ذي قار/ حسين العامل
كشف مصدر بيئي في محافظة ذي قار عن جفاف 85 بالمئة من مساحات الاهوار في المحافظات الجنوبية الثلاث، وفيما حذر من مخاطر الجفاف على حياة السكان المحليين والتنوع الاحيائي، اعلنت الموارد المائية عن حملة لتطهير عدد من الانهار في شمال الناصرية.
وتواجه الاهوار العراقية ومن بينها اهوار محافظة ذي قار جملة من التحديات الناجمة عن ازمة المياه والتغيرات المناخية خلال السنوات الاخيرة، اذ تعرضت مساحات شاسعة من مناطق الاهوار في المحافظة المذكورة الى الجفاف وتضرر مئات القرى من شح المياه، ناهيك عن نزوح وهجرة الاف الاسر من مناطق سكناها اذ فقد معظم سكان الاهوار والقرى التي تعرضت للجفاف خلال الاعوام المذكورة مصادر دخلهم المتمثلة بالزراعة وصيد الاسماك وتربية المواشي فيما تسببت العواصف الغبارية بمشاكل صحية وحالات اختناق.
وعن مناسيب المياه ومعدلات الاغمار الحالية في مناطق الاهوار تحدث الخبير البيئي في منظمة طبيعة العراق المهندس جاسم الاسدي لـ(المدى) قائلا ان "الارقام متضاربة حول المساحات التي تعرضت للجفاف في مناطق الاهوار وبتقديرنا ان نسبة الاغمار الحالية لا تتجاوز 15 بالمئة من مساحة الاهوار اي 85 بالمئة تعرضت للجفاف".
واشار الاسدي الى ان "المناسيب التقريبية للمياه التي تدخل الى هور الحمَّار الغربي والاهوار الوسطى من نهر الفرات تقدر حاليا بـ 15 مترا مكعبا في الثانية"، منوها الى ان "الحاجة الفعلية لإنعاش الاهوار تتطلب رفع مناسيب الفرات الداخلة الى الاهوار المذكورة الى 60 مترا مكعبا في الثانية".
ويجد الخبير البيئي ان "ما تبقى من مياه في الاهوار عبارة عن تفرعات الانهر الرئيسية ومياه ملوثة ترتفع فيها تراكيز الاملاح بصورة كبيرة كون ما تفقده الاهوار من مياه لا تعوضه الكميات القليلة الوارد اليها من الانهار منخفضة المناسيب".
وتطرق الاسدي الى أبرز مناطق الاهوار التي طالتها يد الجفاف كهور الحمَّار الغربي والاهوار الوسطى، مشيرا الى ان "الجفاف شمل معظم اهوار الوحدات الادارية المتاخمة للأهوار في محافظة ذي قار كالجبايش وسوق الشيوخ والطار والمنار والفهود وكرمة بني سعيد والكرماشية والاصلاح ناهيك عن مناطق اهوار السناف وحلاب وايشان كبه والطويلة واجزاء كبيرة من منطقة اهوار زجري".
ويجد الاسدي ان "مناسيب المياه ومعدلات الاغمار في تذبذب دائم طيلة الاعوام المنصرمة ففي احدى السنوات الجافة تراجعت نسبة الاغمار الى 7 بالمئة بينما بلغت 96 بالمئة عام 2019 التي تعتبر سنة مائية"، لافتا الى ان "متوسط معدلات الاغمار طيلة الاعوام المحصورة بين عامي 2004 – 2024 لا يتجاوز 45 بالمئة".
وكشف الخبير البيئي ان "هدف وزارة الموارد المائية وخطتها المستقبلية التي اعدتها عام 2005 كان اغمار 5600 كم مربع من مساحة الاهوار وحاليا لم يُغمر سوى 15 بالمئة من تلك المساحة اي ما يعادل 840 كم مربع في المحافظات الجنوبية الثلاث بصرة ذي قار ميسان".
