المدى/ خاص
يشهد مجلس النواب، تراجعا ملحوظا بأدائه، فعلى الرغم من انقضاء نصف عمره، الا أنه الى الان يعيش بدوامة الارباك والتقاعس، ففي الوقت الذي شخص مراقبون سوابق خطيرة بعمل البرلمان، وصف نواب الأداء بـ"المقبول".
وبدأ مجلس النواب العراقي الحالي، أولى جلسته في الـ9 من يناير عام 2022، بعد نحو 3 أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ورافق عمل البرلمان خلال طيلة جلساته السابقة، الكثير من الخلافات والمشادات السياسية، فلم ينجح لغاية الان بإقناع الشعب العراقي، الذي اختاره ليكون بديلا عنه في السلطة التشريعية، فلم يمر قانونا الا ورافقته الكثر من الاحداث.
بهذا الصدد، أكد مدير المرصد النيابي العراقي، مزهر جاسم الساعدي، عمل البرلمان بنظامين داخليين مختلفين، فيما شخص سابقة خطيرة بملف حضور وغياب النواب. ويقول الساعدي، في حديث لـ(المدى)، إن "مجلس النواب يعمل على عدة مواد وفق شكل مختلف"، مؤكداً أن "النظام الداخلي قابل للتعديل وهذا أمر طبيعي، لكن يجب أن يكون مقننا وساكنا باعتبار ان واحدة من اهم واجبات السلطة التشريعية، هي مراقبة التشريعات التي صوتت عليها".
ويضيف، أن "مجلس النواب صوت على نظام داخلي في الشهر السادس عام 2022، وأرسل هذا القانون الى جريدة الوقائع العراقية، ونشر بالشهر العاشر، والمشكلة تتمثل بان النظام الداخلي الذي يعمل مجلس النواب به الان، لا يطابق النظام الداخلي المنشور في جريدة الوقائع العراقية، ببعض المواد لاسيما المواد التي تتعلق باللجان النيابية".
"في النظام الداخلي المنشور في الوقائع العراقية، لا يبيح للنائب ممارسة دورين بلجنتين مختلفتين الا بحدود معينة ولجهات معينة، بينما النظام الداخلي الذي يعمل به مجلس النواب الان، يتيح للنائب وجوده في لجنة فرعية ولجنة أصلية باستثناء اللجان السيادية، وبالتالي حصلت مخالفات بملفات أخرى مثل اين يحق للنائب التصويت، فهل يصوت باللجنتين اما واحدة؟"، بحسب الساعدي. ويؤكد، أن "المخالفات تبدأ من النقطة 70، وبشكل متفرق وصولا الى 85، اي هناك تفاوت بتطبيق هذه المواد الموجودة في النظامين الداخليين المنشور بالشهر السادس والعاشر عام 2022 في جريدة الوقائع العراقية".
وصوت مجلس النواب الحالي، على 55 مشروعاً خلال عامين من عمره، بينما استطاع اكمال القراءة الأولى 58 مشروع قانون، والقراءة الثانية لـ40 مشروع قانون، بحسب المرصد النيابي العراقي.
وبشأن غياب النواب وحضورهم، يؤكد مدير المرصد النيابي "وجود سابقة خطيرة جداً، لم يألفها العمل النيابي في العراق، تتمثل بعدم معرفة حضور وغياب وعمل النواب في اللجان على الاطلاق، الا بالدورتين الرابعة والخامسة؛ نتيجة عدم تطبيق النظام الداخلي، وقانون مجلس النواب وتشكيلاته، وقانون استبدال الأعضاء من قبل هيئة رئاسة البرلمان، بسبب حجب نشر الغيابات، عن الرأي العام، وبذاك أصبح جميع النواب بكفة واحدة، وهذا ظلم كبير، حيث لا نعرف من صوت على هذا القانون او لم يصوت".
ويتابع الساعدي حديثه، قائلا: "في قانون مجلس النواب وتشكيلاته، لاسيما في مادتي 10 و11، هناك نصا صريحا يؤكد ضرورة استقطاع مبالغ مالية من النواب، ولا نعرف اي مبالغ تستقطع من النواب، وهل تذهب الى ميزانية الدولة أم لا، وبالتالي هذا غير واضح، نتيجة عدم معرفة الغيابات". وعقد مجلس النواب جلسته السابعة من الفصل التشريعي الثاني للسنة التشريعية الثالثة، من الدورة الانتخابية الخامسة، برئاسة محسن المندلاوي رئيس مجلس النواب بالنيابة الأربعاء المصادف الـ7 من الشهر الحالي بحضور (172) نائبا.
