المدى/ متابعة

أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الإثنين، أهمية المضي في عملية الأتمتة؛ لأنها تقع في صلب توجه الحكومة في الإصلاح المالي والإداري، وكذلك في جهودها الخاصة بمكافحة الفساد، فيما شدد على أهمية المتابعة الحثيثة لمفردات عملية الأتمتة ودقة البيانات، في سبيل تقديم خدمة تمتاز بالحداثة وتتجاوز كل العقبات والعقد الروتينية.

وتسعى الحكومة العراقية إلى تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني واعتماد أنظمة الأتمتة الحديثة وإنهاء التعامل النقدي، لكن تحوّل العراق إلى هذا النظام المعمول به عالمياً لا يخلو من عمليات الاحتيال، سواء كان من قبل التجار عند تبضع المواطنين، أم عن طريق استحصال مبالغ إضافية بحجة رسوم الاستقطاع المعمول بها حالياً، خاصة أن ثقافة المجتمع بالدفع الإلكتروني ضعيفة.

بيئة عمل حديثة

ويتجه العراق نحو تغيير نظام المدفوعات لديه من النقد المباشر الى النمط الإلكتروني لأسباب عدة منها السيطرة على الكتلة النقدية ومكافحة الفساد وتقليل كلفة طبع العملة.

الحكومة دعمت بيئة التحول بتوجيه التعاملات الحكومية وانظمة الجباية إلى الشكل الجديد بالتزامن مع قرار البنك المركزي العراقي تأسيس شركة ترتبط به تتولى مسؤولية تطوير  وإدارة الأنظمة الوطنية للدفع، لضمان التحول السريع لبيئة العمل الحديثة.

قرار التغيير استحدث مساحة عمل جديدة للقطاع الخاص للمشاركة كمزود للخدمة بفضل التحول السريع للدفع الإلكتروني بعد بلوغ معدل اصدار البطاقات الالكترونية إلى قرابة 19 مليون بطاقة حتى بداية الربع الأول من العام الحالي بعد زيادة توطين رواتب موظفي القطاع العام وارتفاع معدل الشمول المالي المرتبط بالثقافة المالية للزبائن.

واشرت بيانات القطاع الحكومي ارتفاعاً ملحوظً للنظام المستحدث فعدد المؤسسات المستخدمة للدفع الألكتروني ارتفع من 13 عام 2019 إلى 558 العام الماضي، وارتفعت معها معدلات الجباية من 3 مليارات دينار عراقي 2021 إلى 108 مليارات دينار العام الماضي مما يدل على تقبل واندماج المواطنين بشكل سريع .

قرارات الحكومة بإلغاء عمولات الدفع للزبائن أسهمت بزيادة استخدام البطاقات الإلكترونية بشكل واسع عبر إصدار مليوني بطاقة جديدة العام الماضي كذلك حفزت المبادرات التخفيضية  للقطاع الخاص التحول الجديد، مما رفع الحركات المالية الإلكترونية من 298 مليار عام 2019 إلى 9 ترليون و66 مليار حركة العام الماضي، لكنها بالتأكيد تحتاج إلى مزيد من الدعم والتسويق والتطوير لضمان تلبية أداء أفضل.

وفي يونيو/حزيران 2023 أعلن البنك المركزي العراقي، دخول قرار مجلس الوزراء العراقي المرقم (23044) للعام 2023 حيز التنفيذ، والمتمثل بزيادة عدد أجهزة الدفع الإلكتروني في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لتعزيز ثقافة الدفع والتحصيل الإلكتروني، والتقليل من استخدام النقود الورقية في الجباية والتعاملات التجارية.