ويرى الاسدي ان "مشكلة الجفاف في مناطق الاهوار مركبة من الجانبين البيئي والاقتصادي اذ اخذت الاهوار تخسر التنوع الاحيائي الهائل ومنطقة غنية بالأوكسجين"، مشيرا الى "تحولها من مناطق رطبة الى منطقة شبه قاحلة يتصاعد منها الغبار وارتفاع في درجات الحرارة بصورة كبيرة".
واسترسل "ومن جانب اخر اخذت الاهوار تفقد اقتصاديات ومصادر دخل السكان المحليين كمساحات الرعي الخضراء ومشتقات الحليب ومنتجات الالبان والثروة السمكية والصناعات الحرفية التي تعتمد على نباتات القصب والبردي وغيرها ".
وبالمقابل اعلنت وزارة الموارد المائية عن إطلاق حملة لكري وتطهير جدول السابلة الترابي في قضاء الرفاعي، وجاء في بيان صادر عن إعلام مديرية الموارد المائية في ذي قار ان "ملاكات وزارة الموارد المائية متمثلة بدائرة صيانة مشاريع الري والبزل ذي قار، باشرت بحملة كبرى لكري وتنظيف جدول السابلة الترابي في قضاء الرفاعي بإشراف مديرية الموارد المائية في المحافظة/ شعبة الرفاعي".
وبين ان "اعمال الحملة تشمل تطهير الجدول من الترسبات الطينية والنباتات المائية لغرض ازالة ما يعيق انسيابية المياه ويضمن إيصالها إلى جميع المستفيدين في ذنائب الجدول ومحطات الإسالة". منوها الى ان "اعمال كري وتطهير الجدول ستكون بطول 33 كم وبمشاركة 15 آلية من الحفارات والبلدوزرات والشفلات".
واشار البيان الى ان "اعمال الحملة أطلقت بتوجيه من وزير الموارد المائية عون ذياب عبدالله، استجابةً لمناشدات وجهاء قضاء الرفاعي واهالي القرى المستفيدة من جدول السابلة الترابي".
وكانت لجنة ازمة التصحر والجفاف في محافظة ذي قار وصفت في الـ (2 تموز 2024) ما يتعرض له السكان المحليون من اثار الجفاف بالإبادة الجماعية داعية الحكومة المركزية الى تبني خطة طوارئ لدعم وتعويض المتضررين واعادة توطين النازحين. فيما حذرت اللجنة يوم (25 كانون الاول 2023) من اثار وتداعيات الهجرة السكانية الناجمة عن التصحر والجفاف، مؤكدة تسجيل أكثر من 4 الاف اسرة نازحة من مناطق الاهوار والقرى الزراعية.
وكانت مصادر حكومية ومجتمعية في ذي قار حذرت في (ايار 2023) من تفاقم اثار التغير المناخي على الاوضاع الامنية والاقتصادية للسكان المحليين، فيما اكدت ارتفاع معدلات النزوح ونشوب نزاعات ناجمة عن شح المياه والجفاف.
بينما أعرب مسؤولون محليون ومنظمات مجتمعية في ذي قار (منتصف حزيران 2023) عن خشيتهم من تفاقم مشاكل النزوح البيئي الناجم عن ازمة المياه في موسم الصيف، وذلك بالتزامن مع تحذيرات بيئية من تراجع مناسيب المياه في مناطق الاهوار.
يشار الى ان موجة الجفاف التي شهدتها مناطق الاهوار في صيف عام 2022 اسفرت عن ارتفاع معدلات البطالة بين سكان اهوار الناصرية الى أكثر من 60% بعد ان فقد معظم العاملين في مجال تربية الجاموس وصيد الاسماك والاعمال الحرفية فرص عملهم نتيجة زحف التصحر والجفاف الذي طال أكثر من 90% من المناطق التي كانت مغمورة بالمياه في العام ذاته.
جفاف 85 بالمئة من مساحات الأهوار والموارد المائية تتحدث عن حملة لتطهير الأنهر
نشر في: 7 أغسطس, 2024: 12:26 ص