خاص/المدى
تتباين الأرقام والإحصائيات حول أعداد النازحين في العراق بين السفارة الأمريكية ووزارة الهجرة العراقية، ما يبرز تضارباً ملحوظاً في البيانات المتوفرة حول هذه الأزمة الإنسانية.
وتشير السفارة الأمريكية إلى أعداد مرتفعة من النازحين، بينما تقدم وزارة الهجرة العراقية أرقاماً أقل. هذا التناقض يعكس تحديات كبيرة في إدارة وتوثيق الأوضاع الإنسانية، ويزيد من معاناة النازحين الذين يواجهون ظروفاً صعبة للغاية تشمل نقص المساعدات الأساسية، وصعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية، وانعدام الاستقرار.
وذكر بيان للسفارة الأمريكية في بغداد، تلقته (المدى)، أن "مليون عراقي بينهم 300 ألف إزيدي، نازح داخل البلاد"، مشيرة إلى "أن 2600 إزيدي لا يزالون في عداد المفقودين".
وأضاف أنه "منذ عام 2018، استثمرنا أكثر من 500 مليون دولار أمريكي على نحو خاص لمساندة المجتمعات الأكثر تضرراً من داعش"، بينهم الإيزيديون، إلى جانب "تقديم 2.3 مليون دولار لترميم معبد لالش".
وشددت السفارة الأمريكية على التزامهم بـ "تمكين الناجين وجميع النازحين من العودة الآمنة والكريمة والطوعية والمستدامة إلى وطنهم في سنجار".
وكشفت أنه "ما زال أكثر من مليون عراقي نازحاً داخل البلاد، بما في ذلك نحو 300 ألف إزيدي، وما زال هناك 2600 إيزيدي في عداد المفقودين، ولا أحد يعرف مصيرهم".
وحثت على "التنفيذ الكامل لقانون الناجيات الإزيديات، فضلاً عن اتفاقية سنجار لعام 2020، بالتشاور مع المجتمعات التي تعد سنجار موطنها"، وفقاً للبيان.
وفي 20/ يناير 2024، كشفت وزارة الهجرة والمهجرين، عن وجود ما يقدر بـ 32 ألف عائلة في أربعة وعشرين مخيم.
وقال وكيل وزارة الهجرة والمهجرين كريم النوري، إنه "لم يتبق سوى 32 ألف عائلة قوام أفرادها يقارب 154 ألف فرد يتواجدون في 24 مخيماً 16 منها في دهوك و6 في اربيل و2 في السليمانية".
وأردف النوري، أنه "في العام الماضي، أُغْلِقت 5 مخيمات وإعادة العوائل المتواجدة إلى مناطق سكناهم"، مؤكدا "العمل على إنهاء ملفهم بحلول حزيران من العام الجاري 2024".
وأوضح، "عملية تفريغ المخيمات وإعادة النازحين إلى مناطق سكناهم، ستكون طوعية، وليست قسرية".
ولفت إلى أن "وزيرة الهجرة والمهجرين وافقت على البدء بمسح ميداني (استبيان) للنازحين داخل المخيمات لوضع خطة رصينة للوقوف على المعرقلات والتحديات التي تحول دون عودتهم إلى مناطقهم الأصلية".
من جانبه، قال رئيس المركز الستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، خلال حديث لـ(المدى)، إن "الإحصائية التي أعلنت عنها السفارة الأمريكية بخصوص أعداد النازحين هي تشمل نازحين العراق كافة في داخل المخيمات وخارجها".
وأردف، أن "هناك أعداد من النازحين استوطنوا في محافظات أخرى بإرادتهم ورغبتهم في وسط وجنوب العراق غير المحافظات التي تحتوي على المخيمات"، مشيراً إلى أنه "بذلك يكون العدد الإجمالي للنازحين في عموم البلاد مليونا".
وفي 19/ مايو 2024، كشفت لجنة الهجرة والمصالحة المجتمعية النيابية، عن وجود ما يقارب مليون نازح داخل وخارج المخيمات في عموم البلاد.
وأوضح عضو اللجنة، شريف سليمان، أن "اللجنة تتابع أوضاع الأسر النازحة سواء داخل المخيمات أو خارجها"، مشيراً إلى أن "عدد النازحين خارج مخيمات إقليم كردستان يفوق عدد النازحين داخلها".
وتابع، أن "أعداد النازحين الكلية بلغت بين 800 ألف إلى مليون نازح في عموم البلاد، حيث يقيم البعض في مخيمات الإقليم، بينما يتوزع آخرون في نينوى، الأنبار، أطراف بغداد وبعض المحافظات الأخرى".
وأكد سليمان، أن "اللجنة تعمل على تحسين أوضاع النازحين بهدف تمكينهم من العودة الطوعية إلى مناطقهم الأصلية"، مشدداً على أن "إنهاء معاناتهم يعد من أهم أولويات اللجنة النيابية في الوقت الحالي".
وأضاف، أن "البرامج الخاصة بالنازحين التي نفذت خلال السنوات السابقة لم تكن فعالة، ولم تحقق الطموحات المرجوة في حل مشكلاتهم وإنهاء ملف النزوح نهائيا، لا سيما بعد مرور نحو عقد على هذه المعاناة".
إلى ذلك، ذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الهجرة والمهجرين، علي عباس جهاكير، أن "الوزارة تعمل على حل أزمة النازحين بما يتوافق مع البرنامج الحكومي والخطة الوطنية للعودة الطوعية".
وأشار إلى "وجود برامج خاصة بنازحي قضاء سنجار تهدف إلى تشجيعهم على العودة الطوعية لمناطقهم"، مبيناً أن "هذه البرامج دورات لتعليم تتضمن الخياطة وإدارة المشاريع الصغيرة للنساء، بالإضافة إلى المساعدة في فتح مشاريع صغيرة للراغبين في العودة، وتوفير مستلزمات العمل التي تتطلبها هذه الدورات".
ولم تستطع الحكومات المتعاقبة بعد عام 2014 الذي شهد اجتياح "داعش" عدداً من المحافظات، حسم ملف النازحين لأسباب عدة بينها سيطرة فصائل مسلحة على عدد من المناطق الأصلية للنازحين ومنعهم من العودة، أو بسبب هدم منازلهم وسلبها. ولم يتلقَ هؤلاء النازحون تعويضات حكومية، إذ إنّ ملف إعمار المناطق المهدمة التي نزح أهلها ما زال عالقاً، ولم يتمّ تأهيل غالبيتها.
أزمة إحصائية أم إنسانية؟ تضارب الأرقام يكشف عمق معاناة النازحين
نشر في: 6 أغسطس, 2024: 12:09 ص