علي حسين
تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عدداً من البشارات أبرزها وأهمها بالنسبة لهذا الشعب " البطران " هو الاجتماع الأخير الذي عقده الإطار التنسيقي ، وفيه أصدر أمراً " حاسما " و " حازما " للبرلمان أن يستمر في حربه لإقرار تعديلات قانون الأحوال الشخصية ، وفي الوقت الذي يعيش المواطن مع أزمة الكهرباء وقفزات الدولار وغلاء الأسعار وانتشار البطالة ، فأن الإطار التنسيقي وجد " مشكوراً " أن إذلال المرأة العراقية ومحاصرتها واعتبارها مواطناً من الدرجة العاشرة ، قضية وطنية أهم من الاعتداءات التركية المتكررة على الأراضي العراقية .
في أيام فائقة الخطورة يتذكر البعض أنهم اوصياء على الناس ، بينما المواطن يتذكر بحسرة حيتان الفساد الذين نهبوا المال العام ، ويتذكر خطب الساسة عن المجتمع المدني وحرية الرأي وهي شعارات يتم الترويج لها أيام الانتخابات، بعد 21 عاماً من التغيير يظل حلم ساستنا إقرار قانون للأحوال الشخصية يكون بديلاً لقوانين عن العدالة الاجتماعية ومحاسبة الفاسدين وردع دول الجوار التي تصر على تحويل العراق إلى ضيعة تابعة لها .
بدءاً من انتخابات 2005 وانتهاءً بانتخابات 2014 التي جرى تخطيطها وتصميمها طائفياً، اكتشف الناس ولو متأخرين أن العديد من اعضاء البرلمان لم يقدموا خلال هذه السنوات الماضية سوى أداء كاريكاتيرياً مضحكاً، وأن الكثير منهم كانوا يُخبّئون دول الجوار تحت ثيابهم، وظلوا حتى هذه اللحظة شركاء في تدمير الوطنية العراقية.
على قادة الإطار التنسيقي ألّا يواصلوا لعبة الاستمتاع بمصطلحات إبراهيم الجعفري وإعادة تزويقها وتسويقها للناس، فمهمّتهم اليوم هي أن يقرأوا الأحداث كما هي مرسومة بعيون جميع العراقيين سنّةً وشيعة، عرباً وكرداً، مسلمين ومسيحيين، صابئة وإيزيديين، على الإطار أن يدرك أن مسؤوليته الحقيقية هي أن يكون ائتلافاً لكل العراقيين وليس ناطقاً باسم الزعيمة حنان الفتلاوي ، والشجاعة تقتضي مواجهة الجميع بالحقائق لا التخفّي تحت أغطية عاطفيّة أو ملابس طائفية سرعان ما نكتشف أنها منتهية الصلاحية.
يقول المؤرخ أريك هوبزباوم، إنه لا يمكن فهم خراب الأُمم، من غير أن نفهم أوهام المسؤولين ، يقصد طبعاً أوهام التفرّد والتسلّط، اليوم العراقيون لا يحلمون بأكثر من بديهيات العيش الآمن الكريم،. فماذا تنفع المواطن الباحث عن الخدمات والعمل تعديلات قانون الاحوال الشخصية ؟
يعيش ساستنا ضمن ما يسمّيه علم النفس "فنّ اقتناص الفرص"، ما هي الفرصة؟ هي أن تربح دائماً وأبداً وأن تَستغل موقعك السياسي والوظيفي دائماً، وألّا ترحم أحداً.
إذا لم يدرك قادة الإطار التنسيقي في هذه اللحظة أن مصلحة البلاد ليست في اجتماع من أجل قانون الأحوال الشخصية ، وإنما في قرارات تصب في مصلحة المواطن وتأخذ بيده إلى المستقبل.