خاص/ المدى
رصد باحثون في الشأن الاقتصادي معاناة شريحة العقود من الموظفين في دوائر الدولة، محددين عدة نقاط لمعالجة الخلل في النظام الوظيفي. وأكدوا أن الإخفاق الحاصل في هذا الملف يسبب أزمة اقتصادية تؤثر سلباً على المواطن والبلد.
وتشهد الساحة تظاهرات متكررة ينظمها موظفو العقود في دوائر الدولة، مطالبين بتثبيتهم على الملاك الدائم. ويعاني معظمهم من عدم الحصول على المزايا التي يتمتع بها زملاؤهم من الموظفين على الملاك الدائم، فيما يفتقر النظام القانوني إلى العدالة في القوانين التنظيمية للعمل الوظيفي في القطاع الحكومي.
الأطراف المتأثرة
يقول الباحث في الشأن الاقتصادي ضياء المحسن: "أصبحت مشكلة العقود تؤرق جميع الأطراف. الطرف الأول هو المواطن الذي يخشى الاستغناء عن خدماته، ما قد يؤثر سلباً على حياته الاجتماعية. من جهة أخرى، يشعر الطرف الحكومي بضغط كبير باتجاه تثبيت المتعاقدين، رغم العجز الذي تعاني منه الموازنة العامة للدولة".
ويضيف المحسن، في حديث خاص لـ(المدى)، أن "هذه الإشكالية أثرت سلباً في نواحٍ أخرى، خاصة مع وجود أشخاص قد لا يتمكنون من الحصول على تقاعد مجزٍ، لأنهم لا يمتلكون سنوات خدمة كافية لصرف الراتب التقاعدي، ناهيك عن عدم تمكنهم من الحصول على قروض أو التقديم للحصول على قطعة أرض سكنية".
واقترح المحسن أن "معالجة هذه المشكلة لا تتمثل في تثبيتهم في المؤسسات التي يعملون بها، بل في التفكير الجدي بإيجاد مشاريع إنتاجية يديرها هؤلاء، مما سيساهم في رفد السوق المحلية بمنتجات يتم استيرادها حالياً، وبالتالي تقليل هذه الاستيرادات".
وأضاف: "كما يمكن تقليل الضغط على الموازنة العامة من خلال الاستغناء عن هؤلاء في حال وجود مشاريع تستوعبهم. أما الحل الثاني فهو توفير فرصة عمل ثابتة بدخل أعلى من الحالي. الحل الرابع يتطلب تحقيق توازن في أسواق الصرف واستقرار أسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وانخفاض معدلات التضخم، مما سيشجع على فتح مشاريع جديدة تستوعب أعداداً كبيرة من العاطلين عن العمل".
وأشار إلى أن "هذه الحلول قد تظل أمنيات إن تعرضت المشاريع للبيروقراطية والعراقيل، ما يتطلب إعادة النظر في تعليمات منح القروض الصغيرة والمتوسطة لتفعيل قطاعات اقتصادية غابت منتجاتها عن السوق المحلية."
تخبط بالقرارات
يوجد في العراق أكثر من أربعة ملايين موظف حكومي، ويعاني معظم المتعاقدين وأجور اليومية في دوائر الدولة من نقص المزايا مقارنة بنظرائهم من الملاك الدائم. وعلق الباحث الاقتصادي دريد الشاكر العنزي على الوضع قائلاً: "الجهات المعنية تتخبط في قراراتها وتحتاج إلى تعديل وإضافات مستمرة. موظفو العقود كانوا موعودين بتعيينهم على الملاك الدائم، لكن المدة التي قضوها في العمل تتراوح بين 5 إلى 6 سنوات أو أكثر دون أن تشملهم التعيينات".
وأضاف العنزي، في حديث لـ(المدى)، أن "شريحة العقود لا تزال تعاني من هذه الإخفاقات لعدم وجود قانون شامل يضمن حقوقهم واستمراريتهم دون خوف من التسريح أو الإقصاء. يجب على الجهات المعنية إصدار تعليمات واضحة تتعلق بحقوق هؤلاء الموظفين، تشمل ضمان استلام مرتباتهم الشهرية، الترفيعات، احتساب الخدمة التقاعدية، وآلية التحويل إلى موظف على ملاك الدائرة".
وأبرز العنزي أن "العديد من المتعاقدين لا يتمتعون بأي امتياز وظيفي، ويواجهون مشاكل تتعلق بتحويلهم من فئة إلى أخرى بناءً على شهاداتهم. كما طرحت تساؤلات حول إمكانية تحويل هؤلاء إلى العمل في معامل أو منشآت قائمة كشركات استثمارية".
ويوم الاحد الماضي، تظاهر العشرات من موظفي عقود إسناد "أم الربيعين" الذين لم يتم تعيينهم منذ عام 2012، مطالبين بتعيينهم على الملاك الدائم. أقيمت الوقفة الاحتجاجية أمام مجلس محافظة نينوى، حيث طالب المتظاهرون بتسهيل إجراءات تعيينهم بناءً على أوامر التعيين التي أقرها البرلمان منذ عام 2022، والتي تم إدراجها في موازنة عامي 2023 و2024.
اقتصاديون يرصدون معاناة شريحة العقود من الموظفين ويضعون الحلول لإنهائها
نشر في: 15 أغسطس, 2024: 01:30 ص