بغداد/ تميم الحسن
حتى اللحظة، لم تنهر «الهدنة» بشكل تام بين الفصائل والقوات الأمريكية، رغم الأضرار التي أصابت الاتفاق غير المعلن بين الطرفين على خلفية التطورات الامنية الاخيرة.
الاسبوع الماضي، ضربت امريكا مصنع مسيرات للحشد في جرف الصخر، فيما أغتالت اسرائيل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، وفؤاد شكر القيادي في حزب الله.
ولتفادي التصعيد، تبذل جهود حاليا، وفق مايرجح سياسيون، لـ»مسك الهدنة» إلى أطول فترة ممكنة، ريثما تتمكن بغداد من انهاء الاتفاق التي تتحدث عنه، لسحب القوات الامريكية.
صمت..هل يدوم طويلاً؟!
مايعرف بـ»الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية»، وهي تحالف من عدة فصائل، لم يصدر عنها أي تعليق حتى الان بخصوص تلك التطورات.
اخر بيان للتنسيقية كان في حزيران الماضي، أشار إلى «مماطلة الامريكان» بالانسحاب، لكنها لم تعلن صراحة استئناف الضربات داخل العراق.
وقال علي الفتلاوي، القيادي في حركة أنصار الله الأوفياء، عقب الاحداث الاخيرة، إن «التنسيقية ستعقد اجتماعا موسعا للرد على قصف جرف الصخر».
وكان استهداف معمل للمسيرات تابع لكتائب حزب الله في جرف الصخر، ليلة الثلاثاء، بهجوم امريكي نفذ من الكويت، بحسب رواية الفصيل، سبقه هجومان على قاعدة عين الأسد لم تتبناه أية مجموعة.
ويرجح مصدر سياسي شيعي تحدث لـ(المدى) بان «ضغطا من الحكومة وبعض اجنحة الإطار التنسيقي سيمنع الفصائل من تدمير الهدنة. على الأقل تجنبا لاغتيال قيادات الجماعات المسلحة».
في شباط الماضي، توقفت الفصائل عن مهاجمة القوات الامريكية في العراق وسوريا، عقب مقتل قياديين بالجماعات المسلحة في بغداد، وفسح المجال أمام الحكومة للتفاوض مع الامريكان للخروج من العراق.
وفي الأسبوعين الأخيرين، بدأت أطراف مقربة من الحكومة تروج لمواعيد قريبة لخروج قوات التحالف، قد لاتتجاوز العام الواحد، بعد تذمر بعض الشيعة داخل «الإطار».
وتتهيأ طهران، بحسب وسائل اعلام ايرانية، منذ يومين للرد على اسرائيل، فيما بدأت الفصائل العراقية تتحدث منفردة، عن المشاركة بالهجمات.
يقول مثال الالوسي النائب السابق لـ(المدى)، إن «الولايات المتحدة هي من تضغط على اسرائيل لمنع ضرب العراق، بينما الفصائل تريد توريط البلاد بالحرب».
ويكشف الآلوسي عن أن طهران أبلغت وسطاء باستعدادها لتوجيه «ضربات محدودة لا تهدد اسرائيل»، لكنه يقول بان الاخيرة ردت بانها «غير مهتمة بعقد صفقة مع إيران».
وردا على حادث جرف الصخر، قالت بغداد على لسان المتحدث العسكري بالحكومة يحيى رسول، بأن العراق سيلجأ إلى «الإجراءات القانونية والدبلوماسية المناسبة لحفظ حقوقه».
الرد على إسرائيل
بالمقابل تستعد المجموعات المنضوية فيما يعرف بـ»محور المقاومة» لرد منسق على الضربات الإسرائيلية الأخيرة قد تشارك فيه جبهة العراق، وفق تقارير غربية، مع الحرص على عدم الانجرار إلى مواجهة شاملة.
يقول احمد الياسري رئيس المركز العربي الاسترالي للدراسات في اتصال مع (المدى) ان «مشاركة الفصائل العراقية بالرد على اسرائيل مرهون بالتطورات في غزة».
ويؤكد الياسري ان «إيران ارتكبت خطأ ستراتيجيا بتوحيد الساحات ضد اسرائيل لانها دفعت الاخيرة الى توحيد ساحاتها هي الاخرى للرد، وقد يتعرض العراق لهجمات بسبب هذا الخطأ».
ورجحت التقاريرأن تقود إيران الرد الأول بمشاركة فصائل من العراق واليمن وسوريا ضد أهداف عسكرية، على أن يتبعه رد ثان من حزب الله.
وبعد تشييع شعبي لهنية في طهران صباح الخميس الماضي، شيع حزب الله فؤاد شكر، قائد عملياته في الجنوب، فيما القى حسن نصرالله، الامين العام لحزب الله، كلمة خلال المراسم.
وقال نصرالله إن «دولاً عدة طالبته بعدم الرد على هجوم ضاحية بيروت»، وأضاف أن «الحرب دخلت مرحلة جديدة ومفتوحة بكل الجبهات».
وأثار مقتل هنية وشكر مخاوف من اتساع نطاق المواجهة المستمرة بين حماس واسرائيل منذ السابع من تشرين الأول.
وتوعد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي إثر اغتيال هنية، بإنزال «أشدّ العقاب» بإسرائيل، معتبرا أن «من واجبنا الثأر لدماء» هنية.
بالمقابل اعتبر زعيم حركة النجباء أكرم الكعبي، إحدى فصائل الحشد، بان «الأميركان والصهاينة فتحوا أبواب جهنم» موجة الاغتيالات و»الاستهداف الأميركي الغادر لثُلّة من المجاهدين في العراق».
وقال الكعبي، في منشور على منصة إكس، إن «هذه الاغتيالات ستزيد المقاومة إصراراً وثباتاً».
وأعلنت «النجباء»، في وقت سابق، انتهاء الهدنة مع القوات الأميركية، بعد تعليق عملياتها قبل نحو 6 أشهر.
ويعتقد الياسري ان «التزام الولايات المتحدة بالرد على الفصائل بالعراق لايعني انه لن يتعرض الى هجمات من إسرائيل إذا شاركت الفصائل بالرد الإيراني».
وذكّر الباحث في الشأن السياسي، أن اسرائيل قصفت ميناء الحديدة باليمن، في وقت سابق، حين تعرضت الى هجوم مباشر في تل ابيب، رغم وجود تحالف أمريكي- بريطاني (حلف الإزدهار) في منطقة البحر الأحمر.
وتوقع الباحث ان تستهدف إسرائيل مطارات وبنى تحتية بالعراق. وعن الحكومة قال بأنها «محرجة بين رفض رد الفصائل وعندها ستتهم بالعمالة، أو السكوت والذي قد يجر البلاد إلى حرب مفتوحة مع إسرائيل».
«الهدنة» مع الأمريكان تترنح.. محاولات لتحييد الفصائل عن الرد الإيراني
مخاوف من الحرب الشاملة: لن تتجنب العراق
نشر في: 4 أغسطس, 2024: 12:11 ص