TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: فاصل ونواصل

نشر في: 22 أغسطس, 2024: 12:06 ص

 علي حسين

يقول دريد لحام في مسلسل سنعود بعد قليل لأحد أصدقائه القدامى: "لا تهتم للمصائب. تعودنا على قبول كل شيء"، تذكرت هذه الجملة وأنا أرى حالة التلبد التي أصابت البرلمان خلال الأشهر الماضية.. لم يعد مهماً كم عدد القوانين المؤجلة ، ولا حجم الفشل الذي أصبح مؤخراً موضوعاً يمكن أن يناقش في البرلمان، حيث قرر استنهاض كل قواهم في سبيل تعديل قانون الأحوال الشخصية.. فماذا يعني التدهور في الخدمات وغياب الكهرباء ، ما دام البرلمان – مشكوراً – يؤمن أن إقرار تعديلات قانون الأحوال الشخصية سترفع من مكانة العراق بين البلدان وستضعنا في مصاف الدولة المتقدمة ننافس الصين بالتجارة واليابان في الصناعة ونتفوق على سنغافورة في.. ومع هذا الأمر لا يحتاج إلى عجالة في مناقشة القوانين الأخرى .. ما دام هناك فاصل من الراحة لنوابنا الأعزاء يعودون بعده أكثر حيوية ونشاطاً في مناقشة أحقية النائب بزيادة راتبه ومخصصاته والمصفحة التي تحافظ على حياته التي هي ثروة لا يجوز التفريط بها.
يريد أن يقول لنا مجلس النواب، أن نقول كل القوانين غير مهمة ، وأن الأزمة فقط في عدم الاتفاق على تعديل قانون الأحوال الشخصية .. أما قرار زيادة الرواتب فقد مر داخل قبة البرلمان مثل النسيم. فالمسألة هنا ليست في القوانين التي تساعد المواطن ، بل سمعة العراق التي يمكن أن تهبط إلى الحضيض لو لم يصدر لدينا قانون يختص بالزواج ويحرم الأم من حضانة أبنائها .. ويستكثر عليها أن تأخذ نفقة ويساعد الرجل على استعراض ذكوريته بالزواج بأكثر من واحدة .
في كتابه "روح الثورات" يخبرنا المؤرخ غوستاف لوبون أن أكثرية أعضاء مجالس الثورة الفرنسية كانوا مطبوعين على اللامبالاة، محايدين وهم يرون المقاصل تعمل بأقصى سرعتها.. كان شعارهم "مادامت المقصلة بعيدة عن رقبتي فالبلاد تسير على الطريق الصحيح".
فيا أيها المواطن المبتلى بمسلسل سنعود بعد قليل.. كنت تأمل أن تعيش في دولة للقانون يتساوى الجميع أمامها، فإذا أنت أمام دولة لها أكثر من قانون يشجع جرائم النصب والاحتيال واستغلال المنصب وترهيب الناس ومطاردتهم حتى آخر مقهى.
أيها المواطن: ستظل مخدوعاً حين تتصور أن الديمقراطية قدمت إليك ساسة يسعون إلى بناء مؤسسات حديثة، وسيبدعون في الإعمار وإدارة شؤون البلاد أكثر من إبداعهم في فنون السرقة واللعب على الحبال.
يضع المفكر الإيراني الراحل علي شريعتى يده على نقطة مهمة تفضح "ساسة سنعود بعد قليل"، فهؤلاء دائماً ما يطمحون إلى أن ينأوا بأنفسهم عن الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram