خاص/ المدى
في الوقت الذي تستمر فيها أزمة الكهرباء المزمنة في العراق، تظهر أسباب جديدة لم يكشف عنها الغطاء تقف خلفها بصورة أو بأخرى، وهو ما أدى لتفاقم المشكلة، بدون إيجاد حلول حقيقية.
وزارة الكهرباء كشفت في الآونة الأخيرة، عن فجوة كبيرة بين الإنتاج المتحقق والحمل المطلوب، حيث بلغ الفارق بينهما أكثر من 17 ميغاواط، على الرغم من انتاج الشبكة الوطنية 27 ميغاواط، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول الأسباب الفعلية وراها.
وللبحث بصورة أكثر عمقاً، يثير ملف مشاريع المجمعات الاستثمارية، والتي تمنح لها الطاقة، جدلا كبيرا، بالوقت الذي تختلف مواقف وزارة الكهرباء عن الخبراء والمواطنين بشأن حصول هذه المجمعات على الطاقة.
وبهذا الصدد، يبين المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، طرق منح الطاقة الكهربائية الى المجمعات السكنية، فيما اشار الى فرض بناء محطات كهربائية على المجمعات السكنية.
ويقول موسى، في حديث لـ(المدى)، إن "هناك ضوابط لإيصال التيار الكهربائي ال المجمعات الاستثمارية سواء كانت سكنية او صناعية أو حيوية مثل المولات الاقتصادية وغيرها"، مبيناً أن "أحد هذه الضوابط التي ينص عليها قانون الاستثمار يؤكد على ان لا تكون المدن الجديدة احمال زائدة على شبكات المواطنين".
ويضيف، أن "هذه المجمعات مطالبة وفق القانون كذلك بإنشاء محطات كهربائية تسد حاجتها، وبأقل تقدير محطات تحويلية، والتي تساهم بتوفير الطاقة وعدم التأثير على استقرارية شبكات التوزيع للمواطنين".
ويوضح موسى، ان "الوزارة رصدت بعض المجمعات سواء كانت صناعية أو استثمارية انها مغادرة لهذا الموضوع، ومن خلال الإجراءات التي صادقت عليها الحكومة والمتمثلة بفرض انشاء تلك المحطات على المستثمرين وأن لا تكون احمالا إضافية على الشبكة، الوزارة".
ويلفت المتحدث باسم الكهرباء الى، أن "الوزارة شخصت بان هذه الاحمال والمغادرات بإنشاء المحطات كانت سببا بالأحمال الإضافية المضطربة على الشبكة والتي اثرت على ساعات تجهيز الكهرباء وبالتالي نعمل على اخضاعها للقانون وفق قانون الاستثمار".
"نفند رواية منح الكهرباء للمجمعات الاستثمارية عن طريق المحاباة والمجاملات السكنية"، مؤكداً موسى، أن "الالوية القصوى اليوم للمواطنين لاسيما بظل توجيهات رئيس الوزراء، ووزير الكهرباء، والتي تنص على الغاء اية استثناءات سواء كانت لمجمعات أو دوائر حكومية غير الاستثناءات الحاكمة، والإبقاء فقط على المستشفيات ومشاريع المياه، ومحطات تصريف المياه الثقيلة".
ويتابع، "ليس هناك أي ربط بين الطاقة الكهربائية الممنوحة للمواطنين وللمجمعات السكنية؛ كونها تزود بمغذيات خاصة بها، بل من ضوابط إيصال التيار الكهربائي تتم عن طريق انشاء محولات خاصة".
وفي محاولة لتلبية الطلب المتزايد على السكن، أعلنت الحكومة العراقية عن خطط لتنفيذ مشاريع سكنية ضخمة من نوع المجمعات العمودية، مثل مدينة علي الوردي السكنية الجديدة جنوب شرقي بغداد، والتي وصفها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بأنها "الأكبر بين مشاريع تشييد 5 مدن حديثة".
الى ذلك، وصف الباحث بالشأن الاقتصادي، علاء العقابي، تزويد المجمعات السكنية بالطاقة الكهربائية بـ"طامة كبرى"، فيما بين سبب مهم يدفع وزارة الكهرباء لتزويد هذه المجمعات بالطاقة.
ويذكر العقابي، في حديث لـ(المدى)، "من ضمن شروط هيئة الاستثمار الوطنية، لبناء المجمعات السكنية، قيام الجهة المحصلة على الفرصة الاستثمارية، ببناء محطة مياه، ومحطة كهرباء، لكن هذه الأمور يتم التغاضي عنها، وتجاهلها نتيجة التأثيرات السياسية".
ويبين: "بعد استكمال المشروع وبناء المجمع السكني، يتم توكيل الوزارات المختصة مثل الكهرباء والموارد المائية، بتجهيز هذه المجمعات، وتخرج من عصمة المستثمر، وبالتالي ستحقق له أرباحا كبيرة، ومشاركة المواطنين بالطاقة الممنوحة لهم، وهو ما يؤثر على ساعات التجهيز، ويتسبب بانقطاع وحتى انفجارات بالمحولات ببعض الأحيان".
"منح الطاقة النيابية لهذه المجمعات تعتبر طامة كبرى نتيجة محاباة وفساد اداري من خلال دفع الرشى والأموال"، مؤكداً العقابي، أن "المحطة الكهربائية قد تكلف المستثمر 30 - 50 مليون دولار، الا أن أصحاب المشروع دائما ما يحلون الموضوع من خلال تقديم رشى بقيمة مليونين أو ثلاثة ملايين دولار لموظفين يتقبلون هذه الرشوة من أجل تجهيز الكهرباء".
ويؤكد، أن "اغلبية المجمعات السكنية هي لحل الأزمة في جميع بلدان العالم، الا في العراق"، مقترحاً "تحول جميع المحافظات العراقية الى طريقة (underground)، او التي تسمى "الكهرباء الدفن" اي ما يعنى أن تدخل الطاقة الكهربائية الى المنازل بطريقة (الدفن) والتي تمنع من التجاوزات".
يذكر أن العراق يحتاج إلى أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية، مما يجعل المجمعات السكنية العمودية حلاً مناسباً، على الرغم من المخاوف المتعلقة بقدرتها على توفير سكن ملائم للفئات ذات الدخل المحدود.
الى ذلك، رأى المواطن يمان حيدر، أن المجمعات السكنية المبنية في بغداد والمحافظات هي بخدمة الطبقة السياسية والمترفة، وليس الفقراء، لافتا الى ان هذه المجمعات بدأت تؤثر على الخدمات المقدمة.
ويبين حيدر في حديث لـ(المدى)، أن "المجمعات السكنية استحوذت على المياه والكهرباء المخصصة للمواطنين"، لافتا الى أن "الوزارات المختصة تمنح هذه الخدمات للمجمعات بدلا من الطبقات المستحقة".
وتساءل: "من يقف ويدعم الشخصيات التي تمتلك المجمعات السكنية في بغداد؟"، مبيناً أن "ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية لا تتعدى الساعة الواحدة مقابل إطفاء أربع ساعات".
فجوة "أزمة الكهرباء" تتوسع.. المجمعات السكنية "تستحوذ" على ما تبقى من ساعات تجهيز !
من يقف خلف مالكي تلك العقارات؟
نشر في: 29 يوليو, 2024: 12:16 ص