ميعاد الطائيمن حقنا ان نتساءل عن الستراتيجية التي ستتبعها الحكومة الجديدة في الفترة القادمة لمعالجة المعوقات التي تقف أمام تطور الاقتصاد العراقي حيث لم تظهر في الفترة الماضية علامات بارزة للتحسن والتطور بالرغم من المحاولات الجادة التي شهدتها الملفات الاقتصادية عبر إصدار القرارات والقوانين وتأسيس الهيئات المختلفة منها الهيئة الوطنية للاستثمار وهيئات أخرى كثيرة كان وجودها من اجل خدمة الاقتصاد العراقي ومحاولة معالجة الموروث السابق وما تبعه من أسباب أدت الى تدهور الاقتصاد العراقي.
وبالرغم من الجهود التي بذلتها الحكومة في دورتها السابقة إلا ان هناك أسباباً كثيرة حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة من إصدار القوانين الاقتصادية ومنها قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي اريد من تشريعه أحداث نقلة نوعية كبيرة في الاقتصاد العراقي من خلال جلب رؤوس الأموال والخبرات الإقليمية والأجنبية التي يمكن ان يكون لها دور في إعادة بناء البنية التحتية الأساسية للاقتصاد العراقي، حيث يعرف الجميع ان العراق لا يمكنه تخصيص الأموال المتاحة لديه للاعمار والتنمية باعتبار ان الموازنة الفيدرالية تعتمد بنسبة 94% تقريبا على واردات النفط الخام وان هذه الأموال التي تاتي من واردات النفط يتم إنفاقها كرواتب للموظفين والعاملين في الدولة وعلى شبكة الرعاية الاجتماعية ودعم المحروقات إضافة الى دعم البطاقة التموينية وما تبقى من الواردات لا يكفي لإعادة البنى التحتية ومعالجة المشكلات الاقتصادية الكبيرة لان العملية تحتاج الى أموال وأرقام كبيرة تتناسب مع حجم الدمار والتدهور الذي أصاب الاقتصاد العراقي عبر العقود الماضية وعبر الفترة التي تلت 2003.وبعد ان تعذرت الحكومة في دورتها السابقة بالوضع الامني الذي كان عاملا غير مشجع للمستثمرين للدخول الى العراق فان الحكومة اليوم ومن ضمن برنامجها الحكومي خصصت أكثر من فقرة للإصلاحات الاقتصادية وكانت الفقرة 22 من البرنامج الحكومي قد نصت على ما يأتي: (تفعيل وتشجيع الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية لبناء الوحدات السكنية لمختلف مستويات الدخول، وبناء وحدات سكنية للفقراء وعوائل الشهداء والسجناء، بالإسناد إلى ما أنجزناه في حكومة الوحدة الوطنية في مجال الاستثمار وتشريع القانون الخاص به الذي يمثل قاعدة قوية للانطلاق بعملية تطوير قطاع الإسكان).ومن الجدير بالإشارة هنا الى ان البنية التحتية للاقتصاد بما فيها قطاع الإسكان قد تعرضت لتوقف العمل وعدم التقدم فيها منذ عشرات السنين برغم النمو السكاني المستمر ما يزيد من مسؤولية الحكومة الجديدة في الاهتمام بهذا الجانب من خلال تفعيل الاستثمار شان العديد من الدول التي تعرضت إلى ظروف مشابهة.ومن الضروري ان يكون قانون الاستثمار عاملا مساعدا على إرساء القواعد الأساسية للمستثمر من خلال توفير ضمانات وحماية لهذا المستثمر ليحقق نتيجة ايجابية في مضمار الاستثمار.ولقد منح هذا القانون مزايا وضمانات للمستثمرين وهي:1-إخراج رأس المال الذي ادخله إلى العراق وعوائده وبعملة قابلة للتحويل.2-التداول في سوق العراق للأوراق المالية. 3-استثمار الأراضي اللازمة للمشروع أو المساطحة على أن لاتزيد عن 50 سنة قابلة للتمديد.4-التأمين على المشروع الاستثماري لدى أي شركة تأمين وطنية أو أجنبية. 5-فتح الحسابات بالعملة العراقية أو الأجنبية أو كليهما لدى مصارف العراق أو خارجه. 6-يمنح حق الإقامة وتسهيل دخول المستثمر وخروجه من والى العراق. 7-عدم مصادرة أو تأميم المشروع الاستثماري. 8-للعاملين من غير العراقيين تحويل رواتبهم وتعويضاتهم إلى خارج العراق. 9-الإعفاء من الرسوم والضرائب لمدة 10 سنوات من بدء تشغيل المشروع قابلة للزيادة إلى 15 سنة. كذلك الأثاث والموجودات اللازمة لتوسيع وتحديث المشروع. وبرغم كل ذلك نجد ان الاستثمار في العراق يواجه معوقات وعقبات تتعلق بالبيروقراطية وتعدد المنافذ والفساد الإداري والمالي وملكية الأراضي.لذلك نجد انه بالرغم من صدور قانون الاستثمار في العراق والذي يعد استجابة كبيرة لاحتياجات البلد الا انه يحتوي على بعض الثغرات تحتاج إلى صدور قانون او تعديل لأنها تجعل الكثير من المشاريع غير قابلة للتطبيق،وبعبارة أخرى غير مشجعة للمستثمر او الشركات المستثمرة بالرغم من الربح العالي المتوقع من هذه المشاريع، وذلك لان الجهة المسؤولة عن هذه المشاريع متعددة ولا تقتصر على جهة واحدة.لهذا نجد بأن واحدة من الحلول المتاحة أمام الحكومة يتمثل في إقرار القوانين الجديدة في الجانب الاستثماري وتوفير الأرضية الخصبة لهذه الاستثمارات التي من شأنها مساعدة الحكومة في إعادة بناء البنية التحتية والاستفادة من الخبرات الأجنبية وجلب الأموال لاستثمارها إضافة الى امتصاص أعداد كبيرة جدا من العاطلين عن العمل من خلال تشغيلهم في المشاريع الاستثمارية.و نقول ان البرنامج الحكومي قد جاء بحزمة من المعالجات للملفات الاقتصادية وهذا جيد بحد ذاته الا ان هذه القوانين والإجراءات تحتاج الى الدراسة العلمية والميدانية لإجراء التعديلات اللازمة لها من قبل خبراء اقتصاديين وحسب ما تحتمه علينا طبيعة البيئة الاستثمارية في البلد من اجل ان تحقق هذه القوانين والإجراءات الغرض من وجودها.
البرنامج الحكومي وقانون الاستثمار

نشر في: 29 ديسمبر, 2010: 07:02 م