ترجمة: عدوية الهلالي
من خلال عيون الشابة سلمى، تروي الكاتبة الجزائرية أمينة داميرجي العقد المظلم من تاريخ الجزائرالمشتعلة بالنار والدم في روايتها الجديدة " قريبا على قيد الحياة" حيث تتناول قصة الجزائر خلال العقد الأسود، أو بالأحرى الأحمر الدموي؟ ففي تسعينيات القرن العشرين، لقي ما بين 100 ألف و200 ألف شخص حتفهم في الحرب الأهلية. وقد تناول الأدب هذا الجزء الدموي من تاريخ الجزائر المعاصر في وقت مبكر جدًا. واصدر عدد من الكتاب روايات مؤثرة بينهم ياسمينة خضرا وأنور بن مالك وبوعلام صنصال.
في رواية "قريبًا على قيد الحياة" الصادرة عن دار غاليمار للنشر، اختارت أمينة داميرجي أن تروي ما لا يمكن سرده من خلال عائلة ثرية ناطقة بالفرنسية وخاصة من خلال عيون الشابة سلمى، إذ تبدأ الرواية بمذبحة مروعة وقعت عام 1997عندما هاجم إسلاميون مسلحون إحدى القرى وكانت فتاة صغيرة تراقب وهي عاجزة عن الكلام،ومندهشة، اغتيال والدها. وتمنحنا أمينة دامرجي، بجمل قوية، لحظة استثنائية، فتقول "ركضت عائشة في القرية. وكانت ساقاها ترتجفان وقلبها ينبض بقوة لدرجة أنه بدا وكأنه يريد أن ينفجر من صدرها. كانت تعرف كلمة "ذهبين"، أي السفاحين. وصارت تصرخ "ذهبين، ذهبين!"
تعود أمينة الدامرجي إلى يوم 5 تشرين الاول 1988 عندما أخرج الجيش الدبابات ضد الشباب الذين كانوا يطالبون بتحسين ظروف المعيشة وحرية التعبير حيث يتم قمع أعمال الشغب بشكل دموي. ومنذ الربيع العربي الأول ازدهرت الديمقراطية، ووجدت نفسها على الفور مكممة من قبل الحزب الواحد ومدانة من قبل الإسلاموية التي تعتبرها غير مشروعة.
في هذا الكون تكبر سلمى، في عالم أصبح فيه أعداء الأمس أعداء اليوم، عالم يسحق الأحلام والحياة، إذ يبدو ان أمينة دامرجي تعرف ما تتحدث عنه. سلمى إذن. لديها شغف واحد فقط هو ركوب الخيل حيث تتردد طالبة المدرسة الثانوية الشابة إلى مركز الفروسية الخاص بها وتعتني بحصان متمرد يخشاه الجميع. ومثل كل العائلات الجزائرية، الغنية والفقيرة، فإن عائلة سلمى لا تفلت من التناقضات التي تهز المجتمع، إذ ينضم عمها إلى الإسلاميين، ويعارض والده المتدينين بشدة، ويتعرض عشيقها لضغوط كبيرة ويتخذ خيارات جذرية. وتصبح بيئة سلمى ساحة معركة حيث يتم التعبير عن كل الكراهية دون ضبط للنفس. لذلك، ترحل سلمى بعيدا وتترك الجزائر هربًا من مدينة مليئة بالغضب والموت فالجزائر تنزلق إلى الفوضى، وسلمى تحاول النجاة.
ويستشهد العمل بالعديد من الشخصيات التاريخية، الأمر الذي يمكن أن يربك القراء غير المطلعين، لكنها فرصة أيضا للتعرف على فترة قاسية من تاريخ الجزائر.
ولدت الكاتبة والباحثة الفرنسية –الجزائرية امينة دامرجي في عام 1987في كاليفورنيا بالولايات المتحدة ونشأت في العاصمة الجزائرية ثم عادت الى فرنسا وبدأت بكتابة الشعر، وبين عامي 2005 و2008، التحقت بالفصول الإعدادية الأدبية الحديثة في مدرستي أونوريه دي بلزاك وكلود مونيه الثانويتين في باريس، وتخصصت في الكلاسيكيات. وفي عام 2008، حصلت على إجازة في الآداب الكلاسيكية من باريس ومنحة في الدراسات الأيبيرية من باريس. وفي عام 2010، حصلت على الماجستير في الدراسات الأيبيرية من باريس.. قامت أمينة دمرجي بالتدريس في المدرسة الثانوية في منطقة باريس بين عامي 2011 و2012.ثم بين عامي 2013 و2018، أكملت أطروحتها حول مسار الشعراء الرسميين الأوائل للثورة الكوبية (1966-2002) بين هافانا ومدريد.
نشرت أولى قصائدها في عدة مجلات، وفي عام 2021 صدرت روايتها الأولى(دعني أنضم إليك) التي تروي قصة هايدي سانتاماريا، الثورية الكوبية التي قاتلت إلى جانب فيدل كاسترو والتي انتحرت عام 1980.
والكاتبة امينة دامرجي هي أيضا باحثة في الأدب والعلوم الاجتماعية، وهي زميلة باحثة في الصندوق الوطني للبحوث العلمية منذ عام 2021.وهي مهتمة بشكل خاص بالكتابة عن خطاب الكراهية، من خلال القيام بأعمال أرشيفية وميدانية بالإضافة إلى دراسة الأعمال. وهي أيضًا عضو في هيئة تحرير مجلة Tracés، وهي مجلة للعلوم الإنسانية.
ومن اهم اعمالها رواية (دعني انضم اليك) عام 2021، والمجموعة الشعرية (آلة الطبل)..وقد أحرزت الكاتبة والشاعرة الجزائرية أمينة دامرجي جائزة "أحسن رواية فرنسية لسنة 2024" التي تمنحها مجلة Transfuge.
الجزائرية امينة دامرجي تروي قصة الجزائر المشتعلة بالنار والدم
نشر في: 4 أغسطس, 2024: 12:01 ص