بغداد/ تميم الحسن
في تطور لافت لقضية تعديل قانون الأحوال الشخصية، دعا الإطار التنسيقي البرلمان للمضي في تشريع القانون الذي أثار موجة من الانتقادات.
واختار التحالف الشيعي إثارة القانون في وقت حساس للغاية، حيث تتعقد أزمة رئيس البرلمان، وطرح قانون العفو العام، وهي قضايا تخص السُنة بشكل أكبر.
وكانت الأنظار متجهة نحو قرار وشيك لـ «الإطار» بإعلان جلسة اختيار رئيس البرلمان، لكن إجتماع التحالف الأخير، لم يتطرق الى هذه التفصيلة لامن قريب أو بعيد، واقتصر على «قانون الأحوال».
وكان مقترح تعديل قانون الأحوال المشرع عام 1959، قد أثار غضب أحزاب مدنية وناشطين، حيث يتضمن تعديلات مثيرة قد تتعلق بالحد الأدنى لعمر زواج المرأة، وتوثيق عقد الزواج خارج المحكمة.
ودافع أنصار التعديل عن النسخة المطروحة، واتهموا القانون الساري بأنه «يبيح الزنا»، وبأن المعارضين لديهم علاقة بالسفارات الاجنبية.
وكان «الإطار» وبدفع من زعيم التيار الصدري، شرع قبل 3 أشهر، قانون البغاء والمثلية، وواجه القانون برفض من منظمات دولية.
انطلاق الصفقات
تحت ضغط نواب، جمع نحو 25 توقعيا، سحبت رئاسة البرلمان الاسبوع الماضي، مشروع القانون، وهدد رائد المالكي، مقدم الإقتراح، وهو النائب المستقل الذي انضم بعد الإنتخابات إلى ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، باللجوء إلى القضاء.
وكان عرض القانون المثير للجدل قد تزامن مع استعداد البرلمان لعرض قانون العفو العام لأول مرة في حكومة محمد السوداني الحالية، واحتدام الخلافات حول رئيس البرلمان المقبل.
ويقول سياسي مطلع لـ(المدى) إن «مناقشة الإطار التنسيقي لقانون الاحوال الشخصية بجلسة مخصصة لهذا الشأن يعني بأنه ضوء أخضر لانطلاق الصفقات السياسية».
إجتماع التحالف الشيعي جاء في وقت كانت فيه القوى السياسية تنتظر حسم قضية اختيار رئيس البرلمان، المعطل من العام الماضي.
وعشية الاجتماع كانت مصادر قد رجحت أن يقرر «الإطار» الدعوة لعقد جلسة للبرلمان لاختيار بديل محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، بدون اتفاق السُنة، بعد أن يئس التحالف من حدوث توافق.
لكن المفاجأة كانت وبحسب بيان التحالف الشيعي، أنه لم يناقش أي موضوع آخر غير قانون الأحوال الشخصية، فيما لم يتطرق إلى ذكر ازمة رئيس البرلمان.
بيان الإطار قبل منتصف ليل الاثنين، ذكر أنه عقد اجتماعه الاعتيادي في مكتب نوري المالكي، ودعا «الإطار التنسيقي مجلس النواب الى المضي بالقراءة الاولى لقانون الاحوال الشخصية»، موضحا أن «مشروع القانون ينظم امورا تتعلق بالاحوال الخاصة بكل مذهب او دين ولا يلغي القانون النافذ».
واعتبر الإطار التنسيقي، «التعديل المزمع لقانون الاحوال الشخصية هو انسجام مع الدستور الذي ينص على العراقيين أحرار في اختياراتهم وبما لا يتعارض مع ثوابت الشريعة وأسس الديمقراطية».
ويعتقد السياسي المطلع الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «موقف الإطار سيدفع إلى مساواة المعترضين من السُنة بقانون العفو وبدعم مرشح معين لرئاسة البرلمان، مقابل التصويت لصالح تعديلات قانون الأحوال».
وكان خطيب وإمام مسجد أبي حنيفة عبد الستار عبد الجبار، رفض يوم الجمعة الماضية، بشدة صيغة القانون، وقال إن «هذا التعديل تمت صياغته بنفس طائفي ممقوت».
