خاص/ المدى
كشف باحثون في الشأن البيئي عن مسببات تلوث الهواء في العراق، فيما أكدوا ان غياب القوانين البيئية، بسبب الإهمال الحكومي زاد من التلوث.
ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن التعرض المزمن لتلوث الهواء يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل الربو وأمراض القلب والرئة، فيما أشار تقرير صدر عن البنك الدولي مؤخراً إلى أن العراق يمكن أن يستفيد من التمويل الدولي لمشاريع الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة.
الباحث بالشأن البيئي خالد سليمان، كشف عن مسببات تلوث الهواء في البلد، حيث بين، ان "العراق يواجه تلوثا غير مسبوق في الهواء، وذلك لمسببات كثيرة منها الصناعة النفطية دون أخذ المعايير البيئية بنظر الاعتبار". مشيرا إلى، ان "الصناعة النفطية تشكل المصدر الرئيسي والأول للتلوث في العراق، ناهيك عن الانبعاثات الكبيرة من الغازات الدفيئة أو الغازات المسببة للاحتباس الحراري".
وأوضح سليمان لـ (المدى)، ان "العراق يعاني منذ فترة طويلة من نقص كبير في الطاقة، ويلجأ السكان وأصحاب المعامل والمطاعم والقطاعات الخدمية الخاصة والعامة إلى استخدام المولدات الكهربائية". منوها على، ان "هناك أكثر من 50,000 مولدة كهربائية في العراق، وهذا يشكل عبء كبير على جودة الهواء فيه، ومصدر آخر من مصادر التلوث".
وأضاف، ان "البلد لم يرتقي إلى مستوى المطلوب من ناحية المواصلات إلى الان، فحتى نظام الحافلات القديمة الذي كان موجوداً في السابق لنقل المواطنين قد اختفى، وأصبحت السيارات الشخصية هي المصدر الرئيسي للتنقل داخل المدن وخارجها، حيث ان العاصمة بغداد تعاني بشكل كبير من تلوث الهواء الناتج عن حركة السيارات، بينما يُؤْخَذُ بنظر الاعتبار جانب مهم جدا، وهو جودة الوقود الذي يستخدم للسيارات، فضلا عن نوعية السيارة".
وأضاف، ان "هناك أيضا عملية نزع "حجر البيئة" من السيارات، إذ ان هذا الحجر يساعد على تصفية الهواء الخارج من عوادم السيارات وبيعه في السوق السوداء، لذلك أصبحت السيارات مصدرا كبيرا ورئيسيا للتلوث".
ويعاني العراق من تدهور البنية التحتية ونقص الخدمات الحكومية، بما في ذلك تراجع مساحات المتنزهات، فيما يدعو الخبراء إلى تعاون دولي لدعم العراق، بينما كرروا تحذيراتهم من زيادة نسب التلوث في العراق جراء ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف الحالي؛ ما ينتج عنه مخاطر كبيرة على الإنسان والبيئة، لا سيما وأن البلاد حلت في المركز الثاني في قائمة أعلى دول العالم تلوثاً لعام 2023، وفق دراسة أعدتها شركة "أي كيو إير" السويسرية المعنية بقضايا تنقية الهواء، إذ سجل العراق تلوثاً بمقدار 80.1 ميكروغراماً في المتر المكعب.
وأشار الباحث بالشأن البيئي خالد سليمان، الى ان "فقدان الغطاء النباتي، بسبب التصحر وقلة المياه، فضلا عن تراجع الأمطار، وعدم وجود سياسات بيئية مستدامة جعلت مساحات كبيرة من الأراضي العراقية تتعرى إلى الحد الذي يجعلها تفقد أنواع عديدة من النباتات، ولذلك فإن هذه الأراضي عندما تتعرض إلى الحرارة وأيضا إلى تيارات هوائية تولد كميات كبيرة من جزيئات التربة، وترفعها إلى الجو وبالتالي تحدث العواصف الترابية".
