خاص/المدى
في ظل الانخفاض في أسعار النفط العالمية، يواجه العراق تحديات اقتصادية جسيمة تؤثر مباشرة في استقراره المالي. ويعد النفط المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية في البلاد، ومع تراجع الأسعار، يعاني العراق من نقص حاد في الموارد المالية الضرورية لتمويل المشاريع الحيوية والرواتب والخدمات العامة.
وهذا الانخفاض يؤثر إلى حد بعيد على النمو الاقتصادي، ويزيد من الضغوط الاجتماعية على المواطنين، مما يفرض على الحكومة العراقية البحث عن حلول مبتكرة لإدارة الأزمة الاقتصادية وتخفيف تأثيراتها السلبية.
وقال المختص في الشأن الاقتصادي، عبدالرحمن شاكر، خلال حديث لـ (المدى)، إن "انخفاض أسعار النفط يعني تراجع الإيرادات التي تحصل عليها الحكومة من صادرات النفط، مما يؤدي إلى نقص في الأموال المتاحة لتمويل المشاريع والخدمات العامة"، مستدركاً أن "انخفاض الإيرادات النفطية قد يسبب عجزاً في الميزانية، الذي قد يدفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير تقشفية أو الاقتراض لتمويل عجزها، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الدين العام".
وأردف، أن "انخفاض الإيرادات يمكن أن يؤدي إلى تقليص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، وهذا يؤثر في رفاهية المواطنين، ويزيد من التوتر الاجتماعي".
وتابع شاكر، أن "تقليص الإنفاق الحكومي قد يؤثر سلباً في الاستثمار في البنية التحتية والمشاريع التنموية، مما يمكن أن يعرقل النمو الاقتصادي، ويزيد من البطالة"، مشيراً إلى أنه "قد تؤدي التقلبات الكبيرة في أسعار النفط إلى عدم استقرار اقتصادي، مما يؤثر في الثقة في الاقتصاد المحلي، ويجعل التخطيط الاقتصادي أكثر صعوبة".
ودعا المختص في الشأن الاقتصادي، إلى "ضرورة تنويع العراق لاقتصاده وتقليل اعتماده على النفط من خلال تطوير قطاعات أخرى مثل الزراعة والصناعة والخدمات".
وأكدت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، أن رواتب الموظفين والمتقاعدين مؤمنة حتى في حال انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل، فيما يشير اقتصاديون إلى أن استمرار هبوط أسعار الخام سيزيد من العجز في الموازنة، ما يتطلب البحث عن مصادر تمويل جديدة غير النفط.
من جانبه، قال عضو اللجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، إنه "اُحْتُسِب سعر برميل النفط بـ70 دولاراً في موازنات العراق للسنوات 2023 و2024 و2025، "وهذا أقل مما يباع حالياً في الأسواق العالمية، ويتم تصدير نحو 3.5 مليون برميل نفط يومياً، وهي حصة العراق في أوبك، والتي على أساسها اُحْتُسِبت إيرادات العراق النفطية وغير النفطية التي بلغت 147 تريليون دينار، وعلى هذا الأساس الحد الأعلى للإيرادات كافٍ لتوفير الرواتب التي تبلغ نحو 60 تريليون دينار".
وأردف: "لذلك لا توجد مشكلة في توفير الرواتب للموظفين والمتقاعدين، فما دامت الأسواق العالمية للنفط لا تنخفض عن 70 دولاراً، فإن إمكانية توفير رواتب المواطنين موجودة، ولكن إذا حصل شيء آخر في المعادلات العالمية مثلاً توقف الحرب في أوكرانيا واستقرار الوضع في غزة، فهذا قد يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، وإذا هبط إلى أقل من 70 دولاراً، فهذا سوف يؤثر في الميزانية العامة، ولكن يبقى هناك مجالاً واسعاً لتوفير الرواتب، ولا توجد مشكلة في هذا الخصوص".
وأوضح، أن "المشكلة الحالية هي في السيولة النقدية بالدينار العراقي، بسبب تلكؤ الحوالات الصادرة من البنك المركزي التي يتحكم فيها الفيدرالي الأمريكي، وتؤدي إلى تأخر إرسال الحوالات وعدم وجود سيولة في الدينار العراقي".
وبحسب خبراء فإن العراق منذ بداية عام 2024 إلى هذا الشهر يبيع النفط على أكثر من 82 دولاراً للبرميل، ولذلك الأشهر السبعة الأولى هناك 10 دولارات على الأقل لكل برميل فائض عن سعره في الموازنة، لذلك العراق حتى الآن لم يبع بأقل من 70 دولاراً، صحيح أن في الموازنة عجز لكنه ليس، بسبب انخفاض أسعار النفط أو إنتاجه، بل هو ناجم عن زيادة التخصيصات المالية في الموازنة بما يتعلق بأبواب الرواتب والنفقات الاستثمارية، أما الحديث عن عدم وجود رواتب أو أزمة فهذا لا يدخل العقل، لأن احتياطات البنك المركزي مرتفعة لأكثر 115 مليار دولار، وهذا يؤمن العملة المحلية، ثم إنَّ الأخبار في منطقة الشرق الأوسط متشنجة، وأي شرارة تحدث سوف ترفع أسعار النفط، وهذا جيد.
وفي اليومين الأخيرين، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت أربع سنتات بما يعادل 0.1% إلى 76.77 دولاراً للبرميل بحلول الساعة 00:35 بتوقيت غرينتش، في حين سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 73.39 دولاراً للبرميل بانخفاض 13 سنتاً أو 0.2%.
وعلى الرغم من المخاوف بشأن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، هبطت عقود برنت وخام غرب تكساس الوسيط أكثر من 3% لتغلق عند أدنى مستوياتها منذ كانون الثاني/ يناير الماضي يوم الجمعة في أسبوع متقلب.
وفي الأسبوع الماضي، سجلت العقود الأربعة رابع أسبوع على التوالي من الخسائر، وهي أكبر سلسلة خسائر منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.
وانخفضت أسعار النفط، بسبب مخاوف من الركود في الولايات المتحدة وبعد أن تمسكت "أوبك+"، وهو تحالف بين منظمة البلدان المصدرة للنفط ومنتجين آخرين مثل روسيا، بخطتها للتخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج الطوعية اعتباراً من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.