محمود النمر ضيفت منظمة المجتمع المدني العراقي النموذجي الباحث والكاتب حيدر سعيد ،وأدارت الجلسة د. نهى درويش التي رحبت بالضيف مشيرة الى منجز هذا الكتاب والباحث في مجالات متعددة بالفكر والأدب وقالت: نحن تحديدا كبرنامج عدالة للجميع نمثل مجتمعاً مدنياً ngo ونحن لا نمثل اي نخبة او فكر سياسي ،وبرهنت على ذلك لأنه لم يكن لدينا الخيار على هذا الموضوع ،ان مسار العدالة الانتقالية في العراق
لم يكن هو الخيار المطروح ولم يكن هناك اي فهم حقيقي حول هذا الموضوع ،والذي حدث نحن الناس البسطاء كنا نتداول الأفكار برمزية وكنا نتهامس بالاعتراضات التي لم تكن مفهومة للآخرين في عهد النظام السابق .وتحدث د.حيدر سعيد عن نخبة ngoوالانكسارات الذي مر بها الشعب العراقي وعن بعض المفاهيم والتشخيصات الخاطئة لدينا مرورا بالتاريخ الحديث الذي لم يكن فيه المواطن العراقي على وعي تام بعمل منظمات المجتمع المدني وقال :لم يكن هناك افتراض بوجود تعاقب زمني بين (الأحزاب ) و (المجتمع المدني ) لقد افترض غرامشي ان ثمة علاقة تجاور افقية بين كيانين :المجتمع السياسي ،الذي يشمل الأحزاب ،والمجتمع المدني ،الذي يشكل مجال الهيمنة ،في حين تقترح الخطاطة السالفة ان العلاقة بين الأحزاب والمجتمع المدني هي علاقة تعاقب عمودي واستبدال .لقد عالج غرامشي مسألة (المجتمع المدني) في إطار معالجته العامة لنظرية الهيمنة ،وفي إطار نقده للماركسية السائدة،التي يرى أنها أهملت الدور المهم الذي تلعبه البُنية الفوقية (والمجتمع المدني احد مظاهرها ) واكتفت بافتراض بأنها انعكاس مكانيكي للبنية التحتية وعلاقات الإنتاج الاقتصادية .اذن هناك طريقتان في التفسير كلتاهما ذات وجاهة في مستوى ما :إما ان نفترض ان المجتمع المدني لا يزال مجالا للهيمنة ،اوان نفترض (وقد يكون هذا اولى )ليقوم بما كان على الاحزاب ان تقوم به .ومن جهة ثانية يرى بعض الباحثين ان (المجتمع المدني) و (الأحزاب) يمثلان مستويين مختلفين للمشاركة الشعبية : الاول يمثل المجال الجزئي او المشاركة الجزئية micro partipation في حين تمثل الأحزاب المشاركة الكلية macro participation اي مشاركة المواطنين في ادارة شؤون حياتهم العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .وتابع الدكتور حيدر سعيد قائلا: ان التحقيب الذي تقدمه الخطاطة ُالسالفة مستنبط من التجربة السياسية للمنطقة ،بمعنى انه لا يدعي ان الديناميكيات العالمية للاحزاب والمجتمع المدني تسير بالاتجاه نفسه ،هذا مع ان بعض الباحثين الأوربيين يتحدثون عن تراجع السياسي لصالح المدني بوصفه ظاهرة عالمية ،وعن تحول المجتمع المدني إلى قوة سياسية ذات دور حاسم في بناء الديمقراطية ،يقول السوسيولوجي الفرنسي روجيه سو : " الديمقراطية بحاجة إلى أكثر من مشاركة كل واحد فينا ،عليها ان تنغرس في تفاصيل حياتنا اليومية وهذا يبعد تخصص السياسة ويعطي دوافع لإيجاد أشكال أخرى للعمل ،ان المناخ السياسي تخلى عن مكانه للمناخ المدني ،او للعمل خارج سيطرة السياسة ،الأحزاب تتراجع ،والجمعيات تتقدم ،ويضيف :لابد من النظر الى المجتمع المدني بوصفه قوة سياسية لها انفصال كامل ومستقل لأن الصعود القوي للمجتمع المدني يحول المجتمع إلى مجتمع سياسي في جسد سياسي،وفي النهاية يرى "سو" ان المجتمع المدني سيقود إلى اعادة بناء مفهوم السياسة نفسه ف" اذا كانت هذه الحركات تريد العمل خارج السياسة ولديها الخوف من ان تتشابه معها او من ان تنشغل بها ،فان اي واحد منا يستطيع ان يعرف ان اعادة بناء مفهوم (السياسة ) بما يبقيها من أوليات اية حكومة ديمقراطية ،لن يحدث الا عبر هذا النوع من الحركات .وفي الختام كانت هناك الكثير من الأسئلة والمقترحات حول نشاطات منظمات المجتمع المدني من قبل المثقفين والحضور .
حيدر سعيد: المناخ المدني للعمل خارج سيطرة السياسة
نشر في: 26 ديسمبر, 2010: 04:44 م