اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > المعرفة فـي طريق تحررها

المعرفة فـي طريق تحررها

نشر في: 3 يناير, 2011: 04:53 م

2-2ياسين طه حافظ كان خطاب التاريخ والدين، وما يزال على مدى واسع، شرحاً متواصلاً للعقيدة وتأكيداً على مزايا الأمة وافضلياتها متمثلة بالحاكم. وما وصلنا من خلال منظومة القيم الموروثة والمصطنعة لاحتياجات السلطة ملأ الرفوف بالمتكرّر وشروحه ومحاولات ردم الاختراقات وتسفيهها على مدى قرون. فلدينا الآن مخلفات، او نتائج، لتلك الجهود المتواصلة من الانحيازات العنصرية والعقائدية كما لدينا كم متراكم من الانحياز التربوي الساند للانحيازات الأولى او للستراتيج الرسمي.
قد تُفَسّر الظواهر بأنها طرائق أو مناهج تنظيمية، ولكن عمليات تنظيم الأفكار هي في الأساس عمليات انحيازية صنعَتها مصالح. لذلك لا أرى لنا حقاً أبداً في ادعاء الحرص على السلامة الفكرية أو التوجيه الثقافي. إننا مهما امتلكنا او اصطنعنا من مسوّغات نقع ضمن خط الدور الرقابي "الفاضل" من جهة و "الرذيل" المرفوض من جهة. ولا بد من القول: إن كل مضمون فكري او ثقافي لا تظهر حياديته ولا تظهر حقيقة صوابه، إلا بعد ان ينفصل عن الظروف التي عملت على إيجاده. أما ضمن الظروف فنحن ضمن قوى الانحياز ولا حيادية الرؤية.اننا اليوم نعيد الجدل في سلوكنا الفكري والأخلاقي بهدف تحرير إنسانيتنا مما لحق بها من وحول التخلف وما تركته الطرق المظلمة والشائكة التي سلكتها المجتمعات البشرية، فانتهت جهودها إلى انساق نفعية نبذل الآن جهوداً جديدة للخلاص منها.1. مشكلتنا في العصر الحديث، عصر الطباعة الواسعة والاتصالات، ان بعض المعارف التدوينية ظلت تنجز خارج الإطار العلمي. اعني هنا الكتابات الأدبية والتاريخية والسير والأفكار. وهي تتم على أيدي أحياء، لكن خارج المختبر والتحليل العلمي. ولهذا نحن نعاني من ذلك الشق المعرفي اللاعلمي، أي الإنشائي. ما يحصل، خارج العلم، من انحياز او تبن لا يصمد أمام حقائق علمية آنية ومتزايدة. المشروع العلمي فرض طوقا ثم اقتحاماً لآليات تلك الأعمال ونتائجها. لم يعد القول وحده، مشاهدة او رواية او تفذلكاً، يشكل حكماً مقبولا، وان كان مفروضاً. نعم، صارت للتفكير العلمي والإجراءات العلمية، القوة الحاسمة على كشف الزيف وصار العلم يوفر بنية معرفية سليمة. والخطأ العلمي لا يصلحه أو يزيحه إلا علم. هذه خطوة هائلة إلى أمام .. ولكن المصادر التاريخية  الانشائيات، مروية او مبتدعة، يمكن ان تستمر زمناً آخر مراجع. وقد تكون هناك معرفة مفترضة أمام التطلعات الجديدة للعصر، وهي ما يربك مفهوم المعرفة أصلاً. وهذا أمر معروف. نحن مؤقتا، في زمن الحيرة التي واجهت سقراط، إذ يقول عن مفهوم المعرفة : ان هذا السؤال يحيره وهو يسقط الأمثلة التي أوردها "ثياتيتوس" على أساس ان أمثلة عن (س) لا تكفي لتعريفه، ذلك انها تستلزم معرفتك السابقة به.. لكننا في الانشائيات نعتمد أنموذجاً بوصفه معرفة آنية ومعرفة سابقة في آن، لم يكتمل الفصل بعد. ولذلك يبدو إننا في هذه المرحلة لا نمتلك معرفة حقيقية، نحن نمتلك أمثلة لا احد متأكد من سلامتها. الحياد معدوم حتى الان. عن ذلك كله يمتاز العلم. هو محايد. استذكر قولاً لماركس: "لو ان الطاحونة البخارية تعطي مجتمعا فيه "مدير" صناعي لكان اقرب للحقيقة" لكن المدير حتى الان انسان يحمل إرثاً في جوهره وهو ما يزال يبعد الانحياز وصولاً لاستكمال صوابه أو حقيقته. فإذا ما ظل هناك دور رقابي على العلم، فهو يأتي من خارجه وبأدوات إنشائية من تلك التي نسعى للتحرر منها.2. فضلاً عن تدخل "الاجتماعي" والروح "العلمية" في البحث والتحليل يتمتع العصر بـ "النشر"  المختلف والمتعدد للمعلومة والصورة والكشوفات الآثارية والكتب النظرية والسير والمذكرات والتحقيقات الصحفية والكشف المباشر لما يجري من أفكار وإجراءات ويسجلها وثائق محمولة."دور النشر" مكنت من رؤية جوانب مختلفة للقضايا الفكرية والأزمات والأحداث وما وراء القرارات. ان أحداً لا يستطيع بعد ان يحكم الطوق على الرؤية المخالفة وان يحجب تماما المعلومة او الفكرة او الحدث او الرأي في العقائد وأنظمة الحكم والتاريخ وسياسات الدول ومنظومات الحكام . صحيح ان الحَجْب والقمع ما يزالان يُمارسان على نطاق واسع لكنهما ما عادا يستطيعان حجب الحقائق والأفكار والرؤى المختلفة على نطاق واسع! بعد تدخل "الاجتماعي" في فهم النص او الظاهرة، وبعد تقدم "العلمية" في الدرس والاستنتاج، وبعد النضج العقلي لقطاعات واسعة من البشرية المتحضرة، وبدايات النزوع إلى "المعرفة الخالصة" والابتعاد عن "الانحياز" (ومن ثم انكسار بعض الأدوات الرقابية) وحدوث تشققات مهمة في الأطواق المفروضة، صرنا على وشك الوصول إلى إنسانية نظيفة متوازنة عاطفياً متوازنة عقلياً. ان الدور الأعظم المُعَوّلَ عليه في تحقيق ذلك هو الدور بالغ الأهمية الذي تقوم به "مؤسسات النشر" المختلفة والنشر "المنوَّع" لمختلف حقول المعرفة من الصورة إلى النظرية إلى البيانات والحروب، أسلحتها وأسبابها، وكشوفات الآثار والجرائم والسياسات قديمةً وجديدة. ان أحداً لا يستطيع بعد ان يحدد الفهم او التصور ولا يستطيع ان يحدد موضوعات معينة للمتابعة واذا ظل يحجب بعضاً منها، فهذا الحجب لن يكون كاملاًِ، فما يحجب في مكان يُكْشَف في مكان آخر. وحتى إذا مورس الحجب على

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram