موسكو/ أ ف ب في اشارة واضحة الى غضب روسيا من الموقف الغربي ازاء محاكمة تاجر النفط السابق ميخائيل خودوركوفسكي واحتمالات بدء مواجهة جديدة بين الطرفين، رفضت روسيا امس الثلاثاء الضغوط الغربية في قضية محاكمة خودوركوفسكي واعتبرتها"غير مقبولة"وتدخلا في شؤونها الداخلية. واعرب البيت الابيض عن"قلقه العميق"بشان ما وصفه بـ"التطبيق الانتقائي للعدالة". بينما دعت فرنسا الى تطبيق حكم القانون في روسيا وقالت المانيا ان الحكم خطوة الى الوراء.
وبلهجة لا تستخدم عادة في بيان دبلوماسي، انتقدت وزارة الخارجية الروسية ما قالت انه ضغط اوروبي"غير مقبول". وقالت الخارجية في بيانها"نتوقع من كل طرف ان يهتم بشؤونه الخاصة، سواء في الداخل او على المستوى الدولي"، وتابعت"ان المزاعم بشأن التطبيق الانتقائي للعدالة في روسيا لا اساس لها: المحاكم الروسية تنظر في آلاف القضايا المتصلة بمساءلة رجال الاعمال امام القانون".ويواجه خودوركوفسكي حكما طويلا اضافيا بالسجن بعد ان ادين في محاكمته الثانية امس اول الاثنين بسرقة ملايين الاطنان من النفط وتبييض الاموال ما اثار غضب الدول الغربية التي تعد المحاكمة سياسية. ويتوقع ان تستكمل القراءة الكاملة للادانة في قضية خودوركوفسكي خلال الايام المقبلة، الا انه لم يحدد موعد للنطق بالحكم ضده. وقال القاضي فكتور دانيلكين الذي بدأ أمس الأول الاثنين النطق بالحكم في هذه القضية السياسية بامتياز ان"المحكمة رأت ان خودوركوفسكي وليبيديف قاما بسرقة ممتلكات في اطار مجموعة منظمة مستغلين وظيفتيهما".وبدد ذلك امال الليبراليين الروس بان المحاكمة ستكون عرضا لنهج جديد تتبعه المحاكم الروسية. وامس الثلاثاء واصل القاضي دانيكلين تلاوة الادانة بصوت منخفض ورتيب فيما اخذ خودوركوفسكي يقلب في اوراقه وسط تثاؤب الكثير من الحاضرين في جلسة المحكمة. وتعد مقاضاة خودوركوفسكي من اكثر القضايا القضائية اثارة للجدل في روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي، وينظر الى محاكمته على انها نقطة فاصلة في تاريخ روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي ومؤشر محتمل على مستقبلها السياسي. وبعد ان كان خودوركوفسكي احد اغنى الرجال في البلاد، اصبح اشهر سجنائها، ويقضي حاليا حكما بالسجن لمدة ثمانية اعوام لاتهامه بالنصب والاحتيال. وخودوركوفسكي (47 عاما) الذي كان يرأس"يوكوس"اهم شركة في القطاع النفطي، وليبيديف مسجونين منذ 2003 ويمضيان عقوبة مدتها ثماني سنوات اثر ادانتهما بالاحتيال على نطاق واسع وبالتهرب الضريبي.ويتهم حاليا بسرقة 218 مليون طن من النفط تقدر قيمتها باكثر من 26 مليار دولار من شركة يوكوس في الفترة من 1998 وحتى 2003. وكان من المقرر الافراج عنه في 2011 الا ان التهم الجديدة الموجهة اليه بتبييض الاموال والاختلاس يمكن ان تؤدي الى الحكم عليه بالسجن حتى عام 2017 اذا ما وافق القاضي على طلب الادعاء بذلك، ويعتبره انصاره"شهيدا"يعاقب على تجرؤه بتحدي رئيس الوزراء المتنفذ فلاديمير بوتين، الا ان مسؤولين روس يقولون انه شخص فاسد انتهك القانون. وقالت صحيفة"فيدوموستي"المالية الليبرالية ان الحكم الجديد يعكس"بعض الحسابات السياسية المرتبطة بالاعوام 2011-2012 وانتخابات 2016-2018"، وتتجه روسيا نحو انتخابات برلمانية في عام 2011 تعقبها انتخابات رئاسية في 2012، وستجري الانتخابات البرلمانية المقبلة في 2016 تليها انتخابات رئاسية في 2018. ولم يستبعد بوتين العودة الى الكرملين في 2012 لتسلم الرئاسة من الرئيس الحالي ديمتري مدفيديف ويقول مراقبون انه سيسعى الى الابقاء على خودوركوفسكي الذي يتمتع بحضور قوي، خلف القضبان. وقالت صحيفة فيدوموستي ان"تبرئة خودوركوفسكي وليبديف كانت ستعتبر حكما بالادانة على نظام فلاديمير بوتين السياسي"، ولم يستطع بوتين اخفاء كراهيته لخودوركوفسكي حيث قال في برنامج تلفزيوني مباشر تم بثه في وقت سابق من هذا الشهر: ان"اللص مكانه السجن"متهما خودوركوفسكي بأن يديه ملطختان بالدماء. ورد خودوركوفسكي بالقول في تصريح لصحيفة: انه يشفق على رجل لا يحب سوى الكلاب. وقالت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الواسعة الانتشار في انتقادات لاذعة"ان القاضي يعلن هدية رأس السنة الجديدة لفلاديمير فلاديميروفيتش"، في اشارة الى بوتين.
محاكمة خودوركوفسكي تدفع روسيا إلى مواجهة جديدة مع الغرب

نشر في: 28 ديسمبر, 2010: 07:00 م