واشنطن / آي بي إس سجل الرئيس باراك أوباما إنتصارا سياسيا حاسما بمصادقة مجلس الشيوخ بأغلبية تفوق ثلثي الأصوات المطلوبة بما فيها 13 جمهوريا تحدوا قيادة حزبهم، على معاهدة الحد من الأسلحة الستراتيجية الجديدة "ستارت" مع روسيا. وسارع أوباما بالإشادة بقرار التصديق قائلاً: أنه "يرسل إشارة قوية إلى العالم بأن الجمهوريين والديمقراطيين يصطفان جنباً إلى جنب وراء أمننا".
وأضاف: أن "هذه هي أهم إتفاقية للحد من التسلح في نحو عقدين من الزمن، وسوف تجعلنا أكثر أمنا". وعن نتائج هذا النصر الرئاسي في ما يخص السياسة الأمريكية الخارجية، يعني تصديق الكونغرس علي المعاهدة الجديدة ، أن رؤية أوباما لنظام عالمي لمنع انتشار الأسلحة النووية ولنزع السلاح النووي تدريجيا، لا تزال رؤية حية قائمة ، كما يعطي التصديق، على المدى الفوري، زخما متجددا لمساعي إعادة صياغة العلاقات مع روسيا ، ويعلق الكثيرون في واشنطن أهمية كبرى على تعاون موسكو بشأن أهم أولويات أوباما وأكثرها إلحاحا في الخارج، ألا وهي كبح البرنامج النووي الايراني وحملة مكافحة "التمرد" في أفغانستان. أما على الجبهة السياسية الداخلية، فيأتي تصويت عدد من الجمهوريين لصالح التصديق ليؤكد على وجود خلافات داخلية في صفوف الحزب الجمهوري-على الأقل فيما يخص قضايا الأمن القومي- وهو ما قد تنجح إدارة أوباما في استغلاله بفعالية في تأهبها لمواجهة الكونغرس الجديد بغالبية جمهورية في كانون الثاني المقبل. وفي هذا الشأن، جاء تصويت الكونغرس لصالح "ستارت" ليتوج سلسلة من الانتصارات التشريعية في مجالات ركز أوباما عليها في حملته الإنتخابية، وذلك على الرغم من نتيجة الإنتخابات التشريعية المعاكسة لحزبه الديمقراطي في تشرين الثاني الماضي. وشمل ذلك على وجه الخصوص، تمرير حزمة تخفيضات ضريبية وإجراءات التحفيز الإقتصادي بقدر 850 مليار دولار، وتعديل سياسة حظر المثلين من الخدمة العسكرية الأمريكية على الرغم من المعارضة الشديدة لها التي أبداها الجمهوريون اليمينيون. ولقد توج التصديق على معاهدة "ستارت" الجديدة، تلك الحملة المكثفة لكسب التأييد التي شنها البيت الأبيض بدعم كل من وزارة الدفاع، وقادة القوات المسلحة، وكبار مسؤولي الامن القومي السابقين، بما فيهم خمسة في عهود إدارات جمهورية كإدارة الرئيس السابق جورج بوش الأب، ووزراء الخارجية السابقين هنري كيسنجر وجورج شولتز وجيمس بيكر وكولن باول وكوندوليزا رايس. والمعروف أن معاهدة "ستارت" الجديدة، التي وقع عليها الرئيسان الأمريكي والروسي في نيسان الماضي، تقضي بأن تخفض كل من واشنطن وموسكو عدد الرؤوس النووية الستراتيجية من 2200 إلى ما لا يتجاوز 1550 في غضون سبع سنوات. كما تتيح إستئناف عمليات التفتيش المتبادلة من قبل الطرفين، التي توقفت في العام الماضي بإنتهاء سريان معاهدة "ستارت" السابقة، الموقعة في عام 1991 ، لكن إدارة أوباما دفعت ثمنا مقابل التصديق ، فعلي سبيل المثال، نزلت على مطلب الجناح المتشدد في الحزب الجمهوري، والمعارض لإعتماد معاهدة "ستارت" الجديدة، بتخصيص ما يقرب من 85 مليار دولار لخمس سنوات لبرنامج تحديث الأسلحة النووية الذي إقترحه الجمهوريون. كذلك فمن المنتظر أن يخفض أوباما سقف تطلعاته لإستنزاع مصادقة مجلس النواب على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي تمثل أولويته التالية بعد معاهدة "ستارت"، نظراً لأن الجمهوريين اليمينيين المتشددين يتمتعون بنفوذ متعاظم في صلب هذا المجلس ، وبالتالي، لا يستبعد أن تضطر الإدارة للإكتفاء بتدابير أكثر تواضعا كالإتفاق مع روسيا علي خفض الأسلحة النووية التكتيكية في محاولة لإقناع العالم بأن أوباما جاد في إلتزامه بإلغاء الأسلحة النووية على المدى الطويل.
أوباما ينتصر فـي معركة "ستارت" !

نشر في: 25 ديسمبر, 2010: 05:03 م