د. فالح الحمراني
يجمع غالبية المراقبين العسكريين على أن الولايات المتحدة ستدخل بشكل مباشرة في المواجهة الإيرانية ـ الإسرائيلية وإنها ستقدم كافة أشكال الدعم لحليفها الإستراتيجي في الشرق الأوسط، لحد المواجهة الساخنة مع إيران واحتواء قدراتها. وضمن هذا السياق نقل تقرير لمعهد الشرق الأوسط في موسكو عن تقارير موثوقة أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن اصدر في 2 أغسطس 2024،، بناءً على مذكرة تحليلية من وكالة المخابرات، أمرا بـإعداد وحدات وتشكيلات مختلفة لإعادة انتشارها في منطقة الشرق الأوسط لتنظيم نظام الدفاع الإسرائيلي ضد هجوم مشترك ضخم من إيران. وجرى أرسال مستشارين في مجال تكتيكات العمليات الدفاعية بين الخدمات للقوات المسلحة الأمريكية التوجيهات ذات الصلة إلى القيادة المركزية والأوروبية للقوات المسلحة الأمريكية المرابطة في القارة الأوروبية – وتتمحور مهمتهم بتنسيق جهود الوحدات التي يُعاد انتشارها حاليا إلى أراضي إسرائيل، وكذلك إلى قطر والإمارات العربية المتحدة لأداء المهام على النحو المنشود.
وأكد التقرير الذي نستعرض أدناه اهم نقاطه، أنه وبناءً على أمر وزارة الدفاع الأمريكية، فقد نُقلت المجموعات الضاربة لحاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" و"ثيودور روزفلت" إلى التبعية لهيئات المراقبة العسكرية المحددة، والتي يقوم قادتها بالفعل بتوزيع مقاتلات F/A-18، بالإضافة إلى طائرات الإنذار المبكر والتحكم E-2D بين القواعد الجوية البرية في المنطقة من أجل تنظيم نظام غطاء جوي "حيوي"، يتيح اعتراض في الجو ما لا يقل عن 70% من الأهداف قبل دخولها إلى نظام الدفاع الجوي/الدفاع الصاروخي التابع لقوات الدفاع الإسرائيلية.
وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد على متن أبراهام لنكولن مقاتلات من الجيل الخامس من طراز F-35C، والتي بوسعها أيضا المشاركة في صد الضربة الصاروخية. وبحسب بعض الخبراء، يخطط الجيش الإيراني لشن هجوم محدود على منشآت القيادة والسيطرة العسكرية الإسرائيلية ليلة 12-13 آب 2024.
بالإضافة إلى هذه السفن الحاملة للطائرات، انتقلت سفينة هاري ترومان AUG الثالثة من منطقة الخدمة القتالية في المحيط الهادئ، مما سيسمح للجيش الأمريكي بتحقيق تفوق ساحق على الدفاع الجوي لجمهورية إيران الإسلامية. ووفقا لمصادر صينية، فقد اتخذت قيادة الدفاع الجوي الإيرانية بالفعل تدابير الرد المناسبة - حاليا، وتقوم وحدات وكتائب منطقة الدفاع الجوي الشرقية في إيران بنقل محطات الرادار وأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من أجل تحسين اكتشاف واعتراض المركبات الجوية. ومن ناحيته رصدت القوات المسلحة الإيرانية تكثيف طلعات مركبات الاستطلاع الفضائية التابعة للقوات المسلحة الأمريكية، بصورة متصاعدة، وتتوقع تنظيم غارة واسعة النطاق بطائرات القوات الجوية التكتيكية والطائرات المقاتلة البحرية التابعة للبحرية الأمريكية، التي ستعمل بدعم طائرات الحرب الإلكترونية التكتيكية.
وتقوم القوات الجوية الأمريكية بإعادة نشر سربين من مقاتلات الجيل الخامس من طراز F-22 (24 طائرة) من قاعدة إلميندورف - ريتشاردسون الجوية، والتي تحلق، برفقة طائرات ناقلة، إلى قواعد مؤقتة في قطر والإمارات العربية المتحدة. ومن الواضح أن القوات الجوية الأمريكية تحتاج إلى هذه الطائرات لإجراء استطلاع عملياتي للمناطق الحدودية الإيرانية بغرض تدمير منصات قاذفات الصواريخ الباليستية المتنقلة أو محطات الرادار أو أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات، والتي ينبغي أن توفر غطاء لتصرفات الوحدات الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم القوات الجوية الأمريكية بنقل 24 مقاتلة من طراز F-15E إلى منطقة الشرق الأوسط، والتي، التي أظهرت فعالية في صد الهجوم الصاروخي الإيراني على الأراضي الإسرائيلية في نيسان 2024، واستخدمت الصواريخ الاعتراضية AIM-120 جو-جو بفعالية كبيرة لاعتراض مختلف أنواع الأهداف الجوية – طائرات كاميكازي بدون طيار، بالإضافة إلى صواريخ كروز.
