الموصل - سيف الدين العبيدي

في خطوة فنية غير تقليدية تنبع من أزقة الموصل القديمة، أقام 14 رسامًا صغيرًا معرضًا للفن التشكيلي، ليعكسوا إبداعاتهم الفنية المستلهمة من المعالم التراثية لمدينتهم.
هذا المعرض، الذي يعد إنجازًا مهمًا للفن التشكيلي في الموصل، جاء كنتيجة لتدريبات مكثفة تلقاها الأطفال على يد الرسام أديب عربو، حيث أبدعوا في رسم إحدى القناطر التي تعد من رموز أم الربيعين.
هؤلاء الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عامًا، شاركوا في المعرض بحضور أهاليهم الذين دعموا مواهبهم بقوة. التدريب استمر لمدة شهر كامل، وتم تقسيمه على ثلاث محاضرات أسبوعية، استمرت كل منها ساعتين. رغم صعوبة التدريبات، خصوصًا بالنسبة لأطفال بهذا العمر، فإن النتائج جاءت مبهرة، حيث أظهر الأطفال مستوى احترافيًا عاليًا في لوحاتهم.
أوضح عربو في حديثه لـ(المدى) أن الفكرة بدأت بمبادرة من إحدى الأمهات التي رغبت في تعليم طفليها الرسم، ثم توسعت الفكرة ليشارك فيها 14 طفلًا. تم استئجار مكان في إحدى المدارس الأهلية لتوفير بيئة ملائمة بعيدًا عن حرارة الصيف. وأضاف عربو أنه ركز في تدريباته على تعليم الأطفال رسم معالم الموصل التراثية، بهدف ترسيخ حب التراث والمدينة في نفوسهم وإنتاج أعمال فنية تحمل معنى وتؤثر في النفوس.
ومن بين المعالم التي تعلم الأطفال رسمها، كانت إحدى القناطر الموصلية الشهيرة، حيث أقيم المعرض في المدينة القديمة بهدف لفت الانتباه إلى هذه المنطقة التي عانت من ويلات الحروب. أديب عربو أشار إلى أنه علم الأطفال تقنيات رسم الحجر في 12 ساعة فقط، وهي مهارة تستغرق أعوامًا لتعلمها في كليات الفنون. كما أوضح أن بعض الأطفال زاروا المدينة القديمة لأول مرة من خلال هذا المشروع، وسيتابع تدريبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع خطط لرسم معالم تراثية أخرى في المستقبل.
ديما حيدر، ذات الـ 8 سنوات، تحدثت لـ(المدى) عن تجربتها، قائلة إنها بدأت الرسم بعمر 5 سنوات وكانت تريد تطوير مهاراتها، لذا تدربت على يد أديب عربو. وأوضحت والدتها، مروة محمد، أن ديما كانت ترسم الشخصيات الكرتونية منذ عمر 4 سنوات بتشجيع منها، ولم تتوقع أن تصل ابنتها لهذا المستوى في رسم لوحة متكاملة عن القناطر. وأكدت على أهمية توجيه الأطفال نحو رسم معالم مدينتهم التراثية مثلما يفعل الرسامون الكبار، بدلاً من التركيز على الشخصيات الكرتونية أو المناظر الطبيعية فقط.