بغداد/ تميم الحسن
تضامن نواب مع دعوة نور زهير، المتهم الرئيسي بما يعرف بـ"سرقة القرن"، بتحويل محاكمته الى علنية، فيما وصف آخرون بان ظهوره العلني هو محاولة للضغط على القضاء.
وحتى الان لا يعرف بوجه التحديد، المبلغ الاجمالي لسرقة اموال امانات الضريبة، الذي فضح قبل عامين، او اسماء شركاء زهير وما بذمة الاخير ورفاقه.
واستفز ظهور زهير على احدى المحطات المحلية، العراقيين وهو يقدم نفسه ضحية "ابتزاز سياسي ومالي"، ومطالبا بمحاكمة علنية.
واتهم زهير مسؤولين رفيعين ونواب بتوظيف قضيته لمكاسب سياسية، وقال ان أحد الوزراء كان يطمح من تضخيم القصة ان يصبح رئيسا للوزراء!
وفي اخر تحديث لحجم الأموال المسروقة أعلن عن وجود 100 مليار دينار بحوزة متهم جديد، وهو رقم غير نهائي بحسب هيئة النزاهة، فيما ارتفع عدد المتهمين بالقضية الى 30 شخصا.
وأعلن لاول مرة عن تفاصيل "سرقة القرن" في حكومة مصطفى الكاظمي عام 2022، على خلفية اشتراك تحالف مؤلف من 5 شركات وهمية في سرقة وسحب مبلغ 3 تريليونات و750 مليار دينار من الأموال التي أودعتها كبرى شركات النفط في حساباتها الضريبية باستخدام أوراق وصكوك مزيفة.
من وجهة نظر المتهم
"أنا شخص كريم وميسور الحال ومعروفين في البصرة"، يقول زهير عن نفسه في الحوار التلفزيوني الاول له بعد اتهامه، ويضيف: "وأنا تاجر عملت مع والدي، ثم عملت مع وزارة التجارة والحكومة العراقية، وكنت آخذ عقود تجهيز بعض المواد التموينية، في 2006 و2007 و2008 و2009، ولدي أملاك وأراضي وبناية وكل ذلك معروف لدى الناس".
الموضوع من البداية، والكلام لزهير هو كالآتي، "جاءنا شخص إلى شركة الصيرفة الخاص بنا في الكرادة، وأراد بيع صك أجنبي وبدأنا التفاوض معه، ولم يكن الصك مزورا، بل صادراً من الدولة، بقيمة 33 – 34 مليار وعمولتنا 13 مليار من قيمة 34 مليار، أخذنا الصك إلى البنك وجاء به رفض، وقال لنا البنك تعالوا معنا إلى الدائرة الضريبية، حدث إشكال في صرف الصك".
ويتابع زهير الذي يجري الحوار في فندق فخم، يُعتقد انه في دبي: "ممثل الشركة الأجنبية (من أحضر الصك)، ذهب إلى المدير العام، وقال المدير إن هذا الصك صحيح لكن هذه الشركة الأجنبية عليها أن تفتح حسابا مصرفيا، لكي ينزل المبلغ في حسابها ثم تسحبونه أنتم منه، ونحن كنا قد دفعنا دفعة (إلى صاحب الصك) بـ5 مليارات دينار".
ويضيف: "قالوا لي بعد الضغط، إن القانون يجيز أن تتنازل الشركة لأجل شركتك، وهذا كان أفضل، ذهبنا إلى الضريبة وتم التنازل وسارت الإجراءات وحصلنا على الصك باسمنا، وقدمناه إلى المصرف، وصرفوه لنا. وسألنا مدير المصرف عن الصك قبل صرفه قال إن هذا الصك والمعاملات مدققة من هيئة النزاهة ولها كتاب من الهيئة، وليست فيها مشكلة".
وقال زهير: "وذكرت النزاهة في الكتاب أن الكتاب مدقق من الضرائب ولا مانع لدينا من صرف المبالغ".
بعد 10 أيام جاء نفس الشخص الذي أحضر الصك الأول، وفق مايسرده زهير بالحوار، وعرض صكا أكبر من الذي سبق، وتعهد بإحضار مدير الشركة، علما أن هذا الرجل (محاسب قانوني)".
ويتابع زهير: "طلبنا من الرجل أن يكمل جميع الإجراءات مع صاحب الشركة، ويتنازل عن الصك لصالح شركتنا، واتفقنا على أن أمنحه حصته بمجرد أن يتنازل عن الصك، وأنا سأتكفل بصرفه، وجاء بصكوك أرقامها كبيرة".
ويشرح زهير أن "أصحاب هذه الأموال هم شركات مختلفة، تضع أموالها لدى الدولة، وبعد أن تنهي مشاريعها التي تنفذها، تتحاسب مع الدولة، والدولة بطبيعة الحال تأخذ 5% من أموال هذه الشركات، تحسباً لوجود غرامات بذمة هذه الشركات، لذلك هذه الأموال ليست أموال دولة وإنما أموال شركات، وهذه الشركات نفذت مشاريعها وانتهت عقود عملها، حتى أن بعض الشركات أنهى عمله منذ 5 سنوات ولم يسترجعوا أموالهم".
ويوضح زهير أن "الشركات لا تذهب لسحب أموالها لأن الأمر يستغرق نحو عامين، وهناك من يسأل لماذا تمكن نور زهير من صرفها، فالحقيقة أن نور زهير لم يصرفها، بل حصل على الصك، وهو من قام بصرف الصك، وهناك من يسأل لماذا لم يذهب المدققون القانونيون للشركات بصرف الصكوك، فالواضح أن الدولة لا تملك هذه الأموال، وأنا أمنح الأموال وأنتظر أن تمنحني أموالي فيما بعد، على أن أبقى محتفظاً بالصك".