وبين، ان "عدم معالجة النفايات الخارجة من البيوت والمعامل والمستشفيات الخاصة، إضافة إلى عدم معالجتها جعلها تشكل مصدر من مصادر تلوث الهواء في البلد".
وأكمل، ان "القوانين في العراق تلعب دور كبير في استخدام الطاقة ومعالجة النفايات والأراضي المعرضة للتصحر، وأيضا في كيفية معالجة نقاط الضعف التي تعاني منها الصناعة النفطية، إلا أنه مع شديد الأسف ان الدور الحكومي غائب، بسبب غياب القوانين البيئية الجديدة، فالقانون البيئي العراقي الذي يعود إلى عام 2009 وبعد مرور 15 سنة إلى الان لم يتم تحديد هذا القانون، حيث ليست هناك قوانين جديدة تنظم عمل المعامل والمؤسسات الحكومية، وتطبيق المعايير البيئية".
وتابع، ان "الزيادة الهائلة في عدد السكان في البلد يحتاج إلى بناء جديد وإلى غذاء وطاقة، وكل المتطلبات التي يحتاج إليها الإنسان كي يستمر، ويعيش، وكل هذه المتطلبات تقتضي الطاقة والمصادر الطبيعية الأخرى".
وأضاف، ان "المشكلة، بسبب غياب القوانين، فالمواطن لا يلتزم بالمعايير البيئية في حياته اليومية بالنسبة للصرف والاستهلاك من غذاء وطاقة وماء، وبما ان هناك غياب للقوانين فبالتالي يبقى المواطن يستمر في سلوكه من ناحية الاستهلاك، ومن جانب آخر فالنظام التربوي والتعليمي والتعليم في العراق ورغم خلق أجيال جديدة، إلا إنها تكبر دون وعي بيئي".
فيما يقوم أصحاب المولدات الكهربائية الأهلية بنزع الهيكل الماص للصوت والضوضاء الذي يغلف محرك المولدة، بسبب درجات الحرارة المرتفعة في العراق حيث ان جعل المولدة مكشوفة يتيح لمحركها التهوية والتبريد الكافيين، مما يزيد من الضوضاء الصادرة عنها، ويسرب كميات كبيرة من الحرارة والدخان إلى الجو.
بينما أوضح الباحث بالشأن البيئي سمير عبود، ان "موضوع المولدات الكهربائية المنتشرة في أغلب المناطق السكنية والتجارية والصناعية من الأمور التي أصبحت مكررة وغير ذات جدوى، صحيح أن لها دورا لا يمكن إغفاله في تعويض جزء من نقص الطاقة الكهربائي، ولكن للأسف فهي لا تمثل الحل الأمثل والمطلوب لما لها من أضرار بيئية وصحية واقتصادية بالغة".
واشار إلى، ان "انتشار العوادم والضوضاء والاهتزازات وفوضى الأسلاك المواصلة والمخلفات السائلة كلها عوامل ملوثة للبيئة وبدرجات تصبح خطيرة، إضافة إلى العبء الاقتصادي الذي تتحمله العوائل نتيجة دفع الاشتراكات الشهرية".
وأضاف عبود لـ (المدى)، ان "انتشار المولدات بهذه الأعداد الهائلة يجعلها مصدر أساسي لتلوث الهواء، وتكمن الخطورة في أنه ستكون سببا للأضرار الصحية، لكون ان الانتشار متركز في المناطق السكنية، والهواء الملوث بالعوادم على ارتفاعات منخفضة، مما يلحق الضرر بالمواطنين بسهولة".
وأشار، إلى ان "أغلب مسببات تلوث الهواء من مخلفات المنشآت الصناعية والخدمية وصولا لعوادم السيارات غير خاضعة للرقابة البيئية والسيطرة النوعية، إضافة إلى ضعف تطبيق القوانين التي تراعي ذلك". منوها على، ان "هذا الأمر يعود لضعف وتهاون الدور الحكومي بكل تفصيلاته، وأدى بدوره إلى إهمال المواطن وتهاونه في التعامل مع تفصيلات البيئة المحيطة، وعدم اكتراثه في ارتكاب المخالفات البيئية بكل أنواعها.