قطاع التعليم

وفي شباط /فبراير 2020 لم يعد بمقدور أحد عشر مليون طالب عراقي الذهاب الى المدرسة. وشكلت جائحة كوفيد19 بما فرضت من اجراءات للوقاية واحتواء الفايروس كإغلاق جميع المؤسسات التعليمية، تهديدا لمسار التعليم بالنسبة لدولة نامية كالعراق، حيث استمر الاغلاق الجزئي مدة 55 يوما دراسيا في حين بلغت مدة الاغلاق الكلي للمدارس 255 يوما دراسيا حسب احصائيات منظمة اليونسيف واليونسكو.

ويعدّ التعليم الإلكتروني في العراق تجربه أولـية تطبق بصورة عامة، ولكن بعد انتشار كورونا بشكل واسع فرضت الظروف استخدام هذا النوع من التعليم في العراق، لكن التجربة لم تكن ناجحة بالصورة المطلوبة، ولم تتوفر لها الإمكانيات القوية التي تؤدي إلى نجاح هذه التجربة بشكل مستمر.

فيما تزامن تردي الوضع الاقتصادي والامني في العراق، مع جائحة كورونا لتواجه البلاد ازمتين مزدوجة اجبرت العديد من الطلاب على ترك الدراسة.

وتعد منصات التعليم الالكتروني جزء من مشروع دعم وتطوير اعتماد التعليم الالكتروني الذي نفذه برنامج تحديث القطاع العام العراقي التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولكنه فشل في بلد نخره الفساد والازمات، ولا يتوقف الأمر على ذلك فقط، لأن قطاع التعليم في البلاد يعاني اصلا من فوضى كبيرة من فساد والافتقار إلى المبادئ العلمية الأساسية في التدريس، وضعف الانفاق على البنى التحتية وانعدام الخدمات وغيرها من الأمور التي أسهمت في تدني هذا القطاع.

الوقود والطاقة

وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى التكيف مع نظام الدفع الإلكتروني، رغم هشاشة البيئة الاقتصادية والمصرفية للبلاد، عادت محطات الوقود في بغداد والمحافظات إلى اعتماد الدفع النقدي بدلاً من الإلكتروني بسبب رداءة خدمة الإنترنت ما أدى إلى فشل محاولات دفع ثمن الوقود عبر البطاقات المالية، ليثير تساؤلات حول كيفية تعميم هذا النظام على كافة المجالات؟.

ومنذ اعتماد نظام الدفع الإلكتروني في جميع محطات الوقود يساور القلق العديد من المواطنين لأسباب عديدة أبرزها انعدام الثقة بالنظام المصرفي وغياب الثقافة الإلكترونية وعجز الحكومة في التعامل مع الإشكاليات المرتبطة بهذا القرار.

وسجل عدد من أصحاب المركبات في الكثير من المحافظات، مطلع الشهر الجاري، محاولات “فاشلة” للدفع عبر البطاقة الإلكترونية أثناء محاولتهم التزود بالوقود من المحطات بالتزامن مع إجبار حكومة محمد شياع السوداني المواطنين على النظام الإلكتروني بدلًا من الدفع النقدي.

بدورها كشفت وزارة الكهرباء في ايار الماضي عن خطة تنفيذ مشروع التوزيع الذكي للطاقة في العراق، فيما أشارت الى إنجاز مشروع الجباية الالكترونية في عموم العراق العام الحالي، أكدت نجاح تجربة التحول الذكي للطاقة في بعض مناطق بغداد.

وقال رئيس اللجنة الوزارية للإشراف على مشروع الدفع الالكتروني والتحول الذكي في وزارة الكهرباء أحمد مرتضى في حديث تابعته (المدى): إن "الوزارة تعمل على تنفيذ التوجه الحكومي وتوجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتحقيق التحول الذكي كاملاً للمنظومة الكهربائية من خلال اعتماد المقاييس الالكترونية الذكية"، لافتاً الى أنه "تم انتخاب مناطق معينة في بغداد وفي المحافظات من أجل تحويلها تحولاً ذكياً في مجال توزيع الطاقة الكهربائية وخلال الأسابيع المقبلة ستتضح نتائج هذه التجربة".

