المدى / جنان قاسم
في عمق الجنوب تكمن أسرار جماعة غامضة هزت أركان المجتمع العراقي، تعرف بـ"القربان" اسمها يثير الرعب والفضول في آن واحد.
وبحسب مصادر أمنية، فان جماعة القربان تضم أكثر من الفي شخص متمركزين في جنوبي العراق تحديدا في الناصرية والسماوة والبصرة وواسط.
ويقول الناشط المدني حيدر عدنان، في حديث لـ(المدى)، إن "(القربان) تؤدي الى كارثة مجتمعية من خلال هذا الفكر الذي يشوه الدين الحقيقي للشيعة"، مشيراً الى أن "تلك الأفكار الدخيلة مسمومة وقاتلة ولا بد من التخلص منها ومنع انتشارها بين الأوساط المجتمعية".
وتؤمن جماعة القربان بألوهية الامام علي ابن ابي طالب وبوجوب تقديم القرابين اليه في المناسبات الدينية.
حيث يتجمعون في مكان مظلم لاختيار الشخص الذي سيكون قربانًا للأمام علي ابن ابي طالب من خلال قرعة يتم فيها اختيار الشخص الذي يقدم كقربان من خلال الانتحار او الشنق حيث يشترط عليهم ان يكونوا عراة تماماً دون اي لباس عند انتحارهم، بحسب ما تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي خضم اجواء زيارة العاشر من محرم وداخل خيمة هزيلة تضم مجموعة من الشباب يرفعون صور الإمام علي ويرتدون أثواباً سوداء، وجوههم تكاد تختفي في الظلام ويرددون ترانيم خاصة، ويؤدون حركات غامضة بأيديهم وينشدون قصائد محتواها "علي الخالق"، بحسب اعتقادهم، داهمت الشرطة العراقية هذا المكان والقت القبض على مجموعة منهم وهم يؤدون طقوسهم التي وصفها عناصر الامن بـ"الغريبة".
وفي عمليات قبض أخرى، تمكن جهاز الأمن الوطني من الإطاحة بأكثر من 40 متهماً من جماعة القربان في محافظات واسط، والديوانية وذي قار، وبعد تدوين اقوالهم واعترافاتهم قالوا انهم لا يعلمون من يقود هذه الحركة فالفرد الذي ينتمي إليهم لا يعرف غير الشخص الذي أتى من خلاله لهذه الجماعة.
ومنذ عام 2023 كانت هنالك احصائيات حول انتحار أكثر من 24 شخصاً من جماعة القربان في محافظة ذي قار.
وفي السياق ذاته، يقول الخبير الأمني سرمد البياتي، إن "هذه الظاهرة تحمل افكارا منحرفة تؤثر على المجتمع العراقي وما زال التحقيق جارياً حولها"، مشيراً الى أن "سبب انتشارها يعود الى عدم مراقبة الأهل وإهمال الحكومة لهذه الفئة، وعدم توفير البيئة المناسبة للشباب وتثقيفهم بالتعاليم الإسلامية الصحيحة، بالتالي يعَدّ الفراغ والفقر والبطالة من الأسباب الرئيسية لاستغلالهم من قبل هذه الحركات وما يقف خلفها"، لافتاً الى انه "من المهم أن تتضافر جهود المجتمع والأسرة والحكومة لمعالجة هذه المشكلة من جذورها".
وفي غضون ذلك، يقول الخبير الامني سيف رعد في حديث لـ(المدى)، إن "هنالك شخصا يسكن بمدينة قم الإيرانية ويدعم جماعة القربان مالياً"، مضيفاً أن "هذه الحركات المتطرفة تتحكم فيها جهات خارجية".
من جانبه، يعبر الناشط المدني عباس كامل عن "قلقه من انتشار هذه الجماعة داخل محافظة ذي قار"، مشيراً الى أن "تلك الجماعة تستغل فئة المراهقين وإقناعهم بهذه الحركة وانتمائهم لها" مشيراً الى ان "الفقر الذي تعاني منه الناصرية والاهمال من قبل الحكومة من الأسباب التي تدفع هذه الحركات الى استغلال الشباب والمراهقين".
وبحسب بيانات وزارة التخطيط لعام 2024 يوجد هناك حوالي 25% من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر، وهو ما يشكل أكثر من 10 ملايين مواطن، وبوجود هذه الخلايا وغيرها التي تهدد المجتمع العراقي، يقول عباس بنبرة حزن: "علينا التعاون مع مختلف الجهات، بما في ذلك الأجهزة الأمنية والاستخبارات للتصدي لهذه الظاهرة ومحاربتها".