متابعة/ المدى
على وقع ارتفاع معدلات الجرائم الإلكترونية في العراق، وأبرزها الابتزاز، يكاد لا يمر يوم إلا وتعلن الجهات الأمنية عن اعتقال متورطين في مثل هذه الجرائم، حيث أعلنت وزارة الداخلية العراقية، تسجيل 9384 حالة ابتزاز إلكتروني و(7362) ضحية عنف أسري، و(567) هارب وهاربة تم إعادتهم لذويهم خلال العام 2023.
وتنتشر بشكل لافت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في العراق، والتي تمارسها عصابات مختصة وأفراد لتحقيق مكاسب مالية وغايات أخرى، وأغلبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبينما تجتهد الجهات الأمنية في السعي للحد من الظاهرة وتحجيمها، إلا أن ضعف التقنيات الإلكترونية يحجم من إمكانية السيطرة عليها.
ما بعد كورونا
وقالت الوزارة في بيان تلقته (المدى) إن "مفارز الشرطة المجتمعية في بغداد والمحافظات وخلال شهري آيار وحزيران المنصرمين من العام الجاري، اوقفت (181) حالة ابتزاز الكتروني و (190) حالة عنف أسري، في حين تمكنت في ذات المدة من إعادة 22 هارباً وهاربة الى ذويهم".
فيما قال مدير الشرطة المجتمعية في جانب الكرخ ببغداد العقيد عمر افكار في حديث تابعته (المدى): إن "الابتزاز الالكتروني بات مشكلة للعديد من الأسر العراقية، إذ الكثير من العوائل أخذت تتجه الى الشرطة المجتمعية والدوائر الاختصاصية لحل مشكلة الابتزاز التي تتعرض لها"، موضحا أنه "بعد جائحة فيروس كورونا ازدادت عمليات الابتزاز نتيجة ارتباط الهاتف بالدراسة".
تهديد وتشهير
من جهته قال جهاز الأمن الوطني العراقي، اليوم الاربعاء، في بيان تلقته (المدى)، إنه "بعد عملية رصد ومتابعة منصات ومواقع التواصل الإجتماعي ونتيجة شكوى تلقاها الجهاز تفيد بتعرض عدد من المواطنين والوجهاء ومديري الوحدات الإدارية والمسؤولين في محافظة المثنى إلى عمليات ابتزاز وتشهير إعلامي عبر مواقع وصفحات التواصل الأجتماعي، قامت مفارز جهاز الأمن الوطني في المحافظة بعد تفعيل الجهد الاستخباري واستحصال الموافقات القضائية من تحديد هوية متهمين اثنين وإلقاء القبض عليهما بالجرم المشهود وبحوزتهما (9) أجهزة موبايل و (5) أجهزة لابتوب وأختام متعددة".
وأضاف، أن "سوء استخدام الهاتف وعدم المتابعة الأسرية وضعف في تأمين الحسابات الالكترونية والصفحات الوهمية وما يسمى "بالتهكير"في مواقع التواصل لاجتماعي زادت من حالات الابتزاز الالكتروني".
وتابع أن "المديرية في جانب الكرخ تمكنت من حل أكثر من مائة حالة ابتزاز منذ بداية عام 2024 الى الاولى من تموز الجاري"، لافتا الى أن "كشف حالات الابتزاز من مهام وكالة الاستخبارات وجهاز الأمن الوطن".
فيما أعلنت السلطات العراقية في اذار الماضي، الكشف عن شبكة تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لابتزاز المؤسسة الأمنية والضباط والمنتسبين ومساومتهم.
وقال يحيى رسول المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في بيان تلقته (المدى)، إن "التحقيقات توصلت إلى تحديد عناصر شبكة داخل المؤسسة تعمل على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي (صفحات بأسماء مستعارة) لابتزاز المؤسسة الأمنية والإساءة لرموزها".
وأضاف رسول أن "لجنة تحقيقية برئاسة وزير الداخلية وعضوية رئيس جهاز الأمن الوطني والمفتش العسكري لوزارة الدفاع قررت "إحالة الضباط المتورطين بهذا الفعل غير القانوني إلى الإمرة، واستمرار الإجراءات القانونية اللازمة وإكمال التحقيقات بحقهم".
ولم يكشف البيان عن أسماء الضباط المتورطين ولا رتبهم حتى ساعة إعداد هذا التقرير.
لا قانون صريح
ويرى مراقبون أن تغليظ العقوبات بحق مرتكبي هذه الجرائم يشكل رادعا أمام اتساع نطاقها، لا سيما جرائم الابتزاز الإلكتروني الآخذة في التصاعد، في ظل الانتشار الكبير لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي وما ينطوي عليه من استغلال لها بطرق مشبوهة.
وأشاروا إلى ضرورة سن قانون خاص بمكافحة الجرائم الإلكترونية في العراق، مما سيسهم وفقهم في كبح جماحها، حيث يستفيد مرتكبو هذه الجرائم من غياب قانون خاص بمعاقبة هذا النوع المتفشي من الجريمة.