وحول تأخر الجلسات، يلفت الى، ان "تأخر الجلسات في مجلس النواب يحدث نتيجة عدم اكتمال النصاب، بالوقت الذي يؤكد النظام الداخلي إمكانية تأجيل الجلسة نصف ساعة، وإذا لم يكتمل النصاب، فبعد ذلك تؤجل الجلسة، حيث لغاية الان لم تعقد اي جلسة محددة بتوقيت معين بسبب تأخر النواب وعدم مجيئهم، وهذا يتسبب بتأجيل الجلسات الى أربع ساعات لحين اكتمال النصاب".
ويحمل الساعدي "هيئة رئاسة مجلس النواب، كل ما يحصل من مخالفات داخل قبة البرلمان"، مؤكداً "اهمية اعلان اسماء الغياب والحضور من النواب، في موقع المجلس وبأحد الصحف الرسمية، واية كانت الأسباب وراء عدم اعلان الأسماء فهي مخالفة للنظام الداخلي والقانون".
وينوه الى، ان "بعض النواب يشكون من عدم رؤية زملائهم الأخرين خلال الجلسات النيابية، بالوقت الذي يفرض النظام الداخلي عقوبات متنوعة على النواب المتغيبين وتصل لاستبدال النواب"، مستدركاً بالقول: "لم يكتمل حضور أعضاء مجلس النواب منذ تأسيسه وانطلق عمله".
ويوضح الساعدي، أن "المعدل العام لحضور النواب يتمثل بغياب قرابة 136 نائباً خلال كل جلسة نيابية خلال الدورة التشريعية الحالية"، مشيراً الى ان "هناك ارتباك بالجلسات وضعف بالدور الرقابي بالاضافة الى ارتباك بجدول الاعمال، حيث تؤكد المؤشرات ان الدورات السابقة هي أكثر نضوجا من الدورة الحالية، والتي سبقتها".
وألقت ازمة اختيار رئيس جديد للبرلمان العراقي بظلالها على أداء المجلس، حيث إن الأداء مرتبط بما يطرح على أجندة مجلس النواب وبتأخر اختيار رئيس جديد تعطل مجلس النواب عن أداء الكثير من واجباته والقوانين المقترحة على جدول أعماله، بحسب سياسيين.
الى ذلك، حدد عضو مجلس النواب، محمد الزيادي، أسباب تراجع اداء مجلس النواب خلال الدورة الحالية، وفيما تطرق الى ملف النواب المتغيبين، حدد الجهة القادرة على معاقبتهم. ويذكر الزيادي، في حديث لـ(المدى)، إن "أداء مجلس النواب، تراجع بظل الظروف المحلية والإقليمية المستمرة والمحيطة به، بالإضافة الى قلة ارسال القوانين من الحكومة الاتحادية الى البرلمان وكذلك وجود الكثير من مشاريع القوانين التي سحبت من الحكومة أهمها قانون النفط والغاز، ومجلس الاعمار، والعفو العام، وأيضا عدم توافق الكتل السنية على اختيار رئيس جديد لمجلس النواب". وسحب مجلس الوزراء مجموعة قوانين مهمة جداً خلال الجلسة رقم 302 في الـ15 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر، في عام 2022 والتي تقارب 450 قانوناً لغرض تعديلها، لكن الحكومة لم تقم بإعادتها إلى المجلس لغاية الان.
ويبين، أن "هذه الأسباب اثرت بشكل سلبي على تقديم أفضل أداء للبرلمان"، مؤكداً أن "الأداء الحالي للبرلمان مقبول ويمكن أن يكون جيداً".
"حضور النواب ليس فقط أمر ضروري بل هو واجب شرعي وقانوني"، يقول الزيادي ويؤكد: "لابد ان يكون النائب متواجدا في مجلس النواب، باعتباره يمثل 100 ألف شخص من المجتمع ولابد أن يدافع عن حقوقهم".
ويلفت النائب الى، ان "النظام الداخلي عالج ملف النواب المتغيبين، بحيث ينص القانون على معاقبة النائب المتغيب خلال ثلاث جلسات متتالية بدون عذر شرعي، باعتباره مستقيلا، ومن المهم تطبيق النظام الداخلي".
"النائب غير معين كالموظفين، بل هو منتخب من الشعب، وعلى الشعب محاسبته ومعاقبته، خلال الانتخابات المقبلة"، بحسب الزيادي
وكان عضو لجنة النزاهة النيابية النائب أحمد الربيعي، أكد في وقت سابق، عدم طرح موضوع استجواب الوزراء داخل قبة البرلمان لغاية الآن، مشيراً إلى أن تقييم الوزراء والمحافظين، حتى الآن، سابق لأوانه.
ولم يستجوب مجلس النواب لغاية الان، الا رئيس شبكة الاعلام السابق نبيل جاسم.