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي يمس جميع العراقيين بناءً على طلب نائب واحد فقط.
وفي تغريدة لها على موقع X، قالت عبدالواحد: "رئاسة مجلس النواب حذرتنا من الحديث عن البرلمان، ونحن نؤكد أن البرلمان مؤسسة عريقة لا يمكن المساس بها". وأضافت: "لكن عندما تضع الرئاسة جدول أعمال بناءً على طلب نائب واحد وتقوم بتعديل قانون الأحوال الشخصية الذي يؤثر على كل العراقيين، كيف نرد على ذلك؟".
وتابعت: "أولاً، تمرير هذا التعديل سيقسم العراق. ثانياً، من يتحدث باسم المرجعية ويقول إن المرجع الأعلى دعا إلى هذا التعديل لتقسيم العراق يجب أن يقدم دليلاً واضحاً وصريحاً على هذا الكلام".
واختتمت عبدالواحد برفضها هذه التعديلات قائلة: "لن نقف مكتوفي الأيدي".
من جانبه، علق القاضي سالم روضان الموسوي على مشروع "تعديل"، قانون الأحوال الشخصية في العراق قائلاً: ان الشعب العراقي بحاجة الى قوانين تعزز من وحدته وتقوية اواصره تجاه محاولات التقسيم وتفتيت اللحمة والنسيج الاجتماعي. ودعا القاضي، من تصدى لإصدار المقترح ان يرجع عنه.
وأضاف: جاء في مستهل المقترح ان التعديل يمنح العراقي والعراقية حق اختيار المذهب (الشيعي او السني) الذي تطبق عليه احكامه في مسائل الأحوال الشخصية.
ووجه قوله لمن اقترح المشروع "ان ما عليه العمل في الوقت الحاضر هو منح الزوجين حق اختيار المذهب الذي ينظم عقد زواجهم واحوالهم الشخصية لاحقاً، فاذا اختاروا المذهب الجعفري فان المحكمة سوف تضع في حقل اجل استحقاق المهر المؤجل العبارة الاتية ( عند المطالبة والميسرة) اما اذا اختاروا المذهب الحنفي تضع المحكمة العبارة الاتية (عند اقرب الاجلين)"، مضيفاً: ان هاتين العبارتين هم من يحدد المذهب الذي ينظم العقد، وفي العمل القضائي نستدل عليه من خلال تلك العبارتين، بل ان جميع دوائر الدولة بما فيها بعض المؤسسات الأمنية والعسكرية في الفترة الأخيرة تطلب عقد زواج منتسبيها لمعرفة مذاهبهم من خلال تلك العبارتين.
ونوه بأن "مواد قانون الأحوال الشخصية بكل تفاصيلها المتعلقة بالزواج والطلاق والولادة والوفاة والوصايا والمواريث لا تتعدى (91) مادة بينما هذه المواضيع لها من السعة بمقدار الحياة لإنها تنظم أحوال الانسان منذ لحظة انعقاده نطفة الى لحظة وفاته وحتى بعد وفاته في توزيع تركته، وهذه السعة لا تستوعبها احكام القانون النافذ مما جعل من الاحكام الشرعية للمذهب الذي نظم بموجبه العقد مصدراً للحكم القضائي، وعند البحث في الاحكام القضائية ستجد جميع تلك الاحكام استندت الى الاحكام الفقهية للمذهب الذي نظم بموجبه العقد".
وتساءل: لماذا التعديل إذا كان ما يسعى اليه متوفر في النص الحالي؟ وأجاب: افترض بعض الإجابات، ومنها ان بعض النصوص قد اخذت بمذهب دون اخر، أقول رداً على هذا القول ان المبادئ القانونية التي تضمنها القانون لها مصادرها في فقه الشريعة الإسلامية، والقانون اخذ بالفقه الجعفري في عدة مسائل منها الطلاق ثلاث حيث اعتبره طلقة واحدة وميراث البنت وميراث الأخت وغيرها من الاحكام الأساسية، كما اخذ من المذهب الحنفي في البعض الاخر، خلال سنوات العمل بالقانون لم تظهر أي إشكالية شرعية على الاحكام القضائية التي أصدرها القضاء
وختم القاضي روضان حديثه قائلاً: الامل كبير في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بوقفه جادة تجاه تمرير التعديل، لان اغلبيه الشعب العراقي لا يمكن ان تختزل برأي وزير او مجموعة من السادة النواب المحترمون وينصبون انفسهم بمنصب القيم على هذه الاغلبية من ابناء الشعب، وإذا كانوا على صدق في نواياهم أرى ان يعرضوا المشروع للاستفتاء والوقوف على رأي الشعب بدلا من التفرد في القرار والعودة الى الديكتاتورية المقيتة التي تصادر رأي الأغلبية، وقانون الاحوال الشخصية يختلف عن كل القوانين سواء التي تنظم شكل الدولة او التي تتعلق بالجانب الاقتصادي لان هذه القوانين لا تتعامل مع الجميع وإنما لفئة معينة او لظرف زماني او مكاني محدد بينما قواعد الاحوال الشخصية تمس كل مواطن مهما كان وفي اي مكان منذ لحظة انعقاد النطفة في رحم الام ولغاية مماته وحتى بعد الممات وهذه الاهمية لابد وان تراعى عند التعامل مع مثل هذه القوانين".
مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية يثير ضجة: يكرس الانقسام الطائفي
نشر في: 24 يوليو, 2024: 12:46 ص