ويكشف زهير "أصبح من الروتين أن نصرف الصكوك للشركات، واعتقد أن عدد الصكوك وصل إلى 100 صك".
وكانت حكومة محمد السوداني، قالت نهاية 2022، عن ان السراق زوروا أكثر من 260 صكاً، وقدر خبراء اجمالي عقوبات السجن للمتورطين قد تصل لنحو 4 آلاف سنة.
عهد "كمبيز"
ويصف زهير ما حصل في مجمل قضيته بالتالي: "هناك من كذب الكذبة وصدقها هو وصدقها الناس، فلماذا ذهب علي علاوي (وزير المالية الاسبق) ولماذا جاء إحسان عبدالجبار (وزير النفط الاسبق وحل محل علاوي حين استقال الاخير)؟ وأول من كذب الكذبة هم النواب، وهي كذبة الأمانات الضريبية وليست سرقة".
ويتساءل زهير: "هل قمت بمهاجمة البنك وسرقت منه الأموال؟ بالتأكيد لا.. لكن أن تدقق النزاهة المعاملات وتعطي تأييد صرف، ثم تذهب إلى بنكي الرافدين والرشيد، ثم تصلني الأموال، فهذا يعني الكل مشترك بالجريمة؟".
ويؤكد زهير: "لم أكن أذهب وراء المعاملات كان هناك شخص يدعى (كمبيز) هو من كان يحضر الصكوك بعد أن ينجز المعاملات مع الشركات، والشركات كانت تتنازل عن الصك لصالحنا، وكنا نعطيهم أموالهم، ونقوم نحن فيما بعد بصرف الصك، وأعتقد أن إثارة قضيتي دائماً يحصل بهدف التغطية على قضية أخرى يتم تمريرها".
وقبل أكثر من 10 ايام، كشف رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون استعادة بعض المتهمين من أصحاب الشركات الضالعة في السرقة، بينهم قاسم محمد الذي كان يشغل منصب المدير المفوض لشركة "الحوت الأحدب" بعدما ألقي القبض عليه في إقليم كردستان.
وقالت الهيئة في مؤتمر صحفي، "حيث بلغت السرقات المسجلة باسمه (المتهم الجديد) 988 مليار دينار (نحو 7 ملايين دولار) مشيرا إلى أنها ليست أرقاما نهائية".
حفلة الابتزاز
وأشار زهير الذي ظهر يرتدي ساعة يعتقد ان ثمنها يفوق الـ2 مليار دينار، إلى أن "وزير الداخلية السابق عثمان الغانمي، أصدر أمراً باعتقاله دون مذكرة قبض وربما كان يريد أن يصبح رئيس وزراء من وراء قضيتي"، مشيراً إلى أن "وزير النفط السابق، إحسان عبد الجبار أثار القضية لأسباب مجهولة".
وبين أن "هناك وسيطاً مقرباً من إحسان عبد الجبار، طلب منه مبلغاً كبيراً".
وأكد زهير، أنه "تعرض للابتزاز من قبل نواب وقنوات فضائية وأحد مقدمي البرامج ابتزني مقابل 3 مليون دولار".
وشدد زهير بأنه "سأذهب للمحكمة يوم 27 آب الحالي، بدون أدنى شك للدفاع عن نفسي وسأكشف عن الكثير إذا صارت الجلسة علنية"، مبيناً أن "الأرقام التي يتحدث بها رئيس هيئة النزاهة غير حقيقية".
وقال "إن إثارة قضيتي بين فترة وأخرى"، وفقاً لزهير، "هدفها تمرير بعض المشاريع من قبل أطراف متعددة وبعض المسؤولين ومدير مؤسسة إعلامية مارسوا ابتزازا لاستغلال قضيتي".
وأكد زهير "إقامة دعاوى قضائية بالمحاكم الدولية ضد نواب ومسؤولين بالدولة وأشخاص قاموا بابتزازه".
بانتظار المحاكمة
عقب ظهور زهير، كتب ناشطون تغريدات بان مايجري هو مقدمة "لإعلان براءته"، ودعت النائبة سروة عبد الواحد في تدوينة على منصة "إكس" الى محاكمة زهير بشكل علني "ليطلع الرأي العام على أسماء عمالقة الفساد وشركائه".
واضافت عبد الواحد، انه "لم نستغرب حينما اتهم السارق نور زهير مسؤولين سابقين وحاليين وبعض النواب وبعض الإعلاميين بالابتزاز والشراكة بالسرقة، لأن هذا الأمر وفساد هؤلاء يعرفه حتى الطفل مع أول صرخة له بعد الولادة".
وقبل ظهور زهير، كان رئيس الحكومة أكد بانه "جرى تهريب نصف هذه الأموال خارج البلد" في اشارة الى اموال سرقة القرن، مؤكداً "مواصلة الجهود لاستعادتها".
ويقول علي تركي، النائب عن العصائب عن ظهور المتهم الرئيسي بالسرقة بأنها "مسرحية". واضاف في تصريح تلفزيوني: "يحاول زهير ان يضع على القضاء، لكن تبرئته مستحيلة".
وعن اشارات زهير حول ضغط النائب البصري مصطفى سند على موظفي الضرائب، قال الاخير في تغريدة انه "ذهب الى الضريبة حتى يطمئن الشهود الذين قمت (نور زهير) بتهديدهم".
نواب يدعمون فكرة تحويل "محاكمة زهير" إلى علنية لكشف كل المتورطين ويستبعدون البراءة
المتهم الرئيسي بـ"سرقة القرن" يتعهد بالحضور لجلسة الأسبوع المقبل
نشر في: 20 أغسطس, 2024: 12:10 ص