وظهر نواب شيعية غاضبين من سحب «الأحوال الشخصية»، وهم يهددون بتعطيل البرلمان وقانون العفو إذ لم يعاد مناقشة القانون الاول.
اتهامات
وسرب ناشطون نسخة من مشروع التعديل المطلوب عليها ملاحظة باللون الأحمر وهي (موصى به من المرجعية) في إشارة إلى مرجعية النجف الدينية الممثلة بالمرجع الديني علي السيستاني.
لكن المالكي، مقدم التعديل، نفى في لقاء تلفزيوني تدخل السيستاني، لكنه قال بأن «مرجعيات دينية -لم يسمها- طالبت بالقانون لان الحالي غير شرعي و يبيح الزنا».
وكان رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية عبد العزيز الحكيم، قد ألغى قانون الأحوال الشخصية، حين تسلم رئاسة مجلس الحكم نهاية عام 2003، قبل أن يعيد الحاكم المدني الأميركي بول بريمر العمل به سنة 2004.
ولاحق التعديل الجديد تهمة تزويج القاصرات بعمر 9 سنوات. وقالت عالية نصيف النائبة الاشد معارضة للقانون في تغريدة على منصة (إكس): «مثلما أخاف على حفيدتي الطفلة ذات التسع سنوات أخاف على بناتكم، وأرفض تزويج القاصرات».
بالمقابل رد المؤدين للقانون باتهامات للمعارضين بـ»العمالة» لدول اجنبية. يقول حسن سالم النائب عن العصائب في تدوينة أن: «زواج القاصرات كذبة روجت لها جهات معادية للاسلام وبعض منظمات المجتمع المدني التي تتلقى أوامرها من سفارة الشذوذ الجنسي الأمريكية».
إلى ذلك يقول الأكاديمي والباحث في الشأن السياسي محمد نعناع، أن «الإطار التنسيقي يركز على البعد الطائفي في معادلة السلطة ولذلك اهتم بتعديل قانون الأحوال»، مبينا أن التحالف الشيعي «يريد تماسك الإطار من خلال مطلب طائفي، دعا اليه سابقا عن طريق حزب الفضيلة».
في عام 2014 آثار مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي تقدم به وزير العدل آنذاك حسن الشمري (عن الفضيلة) جدلا واسعا وسخطا من منظمات المجتمع المدني، واعتبرته انتهاكا خطيرا لحقوق الطفولة بسبب سن الزواج المبكر للمرأة.
نعناع في إتصال مع (المدى) يؤكد أن دعم التحالف الشيعي للمسودة الحالية للقانون «حتى ينتقل عبره إلى استقطاب سياسي ذو بعد طائفي سوف يجذب به أصوات، خصوصا وأن كثير من الرجال اعترضوا وشكلو لوبيات ضغط لتعديل المادة 57 من القانون، وهم يريدون استقطاب هذه الجماعات».
واعتبر الباحث ان مايجري هو «إحراج لمرجعية النجف، لانها لم تطلب رسميا تعديل القانون، وهناك سعي لإنتاج مرجعيات تتماشى معهم (الإطار التنسيقي) من اجل الكسب السياسي»، مشيرا إلى أن التحالف الشيعي لو أراد أن يركز على البعد الديمقراطي والتداول السلمي «لن يعقد اجتماع ولن يعتني بهكذا نوع من القوانين».
وبين نعناع أن الإطار التنسيقي: «يريد أن يتكئ على الطائفية والجوانب الدينية للحفاظ على تماسكه السياسي وبقاءه اطول فترة ممكنة في معادلة السلطة وهو قوي وممثل للاحتياجات الشيعية الظاهرية ليغطي فشله في تحقيق انجازات حقيقية بمجال الخدمات».
«الإطار» يتجاهل أزمة بديل الحلبوسي ويدعو البرلمان لتعديل «الأحوال الشخصية»
هل يمرر القانون بصفقة مقابل العفو العام أو رئاسة المجلس؟
نشر في: 31 يوليو, 2024: 12:10 ص