بغداد/ تميم الحسن
انتقلت عدوى "تدوير المناصب" من كركوك الى ديالى هذه المرة، إذ تتشابه التعقيدات السياسية في المحافظتين في كل شيء تقريبا، باستثناء غياب تدخل رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
يتحمس السوداني للأوضاع في كركوك، حيث اعتبر نفسه رئيسا لتحالف الفائزين هناك، ولكنه لم يأت على ذكر ديالى ولو لمرة واحدة طوال الاشهر الـ8 الاخيرة رغم تطابق الازمة.
ولاتوجد إجابة واضحة حتى الان عن اسباب عدم تدخل السوداني في قضية ديالى؟ وعدم حضور هادي العامري، زعيم بدر ذات النفوذ الكبير هناك، الى المدينة بعد الانتخابات المحلية الاخيرة.
ومنذ تلك الانتخابات، نهاية العام الماضي، عجزت كركوك وديالى عن انتخاب محافظ، فيما انقسم الشيعية والسُنة الى جبهتين متساويتين تقريبا في كلتا المحافظتين دون ان يتمكن أي فريق من حسم المناصب.
انتخبوا المحافظ وإلا ؟!
في 11 تموز الحالي، تمكن مجلس محافظة كركوك اخيرا وبعد ضغط من رئيس الوزراء، من عقد أول جلسة، لكنها كانت جلسة "بلا قرارات"، ومازالت مفتوحة حتى الان.
يتوقع مسؤول رفيع في كركوك تحدث لـ(المدى) ان "ينفذ السوداني تهديه إذا لم تتفق القوى الفائزة في كركوك، وحينها سنقع في مشكلة كبيرة".
المسؤول الذي طلب عدم الإشارة إلى هويته كشف عن إن رئيس الوزراء "هدد بتعيين محافظ لكركوك بالوكالة اذا فشل مفاوضات الأحزاب".
ويتوقع المسؤول بأن المحافظ الذي قد يكلفه السوداني بالمنصب، هو خالد شواني وزير العدل الحالي، والقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني.
ومنذ يومين يعقد السوداني جلسات منفردة مع المجموعة التركمانية واخرى مع العربية في كركوك، بعد جلسات جماعية سابقة لم تصل إلى نتيجة واضحة.
واجريت نهاية العام الماضي، الانتخابات المحلية لأول مرة في كركوك منذ 18 سنة، لكن لم تتفق القوى الفائزة على منصب المحافظ.
وحصل الكرد في الانتخابات الاخيرة، 7 مقاعد مقسمة بين الاتحاد الوطني الكردستاني (5 مقاعد)، ومقعدين للحزب الديمقراطي الكردستاني، وانضم معهم مقعد المسيحيين (بابليون)، ليصبح مجموع المقاعد 8.
وفي المقابل حصل العرب على 6 مقاعد مقسمة الى 3 مقاعد للتحالف العربي، وتحالف القيادة مقعدان، وتحالف العروبة مقعد واحد، فيما حصلت جبهة تركمان العراق الموحد على مقعدين.
انقسام الفائزين الى جبهتين متماثلتين بالمقاعد صعب عقد جلسات المجلس وحسم المناصب، لعدم حصول اي من الطرفين على الاغلبية.
يقول هدايت طاهر رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك لـ(المدى) ان "هناك بوادر انفراج، وامامنا الى 11 آب المقبل للانتهاء من ازمة المحافظ".
وبين طاهر ان الاجتماعات الأخيرة لرئيس الحكومة مع أطراف كركوك، افضت الى الذهاب لـ"حوارات داخلية" بين كل مكون، بمعني، والكلام للمسؤول في الاتحاد الوطني، ان "يتفاوض الكرد فيما بينهم حول المناصب، والعرب والتركمان كذلك".
مجلس المحافظ حين اجتمع قرر، وهو ما تنص عليه قوانين الحكومات المحلية، اختيار المحافظ عقب شهر من ذلك التاريخ.
