ميسان / مهدي الساعدي

تتصدر محافظة ميسان العراقية قائمة مدن العالم في ارتفاع درجات الحرارة، وفقًا لتقارير ومختصين في الجغرافيا. وقد عزا الخبراء هذه الظاهرة إلى مجموعة من الأسباب البيئية والبشرية التي ساهمت في تصاعد الحرارة في المنطقة.
أوضح الدكتور ضياء سعيد، مختص في الجغرافيا، لـ(المدى) أن “قلة المياه السطحية وانحسار المساحات الخضراء وتحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية من أبرز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع معدلات درجات الحرارة في ميسان، مشيرًا إلى أن مناخ المحافظة جزء من منظومة مناخية متكاملة في الشرق الأوسط، التي تعاني بدورها من تسخين بالغلاف الجوي".
في تقرير إعلامي عام 2017، كشفت (المدى) عن عمليات تجريف منظم تعرضت لها بساتين النخيل في مدينة العمارة، حيث تم تحويلها إلى أراضٍ سكنية. وحذر التقرير من أن تجريف الأراضي الزراعية بعد عام 2003، دون اتخاذ إجراءات إدارية رادعة، ينذر بكارثة بيئية للمحافظة.
شهدت ميسان جفافًا واسعًا في مساحات مائية كبيرة بالأهوار الوسطى والجنوبية، مما أدى إلى انحسارها تدريجيًا، كما أوضح الخبير البيئي أحمد صالح نعمة. وأضاف أن موجات الجفاف التي ضربت المحافظة منذ عام 2017 وحتى عام 2024، أسفرت عن أضرار كبيرة، منها نزوح العديد من العائلات.
سجلت ميسان مرارًا تصدرها قائمة المدن الأكثر حرارة في العالم، حيث تجاوزت درجات الحرارة في المحافظة نصف درجة الغليان في شهر حزيران الماضي. وأشار أستاذ الجغرافيا الطبيعية في ميسان، مناف جبار، إلى أن عدم استغلال الأراضي الواسعة للزراعة والتشجير، وعدم اتباع سياسة مائية فعالة، ساهم في زيادة معدلات الحرارة.
أضاف جبار أن “ازدياد استخدام الأسفلت والمباني الكونكريتية، وصعوبة فقدانها للحرارة، بالإضافة إلى الانبعاثات الناتجة عن المعامل والمصافي والمؤسسات النفطية، تساهم في رفع درجات حرارة الهواء الملامس في ميسان.”
يشعر كبار السن في ميسان بتغير كبير في شدة الحر خلال فصل الصيف، مقارنة بالسنوات الماضية. يقول الحاج أبو محمد، أحد أبناء مدينة العمارة، لـ(المدى): “كنا نواجه الصيف بأدوات بسيطة دون أجهزة تكييف، لكن الحر في السنوات الأخيرة أصبح لا يُطاق، مما أدى إلى تغير عادات السكان.”
في حزيران 2019، أكدت مواقع خبرية عالمية أن محافظة ميسان سجلت رقمًا قياسيًا جديدًا بأعلى درجة حرارة على وجه الأرض، حيث بلغت 55.6 درجة مئوية. وتُعد هذه الدرجة الأعلى في قارة آسيا عبر التاريخ، ما يجعل ميسان تتصدر قائمة المدن الأكثر حرارة في العالم.
تشير هذه الظواهر إلى تأثيرات بيئية خطيرة وتغيرات مناخية في ميسان، مما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية البيئة والحد من تفاقم أزمة ارتفاع درجات الحرارة.