ميعاد الطائيجاء يوم 21/12/2010 ليدخل ضمن الايام المهمة والتاريخية من عمر العملية السياسية في العراق حيث شهد هذا اليوم جلسة برلمانية توافقية ناجحة تم من خلالها التصديق على البرنامج الحكومي الذي قدمه رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة إضافة الى التصويت على 33 شخصية هي رئيس الوزراء وثلاثة نواب له بالإضافة الى 29 وزيراً لتبقى الوزارات الباقية تدار بالوكالة لحين إشغالها بشخصيات جديدة .
ولقد كانت الكتل السياسية سعيدة ومنشغلة بفرحتها بنيل مرشحيها هذه المناصب بعدما شهدنا قبل ذلك مرحلة تقديم المرشحين في قوائم الى رئيس الوزراء خلت من الاسماء النسوية إلاّ من واحدة فقط .ويبدو ان الجميع لم يلاحظ هذا الخلل او ربما تغافل عنه حتى جاءت السيدة آلا طالباني لتوقظ الجميع حينما أطلقت صرخة عالية ملؤها الحزن والألم لتوجه اهتمام البرلمان والشعب العراقي الى الظلم الذي وقع على المرأة في التشكيلة الحكومية الجديدة التي لا يمكن وصفها إلاّ بأنها ذكورية بامتياز ..ولقد طلبت السيدة آلا من كل من يؤيد مطالب المرأة بالتمثيل العادل في الحكومة الجديدة ان يقف فوقف معظم أعضاء البرلمان، وعبر رئيس الوزراء عن خيبة أمله من غياب الأسماء النسوية من قوائم المرشحين للوزارات والتي قدمتها الكتل السياسية بالرغم من وجود 82 امرأة في البرلمان الجديد حسب ما جاء به الدستور وسمحت به الكوتا النسائية التي فرضت التمثيل النسوي بنسبة 25% في البرلمان، بالرغم من وجود شخصيات نسائية أثبتت كفاءتها ومقدرتها على تحمل المسؤولية .وكما يعرف الجميع فإن الكوتا هي السبيل الوحيد للوصول إلى هذه النسبة العالية من التمثيل النسوي في البرلمان ومجالس المحافظات إلاّ أنّ المرأة البرلمانية والسياسية بصورة عامة مازالت تعاني من النظرة السلبية تجاه فاعليتها في ظل مجتمع ذكوري تحكمه أعراف وتقاليد تعمل على تعطيل دور المرأة التي قدمت الكثير من التضحيات حيث عانت في زمن النظام السابق وعبر عقود طويلة من التهميش ومصادرة الرأي وتغييبها عن المشاركة في اتخاذ القرارات بما فيها القرارات الخاصة بتنظيم حياتها مما انعكس سلبا على وضعها داخل المجتمع .واليوم وبعد التحول الديمقراطي الحاصل في المشهد العراقي كان من المفترض ان يتطور دور المرأة في العمل السياسي باتجاه زيادة التمثيل في مراكز القرار من خلال استيزار النساء او إعطائهنَّ مناصب مهمة تتناسب مع دورها الحيوي في بناء المجتمع ليتحقق بذلك مبدأ الشراكة الحقيقية المبنية على مشاركة الرجل والمرأة خاصة اذا ما استحضرنا التضحيات الكبيرة التي قدمتها المرأة العراقية حيث تحملت أخطاء الحكام وحروبهم التي زجوا فيها البلاد فدفعت الثمن غالياً بفقدها الزوج والأب والابن لتكون الخاسر الأكبر بفعل الأضرار المادية والمعنوية والبشرية التي تعرضت لها في تلك الحقبة المظلمة .من خلال متابعة المشهد السياسي العراقي نكتشف إن المرحلة الحالية تعد منعطفاً مهماً واختباراً حقيقياً لدور المرأة في قيادة المجتمع وإمكانيتها في الدفاع عن المكاسب التي منحها إياها الدستور العراقي. وعلى النساء في البرلمان ومنظمات المجتمع المدني التي عودتنا على الوقوف في وجه اي خرق للديمقراطية ان تعلن تضامنها مع المرأة في مطالبها العادلة في تمثيل مناسب في السلطة التنفيذية للمشاركة في بناء العراق والنهوض بواقع المرأة وتحقيق العدالة الاجتماعية .ومن الجدير بالذكر ان هذا الغياب والتهميش قد ظهر في مفاوضات تشكيل الحكومة والحوارات التي جمعت الفرقاء السياسيين بعيداً عن النساء ليتوج هذا التهميش في ترشيحات الكتل السياسية وفي تولي المناصب الوزارية لتشهد الديمقراطية العراقية الفتية تراجعاً واضحاً سيؤثر على قناعات المرأة الناخبة في الانتخابات القادمة.وفي الختام نقول انه من المعيب على الكتل السياسية التي تطالب بحكومة شراكة وتقوم بتغييب عنصر مهم من هذه الشراكة وتبتعد عن الوفاء بالتزاماتها لتشهد العملية السياسية في العراق تراجعاً خطيراً في دور المرأة التي بغيابها يغيب الطابع المدني والحضاري عن الحكومة الجديدة ما لم يتم تدارك الموقف في الوزارات المتبقية.
المرأة وإقرار الحكومة الجديدة
نشر في: 2 يناير, 2011: 05:15 م