وأشار الى أنه "حتى الآن تجربة التحول الذكي للطاقة في بغداد حقق نجاحاً كبيراً، وسيتم تعميم التجربة خلال شهر ونص الى شهرين في عموم مناطق بغداد، وبعدها سيتم الانتقال الى محافظة أو محافظتين حتى الوصول الى عموم المحافظات"، موضحاً أن "الوزارة ستقوم بتقسيم العراق الى مناطق على خمس شركات للتوزيع، وستكون كل شركة مسؤولة عن مجموعة من المحافظات".

البطاقة التموينية

وضمن مشروع التحول إلى الأتمتة الإلكترونية في المعاملات الحكومية الذي تبناه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ضمن برنامجه الحكومي أعلنت وزارة التجارة فيوقت سابق المباشرة بتحويل البطاقة التموينية الورقية إلى إلكترونية.

وكشفت الوزارة عن بدء المشروع في محافظة النجف (جنوب) كخطوة أولى وكنموذج سيعمم في ما بعد على جميع المحافظات، وذلك وفق ما أكده وزير التجارة أثير داود الغريري في حديث سابق.

ويأمل الغريري أن يساعد المشروع المواطنين في الحصول على حصصهم من مكونات البطاقة التموينية من المواد الغذائية بشكل دقيق، مع الحد من التلاعب، وتلافي الإجراءات الروتينية، وذلك من خلال تطبيق ذكي.

ويثير شروع الوزارة بالتحول إلى النظام الإلكتروني العديد من التساؤلات عن مزايا النظام الجديد، وعن المخاطر التي قد تنجم عن ذلك في حال تسربت بيانات العراقيين الشخصية.

تحديات كبيرة تواجه وزارة التجارة لتطبيق نظام البطاقة التموينية الإلكترونية، وفق عضو لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة في البرلمان العراقي سوران عمر.

وأضاف عمر أن مشروع الأتمتة يحتاج إلى مبالغ طائلة مع مدة لا تقل عن 5 سنوات لإنجازه.

وفي ما يتعلق بمدى توفر الإمكانيات للتحول الإلكتروني في هذا المشروع، بين عمر -في تصريح صحفب تابعته (المدى)، أن العراق استطاع أتمتة نظام استلام رواتب الموظفين الحكوميين، فيما لا تزال المجالات الأخرى -مثل بطاقة مفوضية الانتخابات- تعاني، منبها إلى أن أمن بيانات المواطنين وخصوصيتهم سيعتمدان على الشركة التي ستتم إحالة تنفيذ المشروع إليها، وفق تعبيره.

معالجة التهريب

الهيئة العامة للجمارك فقد أعلنت في حزيران الماضي عن إنجاز المرحلة الأولى من مشروع الأتمتة في 8 مراكز، وفيما حددت موعد استكماله بعموم مراكزها في العراق، كشفت إيراداتها خلال 5 أشهر.

وقال رئيس الهيئة حسن العكيلي في حديث تابعته (المدى): إن "الهيئة باشرت بتطبيق نظام الاسكودا في بعض المنافذ الحدودية منذ تشرين الأول الماضي"، مبينا، أنه "تم إنجاز المرحلة الأولى من الأتمتة في 8 مراكز جمركية من مجموع 25 مركزا".

وأضاف، أن "أهمية المنافذ تقاس من خلال المنافذ الأكثر إيرادا والتي تدخل عبرها بضائع كثيرة"، مشيرا إلى، أن "المرحلة الثانية ستشهد أتمتة باقي المراكز في سقف زمني يمتد للنصف الأول من العام المقبل"، لافتا إلى، أن "الأتمتة ساهمت في زيادة الأيرادات".

يذكر أن مجلس إدارة البنك المركزي العراقي، قرر في 13 كانون الأول الماضي، إنشاء "الشركة الوطنية لنظم الدفع الإلكتروني" في عموم البلاد، مبيناً أن الشركة تمثل تطوراً نوعياً في هيكل البنية التحتية المالية للبلد.