متابعة/المدى
رأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.
وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في العراق المحفز الرئيسي للنزوح الداخلي، أصبح عامل التغير المناخي في السنوات الاخيرة يشكل المحفز الرئيسي لنزوح العوائل ومن المتوقع ان يصبح مستقبلا التحدي الأكبر امام عودة نازحين لمناطقهم الاصلية التي تعاني من شح المياه التي تؤثر على وضعهم المعيشي والاقتصادي.
وأضافت الدراسة، إن "العراق قد تم تصنيفه عام 2019 على انه خامس أكثر دولة في العالم تعرضا لتبعات التغير المناخي، حيث واجه تحديات من ارتفاع معدلات درجات الحرارة وفترات جفاف مزمنة وتلوث بيئي مع كوارث طبيعية متكررة، وبينما كانت الحروب الدافع للنزوح في العراق فان نطاق تأثيرات التغير المناخي من المتوقع ان تكون مدمرة تجبر كثير من العوائل التي تعتمد على الزراعة في معيشتها على النزوح، ومن المتوقع ان تكون لتبعات التغير المناخي تأثيراتها على قرارات النازحين بفكرة العودة لمناطقهم الاصلية من عدمها".
ووفقاً للتقرير، فان المنظمة الدولية اختارت منطقة حي سوميل، في محافظة دهوك لاجراء دراستها حول هذا الموضوع حيث عانت المنطقة خلال العقود الأربعة الماضية من ارتفاع بدرجات الحرارة وقلة هطول الامطار وتحديات بيئية متزايدة، وكان لهذه التحديات الأثر الكبير على الزراعة والإنتاج الغذائي وخدمات المياه مما يشير الى ان جوانب مقلقة قد ظهرت خلال الدراسة تبين بان معظم النازحين في المنطقة ليست لهم نية بالعودة لمناطقهم الاصلية في أي وقت قريب.
واستطلعت الدراسة أخذ آراء 1000 ألف و24 نازحا من منطقة سوميل حول تبعات التغير المناخي عليهم، وقبيل عملية النزوح فان اغلب النازحين بنسبة 91% منهم لاحظوا وجود تغيرات بالأوضاع المناخية وان 74% منهم لاحظوا تدهورا بيئيا في مناطق سكناهم الاصلية وان 80% منهم يربطون عودتهم بالتحدي الذي سيواجهونه في صعوبة الحصول على مياه، وحول موضوع النزوح الى منطقة سوميل أشار 67% من النازحين الى انهم لاحظوا تغيرات في أوضاع المناخ وأشار 49% منهم الى مشاكل بيئية في سوميل.
وأشارت الدراسة الى أن "نحو ربع النازحين من الذين يفكرون بالعودة الى مناطقهم الاصلية ناقشوا موضوع المناخ اثناء عملية اتخاذهم لهذا القرار".
واظهر الاستطلاع ان "56% من النازحين يفكرون بالعودة لمناطقهم الأصلية" لافتاً الى أن "23% منهم أشاروا الى أن أوضاع المناخ لعبت دورا في اتخاذهم قرار العودة".
ووفقاً للمنظمة الدولية، فان أكثر من نصف الذين استطلعت آراؤهم من الذين يخططون للعودة بينوا انهم يتوقعون مواجهة تحديات فيما يتعلق بدخلهم المعيشي وشح المياه جراء التغير المناخي، وفي حال عودتهم لمناطقهم الاصلية توقع 51% من النازحين ان التغيرات المناخية والبيئية قد تؤثر على مصدر دخلهم وان 66% منهم يتوقع مشاكل في إمكانية حصولهم على مياه للشرب.
ولفتت الدراسة الى أنه "من بين كل عشرة اشخاص بين واحد منهم من ان عوامل تغير المناخ تساهم في تحديد قرارهم من العودة لمناطقهم الاصلية من عدمها، ومن مجموع 90 نازحا عاد الى سنجار وقرر العودة الى منطقة سوميل بسبب روابط عائلية وفرص الحصول على عمل وأوضاع الامن والمعيشة، كما اظهرالاستطلاع ان 10% منهم مخاوف متعلقة باوضاع التغير المناخي في مناطقهم الاصلية كعامل رئيسي ساهم بعودتهم الى منطقة سوميل".
وتشير المنظمة الدولية في تقريرها الى ان "الاستنتاجات المتحصلة من هذه الدراسة تؤكد على أهمية الإقرار بالتحديات المتداخلة للتغير المناخي من جهة وأزمة النزوح في العراق من جهة أخرى، والضرورة العاجلة لوضع ستراتيجيات شاملة لدعم النازحين والمجتمع المضيف لهم ضمن ستراتيجيات تلبية الاحتياجات".
وتشير الاستنتاجات الرئيسية، وفق التقرير، الى ان "الحروب والصراعات هي الأسباب الرئيسية التي تدفع الناس للنزوح، ولكن تبعات التغير المناخي كانت واضحة على مدى 40 عاما في منطقة سوميل واشتمل ذلك على زيادة بمعدلات درجات الحرارة وتغير في أنماط وفترات سقوط الامطار. حيث ان أكثر المناطق الزراعية فيها تعتمد على سقوط الامطار في الري، وان التغير الحاصل بمواعيد سقوط الامطار كان له الأثر الكبير على الإنتاج الغذائي فيها والمستوى المعاشي".
وتوصي المنظمة الدولية بـ"ضرورة إيلاء اهتمام بتبعات التغير المناخي في البلد على المستوى الحكومي والمنظمات غير الحكومية الأخرى من اجل وضع حلول مستدامة في جهود دعم العوائل النازحة بالعودة لمناطقهم التي تعاني من تبعات التغير المناخي ووضع حلول للتأقلم مع الأوضاع المناخية عن طريق ادخال تقنيات زراعية متطورة ودورات تدريب وزراعة محاصيل تقاوم الظروف الجوية وفي حال تجاهل هذه الأمور فان آثار التغير المناخي قد تزداد سوء مستقبلا".
التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟
نشر في: 7 أغسطس, 2024: 05:29 م