بغداد / المدى
رغم جهود الحكومة العراقية في تطوير نظام الدفع الإلكتروني في محطات الوقود بهدف مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، لا تزال شكاوى المواطنين من استمرار ممارسات الرشوة والابتزاز تتواتر. وبينما تسعى السلطات لتحقيق التحول الرقمي، يبدو أن بعض الموظفين في المحطات قد وجدوا طرقًا جديدة لاستغلال المواطنين.
يعاني المواطن العراقي من آثار سلبية عديدة نتيجة الفساد المستشري في محطات الوقود، حيث يضطر لدفع مبالغ إضافية للحصول على الوقود. كما تؤدي هذه الممارسات إلى فقدان الثقة بالحكومة والمؤسسات العامة.
يتحدث أحد المواطنين عن طرق تلاعب العاملين بمحطات الوقود بالأسعار، حيث أكد أن الدفع الإلكتروني زاد من الفساد بدلاً من تقليله. يقول المواطن علي أمير في حديث لـ(المدى)، "الدفع الإلكتروني لم يحد من عمليات الفساد بل زادها في محطات الوقود. اليوم عندما تأتي لأي محطة سواء في بغداد أو المحافظات، وإذا لم تكن تملك بطاقة مالية، ستتعرض لابتزاز الموظف".
وأوضح، "أول كلمة ستسمعها في البداية هي (ممنوع أخي) ثم يلين الموظف وصولاً إلى مرحلة الابتزاز، فيقول (سأسمح لك بالتعبئة بشرط تبقي لي ألف دينار). هذا الابتزاز والمساومة لا تقف عند هذا الحد، بل يشترط عليك التعبئة بمقدار هو من يحدده مثلًا (عبئ بـ20 الف دينار، وأبق لي ألف دينار). يطلب ذلك بعلانية دون خجل". وأشار إلى أن "هذه الحالة موجودة في كل محطات التعبئة في بغداد دون خشية من أحد، وربما لا نبالغ إذا قلنا إن عمليات الدفع الإلكتروني في محطات الوقود زادت من الفساد بدلاً من أن تحد منه".
في وقت سابق، توعدت الشركة العامة للمنتجات النفطية، أحد تشكيلات وزارة النفط، محطات تعبئة الوقود الأهلية التي تمتنع عن خدمة الدفع الإلكتروني، بإجراءات قانونية تشمل الإنذار والغرامات وربما فسخ العقد.
وردت شركات المنتجات النفطية على مزاعم وجود عمليات تلاعب بأسعار الوقود، فيما أظهرت عمليات البيع المتحققة خلال النصف الأول من 2024.
مدير إعلام شركات المنتجات النفطية، رافد عطية، ذكر في حديث لـ(المدى)، أن "التوجه نحو التكنولوجيا الحديثة والأتمتة، وتقليل الجهد البشري، يدفع باتجاه إيصال الخدمة المثالية للمواطن بكل سهولة، ويقلل بدوره عمليات التلاعب بالأسعار".
وأشار إلى أن "شركات توزيع المنتجات النفطية حققت خلال النصف الأول من عام 2024 مبيعات بلغت أكثر من 2.1 تريليون دينار من خلال بطاقات الدفع الإلكتروني". وأضاف عطية، أن "الأرقام لغة واضحة وصريحة تغني عن كلام إنشائي آخر حول مدى نجاح هذه الآلية".
في حزيران/يونيو 2023، أعلن البنك المركزي العراقي دخول قرار مجلس الوزراء العراقي المرقم (23044) للعام 2023 حيز التنفيذ، والذي يهدف إلى زيادة عدد أجهزة الدفع الإلكتروني في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لتعزيز ثقافة الدفع والتحصيل الإلكتروني، والتقليل من استخدام النقود الورقية في الجباية والتعاملات التجارية.
الباحث في الشأن الاقتصادي، علي دعدوش، وجه دعوة لأصحاب السيارات بشأن استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني في محطات الوقود، معتبرًا أن استخدام هذه البطاقات يأتي "مواكبة" للتطورات المالية حول العالم.
وقال دعدوش في حديث لـ(المدى)، إن "ثقافة استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني في محطات الوقود تأتي لمواكبة التطورات المالية والنقدية التي تحدث حول العالم"، مبينًا أن "العراق في حال أراد أن يطور من جهازه المصرفي، فعلى الحكومة والبنك المركزي الاستمرار في التثقيف لامتلاك كل شرائح المجتمع هذه البطاقات".
وفيما يتعلق بحالة التلاعب والغش بالأسعار، أوضح دعدوش أن "بطاقات الدفع الإلكتروني تمنع العاملين في محطات الوقود من كتابة أي أسعار مخالفة للأسعار الحقيقية بالنسبة للمواطنين الذين يمتلكون هذه البطاقات". وأضاف، "على الرغم من وجود توجيه حكومي بامتلاك جميع أصحاب السيارات هذه البطاقات واستخدامها في محطات الوقود، إلا أن البعض قد لا يميل لاستخدامها، مما يدفع بعض المحطات الأهلية أو العاملين لاستغلال البعض منهم عن طريق المزايدة بالأسعار الحقيقية لملء السيارات بالوقود".
وأكد دعدوش على "أهمية اتباع الإجراء الحكومي الذي ينص على امتلاك واستخدام هذه البطاقات في المحطات لمنع التلاعب والغش بالأسعار".
بسبب "جشع" العاملين.. الدفع الإلكتروني في محطات الوقود تحت "مرمى الاتهامات"
المبيعات تجاوزت 2 تريليون دينار خلال 6 أشهر
نشر في: 5 أغسطس, 2024: 12:03 ص