فيما أطلق جهاز الأمن الوطني العراقي حملة توعية كبيرة تحت عنوان "احنا بظهركم"، لغرض حماية الفتيات وخاصة طالبات الثانوية والإعدادية من جرائم الابتزاز بعد ارتفاعها أخيراً داخل المجتمع العراقي.
وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كريم عليوي في حديث تابعته (المدى)، إن "هذه الحملة الأمنية والتوعوية جاءت بعد تسجيل ارتفاع ملحوظ في جرائم الابتزاز الإلكتروني، حتى أصبح العراق يسجل بشكل يومي عمليات ابتزاز مختلفة في محافظات مختلفة، وهذا مؤشر خطير، ولهذا جاءت الحملة للتصدي له، عبر التوعية والتحذير وإعطاء التعليمات اللازمة للتعامل مع هذه الجرائم التي تعتبر حديثة على المجتمع العراقي".
وبيّن عليوي أنه "في مجلس النواب العراقي، نعمل على تعديل بعض القوانين وتشريع قوانين جديدة، تركز على قضايا الابتزاز الإلكتروني، لغرض تشديد العقوبات بحق كل من يمارس هذه الأعمال غير القانونية واللاأخلاقية، فلا بد من تشديد العقوبات حتى تكون هناك عملية ردع بقوة القانون".
بينما قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية خالد المحنا في تصريحات سابقة، إنه "لا وجود لقانون صريح يتعامل مع الجرائم الإلكترونية وتحديدا الابتزاز في العراق".
واضاف في حديث تابعته (المدى)، ان "رغم ذلك فإن أجهزة الشرطة تتعامل مع هذا الموضوع وفق مواد قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969". مشيرا الى، ان "هناك متهمون تمت إدانتهم وفق مواد التهديد وحسب جسامة الفعل وخطورة الضرر، وتم الحكم عليهم بالسجن بمدد تتراوح بين 7 و14 سنة".
وتابع، ان "أجهزة الشرطة تتعامل مع الموضوع حسب الاختصاص، فالجرائم الإلكترونية من اختصاص وكالة الاستخبارات الاتحادية، وتعمل مديرية مكافحة الإجرام في بغداد والشرطة المجتمعية بملف الابتزاز الإلكتروني".
جريمة عابرة للحدود
وفي وقت سابق أعلن جهاز الـ"آسايش" أمن إقليم كردستان العراق، عن الإطاحة بعصابة خطيرة مطلوبة من قبل "الإنتربول" بتهم ممارسة الابتزاز الإلكتروني، تقودها امرأة، بعدما أوقعت بأكثر من 250 ضحية.
وذكرت الـ"آسايش" في بيان تلقته (المدى)، أنه "بعد جمع المعلومات الدقيقة وتحديد أماكن تواجد المتهمين من قبل الفرق التقنية التابعة لمديرية آسايش السليمانية، تم التمكن من اعتقال عضو رئيس من عصابة جرائم إلكترونية"، موضحا أن "هذه العصابة مطلوبة من قبل الأجهزة الأمنية في إقليم كوردستان والشرطة الدولية (الانتربول)".
وأضاف البيان أنه "استنادا إلى شكاوى عدد من ضحايا هذه العصابة التي كانت تعمل كفريق واحد خارج البلاد، أصبحت هذه العصابة مصدر تهديد وخطر على حياة أكثر من 250 شخصا".
وأوضح البيان أن "المتهمة محتجزة حاليا إستنادا إلى المادة 2 من قانون إساءة استخدام أجهزة الاتصالات"، مؤكدا أن التحقيقات مستمرة في هذه القضية.
فيما أعلن جهاز الأمن الوطني، في شهر نيسان الماضي، عن الإطاحة بشبكة للابتزاز الإلكتروني يديرها أحد عناصر تنظيم داعش من خارج العراق.
وذكر الجهاز في بيان تلقته (المدى)، أنه "وفقاً لمعلومات استخبارية تفيد بوجود أحد الأشخاص يقوم بابتزاز المواطنين في محافظة نينوى، تم استحصال الموافقات القضائية بنصب كمين للإطاحة به متلبساً بالجرم المشهود".
وبين أنه "عند القبض على المتهم المذكور تبين أنه يعمل سائقاً يقوم بإيصال الأموال إلى محافظة كركوك، وبدلالته وبالتنسيق مع مفارز الجهاز في كركوك تم القبض على الشخص المسؤول عن استلام الأموال وهي امرأة تبلغ من العمر 52 عاماً".
وبينت الشرطة المجتمعية، أن الابتزاز الالكتروني، هو الاختراق الإلكتروني بسبب جهل الكثير من العراقيين اشتراطات الأمان اللازمة وحماية هواتفهم وأجهزتهم الإلكترونية.
وبشكل يومي تقريبا، تعلن وزارة الداخلية عن الإيقاع بأشخاص يقومون بالابتزاز الإلكتروني، وكذلك إنقاذ ضحايا ابتزاز من دفع مبالغ مالية، لكن مع ذلك لا تزال عمليات الابتزاز منتشرة بشكل ملحوظ في العراق.