وقبل أيام ذكر الوزير الاسبق طورهان المفتي، وهو مستشار رئيس الوزراء حالي، بان مهلة اختيار محافظ كركوك "ستنتهي خلال 20 يوميا"، بقي منها 13 يوما.
ويعتقد المفتي، في تصريحات سباق، ان الحل في كركوك قد يذهب الى "تدوير ثاني" او "ثلاثي" بين المكونات هناك لإدارة المحافظة.
وكان السوداني قد نصب نفسه، في شباط الماضي، رئيسا لتحالف قوى كركوك الفائزة في الانتخابات لكنه لم ينجح في تقريب وجهات نظر المتخاصمين
وكان اخر لقاء جرى بين السوداني وقوى كركوك بشكل جماعي، قبل نحو 3 اسابيع في بغداد، ولم تظهر حينها اي علامات اتفاق على المناصب المهمة .
ويقول طاهر ان "يد تركيا موجودة في كركوك، وهي تستخدم المدينة للضغط على بغداد لتمرير شروط ومطالب معينة".
ويتهم خميس الخنجر الذي يدعم المحافظ السابق راكان الجبوري لنيل المنصب مجدداً، وبعض الاطراف التركمانية في كركوك بالتعاون مع انقرة.
ماذا عن ديالى؟
تحل إيران بدلا عن تركيا في ديالى، فالمدينة حدودية مع الجمهورية الاسلامية، وتسيطر هناك فصائل قريبة من طهران.
وهذا ماقد يفسر سكوت السوداني بالاضافة الى ان المشكلة هي داخل التحالف الشيعي نفسه، بحسب مصادر بالمدينة، عن مايجري في ديالى رغم ان الخلافات اشد مما هي في كركوك.
ويتداول في الاوساط السياسية ان المناصب الثلاثة، محافظ ديالى، كركوك، ورئيس البرلمان، في سلة واحدة.
ويُعتقد ان التفاهم حول منصب واحد من الثلاثة سوف يحل الازمة في المناصب الاخرى بشكل تلقائي.
ويقود نوري المالكي، زعيم دولة القانون معسكرا خليط من الاحزاب الشيعية والسُنية في ديالى، ويضم الى جانب حزبه؛ العصائب، تحالف الاساس (محسن المندلاوي)، خميس الخنجر (السيادة)، وتحالف عزم (مثنى السامرائي).
هؤلاء ولديهم 7 مقاعد يدعمون عبد الرسول جدعان، لمنصب المحافظ. والأخير هو شقيق تركي جدعان وهو مرشح اساسي سابق للمنصب، وأعلن انشقاقه قبل شهر بشكل مفاجئ عن دولة القانون.
بالمقابل يقود العامري جبهة من 8 اعضاء، تضم حزب تقدم (محمد الحلبوسي) والاتحاد الوطني الكردستاني، ويدعمون المحافظ السابق مثنى التميمي.
وكانت الازمة في ديالى قد اندلعت بالبداية بين العصائب وبدر، قبل ان تحصل الاولى على منصب محافظ بابل، وتنسحب من أجواء المنافسة على المنصب.
لكن رغم ذلك اتهم احمد الموسوي، النائب عن العصائب في ديالى قبل ايام، التميمي بانه قد أنفق 105 مليون دولار لاقناع اعضاء المجلس للتصويت له، مادفع جهات مقرب من المحافظ رفع دعوى ضد النائب.
الصراعات التي ما تنفك ان تتجدد في ديالى حتى من المنسحبين من سباق منصب المحافظ، دفعت مؤخرا الى مقترح جديد هو تدير المنصب بين بدر ودولة القانون على غرار كركوك.
تكليف وزير العدل أحد الحلول في كركوك.. ديالى تستنسخ "تدوير المناصب"
ما علاقة تركيا وإيران بأزمة تشكيل الحكومات المحلية؟!
نشر في: 29 يوليو, 2024: 12:19 ص