متابعة/ المدى
وقع برنامج الاغذية العالمي للأمم المتحدة والوكالة الامريكية للتنمية الدولية، اليوم الخميس، اتفاقية تخص التغيرات المناخية في المناطق الزراعية ودعم الفلاحين في العراق بقيمة 15 مليون دولار.
وقال مراسل (المدى)، إن مدير برنامج الاغذية العالمي للأمم المتحدة علي رضا قريشي وقع، مع مديرة بعثة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية في العراق اليو اس ايد USAID إيرين مون ماركيز اتفاقية تخص التغيرات المناخية في المناطق الزراعية ودعم الفلاحين ومساعدة الفلاحين في تحسين فرص العيش"، مؤكدا أن "قيمة الاتفاقية بلغت 15 مليون دولار".
وبدأ التغيير المناخي كـ"عدو صامت" يشق طريقه إلى جنوب العراق في السنوات الأخيرة، ولم تتمكن المستويات المنخفضة لمياه نهري دجلة والفرات التي تتلاقى في الأراضي المنخفضة في صد موجة مياه المد والجزر من مياه البحر المالحة التي تتجه نحو الشمال.
تدمر هذه المياه المالحة في طريقها عددا لا يحصى من بساتين النخيل وكل شيء آخر يعين الناس في معيشتهم مثل أشجار الحمضيات والانواع الزراعية الأخرى التي تمكنت من الازدهار لآلاف السنين وذلك بفضل الظل الذي توفره أشجار النخيل وحمايتها من أشعة الشمس الحارقة.
يقول رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق، جيورجي جيغاوري: إن "تغير المناخ في العراق ليس مجرد مشكلة بيئية، ومن المحتمل أن تتحول إلى أزمة إنسانية، فهو يغذي الاستغلال ويساهم في التنقل القسري، وعلينا أن نعمل الآن لتجنب آثار تغير المناخ وتقليلها ومعالجتها. إن عواقب التقاعس عن العمل وخيمة بالنسبة لعدد لا يحصى من الناس".
سَجلَ برنامج المنظمة الدولية للهجرة لتتبع حالات الطوارئ المناخية في العراق IOM’s Climate Emergency Tracking نزوح أكثر من 130,000 شخص بين الأعوام 2016 وأيلول 2023 بسبب الآثار السلبية لتغير المناخ في مناطقهم الأصلية.
من جانبه، يقول الباحث البيئي العراقي رمضان حمزة، إن "توثيق تداعيات ظاهرة التغير المناخي عبر الصور مهم جدا لعرض مدى فداحة التدهور البيئي والمناخي على عامة الناس، بحيث لا تبقى فقط هذه المسألة حبيسة أروقة الأوساط العلمية والأكاديمية أو الوزارات المختصة، وهو ما يسهم في التأثير أكثر على مشاعر المتلقي وعواطفه وإدراكه عبر معاينة مدى الضرر الذي لحق بالبيئة من حوله، لكنها مع ذلك قد لا تكون بالضرورة معبرة دوما عن كامل المشهد، وقد لا تعكس الواقع بكافة تفاصيله ".
وأضاف، أن " دور مثل هذه المبادرات محفز ولا شك لتسليط الضوء على الصورة الكاملة لتغير المناخ، والذي هو مشكلة عالمية وجودية تحتاج لمعالجات علمية وجادة بجداول ومعلومات وأرقام وتحليلات ومحاكاة واستنتاجات ومن ثم إقرار حلول، لكنها تبقى مبادرات رمزية تكشف هول الكارثة فقط، وتضغط لدفع السلطات والسكان نحو الوعي أكثر بخطورة الوضع جراء استشراس ظاهرة التغير المناخي في العراق ".
وأشار حمزة، الى أن "الحلول والمعالجات فهي تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومات والوزارات المعنية، وبالتشاور والتنسيق مع الخبراء والمختصين والمنظمات الأممية، ولعل أهم خطوة في هذا المجال في العراق هي البدء بممارسة ضغوط دبلوماسية وسياسية مكثفة حيال بلدان المنبع المجاورة للعراق، والتي تساهم بسياساتها المائية المجحفة في تعاظم خطر شح المياه والجفاف والعطش في بلاد الرافدين، عبر التجاوز على حصصها وحقوقها في نهري دجلة والفرات وروافدهما .
وشدد الباحث البيئي على أنه "من المهم جدا العمل على نشر الوعي البيئي أكثر، والتعريف بمخاطر ومدى تعاظم ظواهر تطرف المناخ وتغيره، عبر تنظيم فعاليات ومبادرات ترصد الواقع البيئي المتأزم بتفاصيله عن كثب، وتنقله للناس وبما يجعله قضية رأي عام".
إلى ذلك، كشف رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، أن التغييرات المناخية دفعت أكثر من 100 ألف عراقي إلى النزوح من مناطق سكناهم خلال الأعوام الماضي، محدداً أربع محافظات هي الأكثر تضرراً في البلاد.
وقال الغراوي في بيان، إنه من العام 2016 وحتى العام الماضي نزح أكثر من 100 ألف، أي بمقدار 15% من السكان الذين كانوا يقيمون في تلك المناطق المتضررة، بمعنى نسبة 1 إلى 10 أشخاص.
وأشار إلى أن العراق تم تصنيفه كخامس أكثر البلدان عرضة للانهيار المناخي، حيث يتأثر بارتفاع درجات الحرارة، وعدم كفاية هطول الأمطار، وتفاقم حالات الجفاف وندرة المياه، والعواصف الرملية والترابية المتكررة والتصحر، والفيضانات.
وأضاف أن هناك أيضاً تدهور الأراضي الزراعية وارتفاع ملوحة التربة فيها ومما يزيد من تفاقم هذه المشكلة أن سياسات المياه في البلدان المجاورة أدت إلى تقليص مصادر المياه الحيوية، في حين يعمل النمو السكاني السريع، والتوسع الحضري، والاستخدام غير الفعال للمياه في القطاعين الزراعي والصناعي على دفع الطلب على المزيد من المياه.
وبين الغراوي أنه استناداً إلى تقرير منظمة الهجرة الدولية فإن الأبعاد التي أدت إلى النزوح البيئي في العراق كانت بسبب الأحداث البيئية والحصول على الخدمات والبنى التحتية والمياه وسبل العيش إذ سجلت نسبة 10.09 من نسبة السكان النازحين بسبب المياه، ونسبة 8.64 من الأسر النازحة بسبب معاناتها في تلبية احتياجاتها، وبنسبة 8.28 بسبب الخدمات والبنى التحتية، وبنسبة 7.73 من الاعتماد على الأرض لسبل العيش.
وأوضح الغراوي أن أعلى المحافظات التي شهدت نزوحاً مناخياً للسكان هي ميسان والبصرة وذي قار وواسط ومع اشتداد التغييرات البيئية والمناخية فإن المؤشرات كافة تؤكد أن نسبة النزوح المناخي في هذه المحافظات سيزداد.
وطالب الحكومة بإطلاق مشروع الإنعاش البيئي خلال السنوات الخمس المقبلة يتضمن زرع غابات ومحميات طبيعية في الصحراء وتطبيق الاستمطار الصناعي وإنشاء النهر الدوار للحفاظ على مياه دجلة والفرات ومنع تجريف البساتين وبيعها كقطع سكنية وإطلاق مبادرة زرع مليار نخلة وتعويض النازحين بيئياً ومعالجة مشاكل التلوث البيئي.
توقيع اتفاقية بقيمة 15 مليون دولار بشأن التغييرات المناخية في العراق
نشر في: 25 يوليو, 2024: 04:00 م