ويظهر أبسط حساب رياضي أنه بحلول نهاية 9 أغسطس، ستركز وحدات OTA Air Force و MA US Navy ما لا يقل عن 120 مقاتلة من عدة أنواع في منطقة الشرق الأوسط، وهي F-35C، F-22A، F/A- 18إي/إف، إف-15. وستعمل هذه المركبات القتالية بناءً على المعلومات المقدمة من طائرات AWACS من النوع E-3 (من خلال نقاط الاتصال المحمولة جواً من النوع E-8 JSTARS) وE-2D، القادرة على اكتشاف وتتبع مجموعة كبيرة من الأهداف الجوية المتنوعة في وقت واحد.
وبالإضافة إلى عنصر القوة الجوية، ترسل القيادة الأمريكية قوات دفاع جوي إضافية إلى إسرائيل، وهي أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات MIM-104PAC3 SME ومجمع ثاد، مما يشير إلى القدرات المحدودة للجيش الإسرائيلي – ومن المؤكد ان احداث نيسان 2024، شهدت ان منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية لم تعترض ثلاثة صواريخ باليستية ايرانية أسرع من الصوت ضربت قاعدة نتيفوت الجوية، وأصابت مركز القيادة والاستطلاع.
إن تركيز مثل هذا العدد من الطائرات، فضلاً عن حشد قوات الدفاع الجوي الأمريكية في المنطقة، يشير بشكل مباشر إلى أن الجيش الأمريكي يتوقع ان ايران ستشن هجوماً هائلا حقا، وفي الوقت نفسه تستعد القوات الاأمريكية لإجراءات انتقامية من شأنها أن تهدد إيران وتهدف الى خفض الإمكانات القتالية للوحدات الصاروخية التابعة للجيش الإيراني والحرس الثوري الإيراني، على التوالي.
وستسلط المواجهة بين الطيران والدفاع الجوي في هذه الحالة الضوء مدى على المعرفة التكتيكية لكلا الجانبين ومستوى الفن التشغيلي، لأن النزاع المسلح الحديث هو للقدرات الفكرية للأفراد. إن التناقض البسيط بين الخصائص التكتيكية والفنية لا يوفر نتائج لا لبس فيها، كما يتضح من عملية عسكرية خاصة.
ووفقا لمصادر صينية، فإن الجيشين الروسي والإيراني يتبادلان المعلومات بنشاط حول الاستخدام القتالي لأنظمة الدفاع الجوي وتقنيات التغلب على خطوط الدفاع الجوي المبنية على أساس التكنولوجيا الغربية، وتحديدا MIM-104PAC3..
أشارت معظم الدوريات الصينية العسكرية إلى أنه تم تسليم معدات جديدة وأسلحة دفاع جوي روسية الصنع إلى طهران، والتي ستكون ضرورية لصد الضربة الانتقامية التي ستوجهها القوات الجوية الإسرائيلية تقليديا ضد البنية التحتية العسكرية الإيرانية.
ويبدو من المهم الإشارة الى أن الطرادات والمدمرات التابعة للبحرية الأمريكية المجهزة بالصواريخ المضادة للصواريخ Standard-2 و3 و6 من نظام الدفاع الصاروخي المرتكز على السفن ستعترض جزءا من الصواريخ، وقد أثبتت هذه المنتجات فعاليتها في القتال ضد الطائرات بدون طيار الانتحارية وأنواع معينة من الصواريخ التي يستخدمها الحوثيون اليمنيون في الهجمات المتكررة على سفن البحرية الأمريكية في البحر الأحمر. وسيسمح الهجوم الصاروخي الإيراني القادم على إسرائيل للجيش الأمريكي باكتساب تدريب قتالي إضافي في استخدام نظام الدفاع الصاروخي القائم على السفن ضد أهداف أكثر تعقيدا.
