علاء المفرجي
بالرغم من أن أعاد للسينما العراقية بريقها الذي خبا على مدى عقدين من الزمن، بسبب تسلط مؤسسة ثقافية لم تكن تجيد إلا تلميع وجه النظام السابق، هم الشباب الذي استثمروا أجوار الحرية المتاحة بعد 2003 وسقط الصنم الديكتاتوري في العراق، حيث انهمكوا منذ أيام التغيير الأولى للنهوض بواقع السينما العراقية، من خلال الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة التي قدموها، وحققت حضورا طيبا للسينما العراقية، في المهرجانات الدولية، بل احتكروا الفوز على مدى دورات طويلة في مهرجان الخليج السينمائي الذي أقامته دولة الأمارات العربية المتحدة.
إلا أن ذلك لم يكن سوى اندفاع غذتها حماسة السينمائيين الشباب في اللحاق بأقرانهم السينمائيين في العالم، وهذه الاندفاعة لم تكن خاضعا للدراسة والعمل المنظم، خاصة وأنهم قد حرموا لسنوات ليست بالقصيرة من اهتمام المؤسسات المعنية بذلك والتي من المفترض أن تقف الى جانبهم، فكان إنتاج أفلامهم يعتمد على التمويل الذاتي، أو تمويل أي مؤسسة أخرى لا علاقة لها بالسينما.
ولكننا اليوم نتابع بأهتمام ما تقوم به وزارة الشباب من خطوات تعمل بها من أجل الشباب العاشق للسينما، وهي بذلك تزيل ذلك الانطباع عن الوزارة من كونها لا تهتم سوى بالرياضة وأمور الرياضيين، ورش صناعة الصورة والافلام مشروع واعد مستدام يستهدف المواهب الشبابية في حقل صناعة الصورة والأفلام في جميع انحاء العراق من الذين يمتلكون معرفة أولية واساسية في عملية كتابة السيناريو والتصوير والمونتاج والتسجيل الصوتي والذين لهم تجارب إخراج واضحة في صنفي الأفلام الوثائقية والروائية، هؤلاء جميعا يتم وضعهم في ورشة-مختبر تحت اشراف مدربين محترفين من صنّاع الأفلام ومدراء التصوير الذين سيشرفون على تدريبهم وصولاً الى انتاج أفلام قصيرة روائية ووثائقية يتم عرضها خلال مهرجان العراق السينمائي الدولي لأفلام الشباب في نسخته الاولى، مشروع الورش تبناه بقوة الدكتور أحمد محمد حسين قاسم المبرقع وزير الشباب والرياضة وعمل على وضعه موضع التنفيذ ووفر له ألية دعم لاتستثني أحداً من الشباب في جميع انحاء العراق منطلقاً من فلسفة أن الثقافة والفنون يشكلان اساساً يجب العمل عليه لتشكيل الهوية الوطنية الشبابية العراقية، ولهذا فأن الورش، التي كان لنا شرف حضور نشاط بعضها، والتي بدأت في شهر تموز في محافظة بغداد انتقلت هذا الشهر الى محافظة نينوى وستنتقل تباعا الى محافظة صلاح الدين في الشهر القادم ثم الى محافظة كربلاء في الشهر الذي يليه ثم البصرة وديالى وكركوك وتتواصل بالتوازي مع الورش عملية انتاج افلام للموهبة الشبابية السينمائية وصولاً لتكريس تقليد لم يكن موجود في الوزارات العراقية سابقاً ويواجه تحدي استمراره مستقبلاً، الورش صممها ويدير تنفيذها صانع الأفلام العراقي خالد الزهراو بمساعدة مجموعة من الفنانين المؤمنين بحق الشباب العراقي بفرصة حقيقية للنجاح تمثل ورش صناعة الصورة والافلام بدايته الواعدة.
يقينا أن هذه الخطوات التي تضطلع بها وزارة الشباب، هي بداية خارطة الطريق الحقيقية، لتبني مشروع من شأنه انخراط الشباب في العمل السينمائي بكل تفاصيله، للنهوض الحقيقي بواقع السينما العراقية.